وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض يدعو الى توقف سياسة المعايير المزدوجة في التعامل مع الاحتلال

نشر بتاريخ: 22/04/2009 ( آخر تحديث: 22/04/2009 الساعة: 14:07 )
رام الله- معا- دعا د. سلام فياض، رئيس مجلس الوزراء في كلمة له في مؤتمر بلعين الرابع للمقاومة السلمية اليوم الاربعاء الى توقف سياسة المعايير المزدوجة في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي وسياساته.

كما دعا د.فياض الأطراف الدولية أن تترجم مصداقية مواقفها بخطوات عملية ملموسة قادرة على إلزام الحكومة الإسرائيلية بوقف الاستيطان، والتقيد بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وأسس إمكانية صنع السلام في هذه المنطقة، والتنفيذ الكامل للاتفاقيات السابقة، والانتقال إلى مفاوضات جدية وفق جدول زمني محدد بهدف تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وجوهرها إنهاء الاحتلال، لا التفاوض حولها.

وثمن د. فياض جهود اللجان الشعبية لمقاومة الجدار ومعها المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني وكافة الجهات والأطر والحملات الشعبية والوطنية للدفاع عن الأرض،داعيا الى توحيد استراتيجية عملها وتكاملها وتوسيع نطاقها، وبما يحافظ في نفس الوقت على المبادرات المحلية، ويساهم في تعميم التجارب والنماذح الناجحة التي تحققت في العديد من المناطق بمضامينها التعاونية والتطوعية.


وفيما يلي نص كلمة رئيس الوزراء:


الأخوات والأخوة أهالي بلعين... رمز الصمود والمقاومة في مواجهة الجدار والزحف الاستيطاني ....
بنات وأبناء شعبنا ..
حماة المشروع الوطني.. صنّاع الحرية وبناة الدولة المستقلة
الأخوات والأخوة .. نشطاء اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان
الأخوات والأخوة .. ممثلو القوى السياسية والمجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني
السيدات والسادة أعضاء الوفود الدولية لمؤتمر بلعين الرابع.. وممثلو لجان التضامن الدولي مع بلعين وشعبنا الفلسطيني...
الحضور الكرام جميعاً مع حفظ الألقاب

اسمحوا لي في البداية، أن أنقل لكم تحيات الأخ الرئيس أبو مازن، وتقديره العالي للنموذج الوطني الذي تقدمونه في الدفاع عن أرضكم وحقوق شعبنا، وتمنياته لمؤتمركم هذا بالنجاح في استخلاص التجارب الناجحة وتعميمها، وإيصال صوت شعبنا ورسالته إلى كل أنحاء المعمورة، بأن هذه أرضنا وسندافع عنها وسنظل عليها صامدين.

واسمحوا لي كذلك، أن أنقل إلى كل أهالي بلعين، والى شعبنا الفلسطيني العزاء باستشهاد المناضل بسام أبو رحمه، الذي استهدفته قوات الاحتلال في مسيرة بلعين السلمية يوم الجمعة الماضي، وأن أجدد أمامكم ولكل العالم إدانة السلطة الوطنية واستنكارها لهذا العمل الإجرامي، الذي أقدم عليه جنود الاحتلال، وأن أجدد كذلك مطالبة السلطة الوطنية لكافة أطراف المجتمع الدولي بضرورة محاسبة إسرائيل على هذه الأعمال التي تستهدف في الواقع اغتيال تجربة بلعين للمقاومة السلمية، وجر أهلها إلى دوامة العنف التي تتغذى منها سياسة الاستيطان والتوسع على حساب شعبنا وأرضه وحقوقه الوطنية، كما عرفتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في الحرية وتقرير المصير والعودة.

نعم أيها الأخوة والأخوات: لقد كان قتل باسم محاولة لاغتيال إرادة الصمود والمبادرات السلمية، ورسالة الحق والعدل والسلام التي تعلي صوتها مسيرات بلعين الأسبوعية في مواجهة الجدار ومصادرة الأراضي ومخططات الاستيطان، بل واغتيال الجهود الدولية التي تبذل لإنقاذ فرص السلام، وإمكانية تحقيق التسوية السياسية العادلة. ورغم ذلك، فإننا على ثقة بأن وعي أهالي بلعين، وكل اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، لن يسمح لهم باغتيال وتقويض هذه التجربة الكفاحية في المقاومة السلمية، وأن إرادة شعبنا نحو تحقيق الحرية والاستقلال وحماية مستقبل أبنائنا وحقهم في العيش بسلام وكرامة، لن يرهبها القتل، ولن تتراجع، وأن صلابة أهالي بلعين في مواجهة الجرافات ستستمر ولن تضعف أو تستكين. كما وأن إصرار شعبنا على بناء مستقبله في دولة مستقلة،... دولة يفخر بها كل أبنائها، لا يمكن أن تزعزعها البلدوزرات ولا همجية الاستيطان، ولا أعمال القتل والتنكيل.

فما تقدمونه أيها الأخوات والأخوة من نموذج، إنما يمثل رواية شعب مصمم على التمسك بأرضه، وعدالة قضيته، وكفاحه المشروع الذي يُمكِّن من استعادة تجنيد وحشد الدعم الدولي لحقوقه الوطنية، بل والتأثير على الرأي العام، بما في ذلك داخل إسرائيل نفسها.

الأخـوات والأخـوة

يأتي انعقاد مؤتمر بلعين للمقاومة الشعبية السلمية في ظل تصعيد الممارسات الإسرائيلية الاستيطانية بحق أرضنا وشعبنا، حيث يستمر العمل في إقامة الجدار وتتواصل الأنشطة الاستيطانية القائمة على مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وبناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية، وخاصةً في مدينة القدس المحتلة، والتي تتعرض هذه الأيام لهجمة استيطانية غير مسبوقة تترافق معها عمليات هدم منازل المواطنين، والتضييق عليهم، وخنق سبل حياتهم، بهدف تفريغ المدينة من سكانها الأصليين وعزلها عن محيطها الفلسطيني، بالإضافة إلى الإصرار على تنفيذ مشروع E1 في تحدٍ صارخ لإرادة المجتمع الدولي، ولكل القوانين والقرارات الدولية، بهدف فرض وقائع جديدة، في محاولة لقطع الطريق أمام أية إمكانية لتسوية سياسية عادلة، تمكن شعبنا من الخلاص من الاحتلال، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 67. كما تتواصل أعمال تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال الحواجز التي يزيد عددها عن ستمائة حاجز، إضافةً إلى أوامر الإغلاق والمصادرات العسكرية، وهدم البيوت ونهب المياه. هذا عدا عن الحصار الظالم المفروض على شعبنا، وخاصةً في قطاع غزة، وأعمال العدوان والاجتياحات ومسلسل الاعتقالات في مختلف المناطق الفلسطينية.

أمام هذه الممارسات التعسفية والقمعية، فإن من حق شعبنا، بل واجبه الوطني، التعبير عن رفضه للاحتلال وممارساته، وحماية أرضه وحقه في الحياة والحرية، والعيش بأمن وسلام وكرامة، أسوةً ببقية شعوب العالم.

وهنا فإنني أجدد التأكيد على مواقف السلطة الوطنية وسياستها الداعمة لكافة المبادرات الجماهيرية التي تقودها لجان الدفاع عن الأرض، وعلى أن السلطة الوطنية ستواصل وتكثف دعمها لصمود شعبنا، وتوفير مقومات الحياة التي تمكنه من الثبات على أرضه. فهذا واجبنا، بل ومبرر وجود السلطة الوطنية، وهي تسير مع شعبها نحو الحرية و الخلاص من الاحتلال والاستيطان، وبناء دولتنا الحرة المستقلة كاملة السيادة.

الأخـوات والأخـوة

عندما نتحدث عن ذلك هنا في بلعين، كما تحدثنا عنه قبل أيام في نحالين، وحوسان، وبتير ، والخضر، والمعصرة، وطوباس، وكردلا، وبردلا، والأغوار، فإننا نتحدث عن تضحيات شعبنا في كل مدينة ومخيم وقرية وخربة، بل وفي كل شبر من أرض بلادنا، ومع أبناء شعبنا الذين يناضلون يومياُ لإبراز إرادة الحياة في مواجهة الموت...، إرادة البناء في مواجهة الهدم والتدمير ...، إرادة الصمود في مواجهة الاقتلاع والتهجير...، إرادة البقاء والثبات على الأرض في مواجهة مخططات الاحتلال والاستيطان والمصادرة والجدار.


عندما نتحدث هنا في بلعين، فإننا نتحدث عن حكايات البطولة والصمود التي يعيشها ويسطرها الأبطال الحقيقيون، والذين يشكلون شوكة في حلق الاحتلال وسياساته الاستيطانية في عزون عتمة الصامدة بأهلها وزيتونها رغم عتمة الجدار وظلمه. وستظل أصغر زيتونة في بلادنا أكثر تجذراً من الجدار، ومن أكبر مستوطنة تقتل حياة ومستقبل أبنائنا. كما هو زيتون بلعين ونعلين وقرى اللطرون، وبيت سوريك والنبي صمويل، والجيب، وبدو، والعيسوية، وأبو ديس. وعندما نتحدث عن هذه القرى والبلدات في ريف فلسطين، فإننا نفخر بعشرات المبادرات ولجان الدفاع عن الأرض، وصمود أهلها في العقبة ومسحة، وسلفيت ودير بلوط والجفتلك والحديدية، وكل القرى والخرب والمضارب في الأغوار التي لن تكون كما أكدنا دوماً إلا جزءاً لا يتجزأ من أرضنا وفي حدود دولتنا المستقلة. تماماً كما نتحدث باعنزاز عن صمود أهالي أماتين، ومردا، والزاوية، وفرعون، ودير الغصون، وقفين، والنزلات، وما يسطره أهالي ريف بيت لحم، والخليل، ونابلس وفي أم سلمونة، ووادي فوكين، والخضر، وبتير، ونحالين، ومسافر يطا، وعرب الرشايدة، وتقوع، والعبيدية، وجناته، وكيسان، وزعترة، وبيت تعمر، والخاص والنعمان، ودار صلاح، وبيت أمر، وجيوس، والظاهرية، كما هو صمود أهالي قلقيلية وطولكرم وطوباس، وأريحا، وجباليا، وبيت لاهيا، وبيت حانون، وغزة، وخانيونس ودير البلح، ورفح، وعبسان، وبني سهيلا، ورام الله، والبيرة، ويعبد، وقباطية وجنين، وسلوان، والشيخ جراح، وبيت حنينا، والرام، والبلدة القديمة في القدس، وكل شبر من مدينة القدس المحتلة التي لن تكون إلا عاصمةً أبديةً لدولة فلسطين المستقلة، بل عاصمة العواصم وزهرة المدائن.

نعم أيها الأخوات والإخوة، إننا هنا في بلعين نتحدث عن صمود كل مدينة وقرية ومخيم وخربة في وطننا، حيث يسطر شعبنا بصموده، ورفضه للجدار والاستيطان والحصار والعدوان إصراره على الخلاص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال والعيش بكرامة وازدهار.




الأخـوات والأخـوة

يأتي انعقاد مؤتمركم هذا في وقت تدير فيه الحكومة الإسرائيلية ظهرها لإرادة وجهود المجتمع الدولي، ولكافة الاتفاقيات والتفاهمات السابقة، وتقرن هذا الأمر بمواصلة الأعمال الاستيطانية والاجتياحات في تحد صارخ للقانون الدولي وإمكانية صنع السلام على أساس حل الدولتين على حدود عام 67، الأمر الذي يضع المنطقة برمتها أمام مخاطر جدية ومصير مجهول.

وهنا، وأمام هذه المخاطر، يحق لشعبنا أن يتساءل...إلى متى ستستمر سياسية الكيل بمكيالين؟؟ وكيف لشعبنا أن يستعيد ثقته بالعملية السياسية وبمصداقية المجتمع الدولي إن لم يتحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية، ويتخذ مواقف عملية ملموسة تلزم إسرائيل بوقف الاستيطان والاجتياحات والاعتقالات... نعم لقد آن الأوان للتوقف عن سياسة المعايير المزدوجة في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي وسياساته. وعلى الأطراف الدولية أن تترجم مصداقية مواقفها بخطوات عملية ملموسة قادرة على إلزام الحكومة الإسرائيلية بوقف الاستيطان، والتقيد بقواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وأسس إمكانية صنع السلام في هذه المنطقة، والتنفيذ الكامل للاتفاقيات السابقة، والانتقال إلى مفاوضات جدية وفق جدول زمني محدد بهدف تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وجوهرها إنهاء الاحتلال، لا التفاوض حولها.

وإذا كان لتلك الجهود الدولية أن تؤتي ثمارها المطلوبة في هذا الاتجاه، فقد آن الأوان للإدارة الأمريكية وباقي أطراف الرباعية أن يتخذوا إجراءات عملية تضمن امتثال إسرائيل لإرادة المجتمع الدولي بدءاً بالوقف الشامل للاستيطان وفق مفهوم ميتشيل، ووقف الاجتياحات الاسرائيلية، ورفع الحصار عن شعبنا. وإذا كان لمؤتمر موسكو أن ينجح في تحقيق انطلاقة نحو تجديد مصداقية عملية السلام وانجاز أهدافها، فإن هذا يشترط التنفيذ المسبق من جانب اسرائيل لهذه الالتزامات كما حددتها خطة خارطة الطريق، واتفاقية العبور والحركة لعام 2005. فشعبنا الفلسطيني يتوقع من المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته الكاملة لإنقاذ مصير حل الدولتين، وهو يتساءل هل هناك طريق آخر لحماية ذلك سوى طريق الوقف الكامل للأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية؟ فأين ستقوم الدولة الفلسطينية، مفتاح الحل والسلام، إذا لم تلتزم إسرائيل بوقف الاستيطان، وإزالة وليس توسيع ما يسمى بالبؤر الاستيطانية؟ .. ماذا يعني حل الدولتين إن لم يتوقف الاستيطان وتتم إزالة الجدار؟؟ هل يعتقدون أن شعبنا سيقبل بالأمر الواقع الذي تفرضه اسرائيل من خلال ما يسمى "بدولة الجدار"؟

على إسرائيل أن تعلم أن شعبنا تعلم الدرس، وبلعين وكل القرى والخرب في أرياف فلسطين تسجل اليوم هذا الصمود، ولن تدفعها سياسة الاستيطان وفرض الوقائع بالقوة للرحيل عن أرض وطننا الذي لا وطن لنا سواه. وعلى المجتمع الإسرائيلي أن يدرك أن قيادته التي جربت كل وسائل فرض الحلول العسكرية والاستيطانية، لم يبق أمامها سوى الالتزام بحل يقوم على التسوية السياسية، كما حددتها المبادرة العربية للسلام المستندة لقرارات الشرعية والقانون الدوليين، والقائمة على إنهاء الاحتلال والتخلص من تبعاته في إطار سلام دائم يوفر العدل والأمن والاستقرار والازدهار لشعبينا في دولتين متجاورتين على حدود 67.. هذا هو الطريق نحو السلام والأمن ولا طريق سواه. هذا هو الطريق الذي ضحى شعبنا من أجله، وحمل راية قيادته الرئيس الراحل أبو عمار لتحقيق سلام الشجعان.

الأخـوات والأخـوة

إذا كان لنا أن نكون فاعلين في هذه المعادلة، وللوصول إلى حل يضمن لنا تحقيق أهدافنا الوطنية، فإنه من الواجب علينا أن نضع حداً لمحاولات اسرائيل التشكيك في موقفنا، أو في جدارة شعبنا بحقوقه. وحتى أكون أكثر صراحة، فإن ما نحن بحاجة إليه يتطلب ترجمة هذا الموقف في إطار إجماع وطني تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، وبرنامجها الوطني،... برنامج الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967، الأمر الذي يشكل أساساً صالحاً ومتيناً لإنهاء حالة الانقسام والانفصال المدمرة، والقبول بوحدانية السلطة الوطنية بيتاً للجميع. إن تحقيق هذا الأمر سيمكننا من وضع العالم برمته أمام ضرورة تحمل مسؤولياته، وسيوفر على شعبنا المزيد من ويلات الانقسام واستثمار اسرائيل له، من خلال الاستفراد بشعبنا في قطاع غزة، كما الاستفراد بالضفة الغربية، وتحويلها إلى مشاع لسياساتها الاستيطانية والأمنية.

ومن هذا المنطلق فإن السلطة الوطنية ومن موقع حرصها على المشروع الوطني ستظل مخلصة لكل جهود انهاء الانقسام، وإعادة الوحدة للوطن للنهوض بطاقات شعبنا في مواجهة الهم الأكبر المتمثل بالاحتلال. وهي في نفس الوقت لن تسمح بأن يظل شعبنا ومشروعه الوطني رهينة لأي أجندات تتعارض مع مصالحه الوطنية. وستستمر السلطة الوطنية، وتحت كل الظروف، في تحمل مسؤولياتها الوطنية لرعاية مصالح شعبنا وتوفير الخدمات الأساسية له، وخاصة لأبناءشعبنا في قطاع غزة الذين يعانون من ويلات العدوان والحصار والانقسام والانقلاب. وأمام هذه المخاطر لم تعد هناك إمكانية لشعبنا أن يحتمل المزيد من الجدل المطلق والمجرد، والذي لن يقدم، وكما أكدت في أكثر من مناسبة، حلولاً لما يواجهه شعبنا من مخاطر وصعوبات. فماذا يقدم هذا الجدل لمزارع تتعرض أرضه للمصادرة، أو يمنعه الجدار من الوصول لأرضه، أو لمريض تفتك الحواجز بحياته، أو لطفلة يحول الجدار وبواباته دون الوصول لمدرستها، ومرة أخرى والأهم ماذا يقدم هذا الجدل لآلاف العائلات التي ما زالت تقف على أطلال منازلها ومصادر رزقها المدمرة في جباليا، والعطاطرة، وحي الزيتون، وحي التفاح، وبيت حانون، ورفح، وفي كل منطقة دمر العدوان مساكن أهلها ومصادر رزقهم.

الأخـوات والأخـوة

إن حق شعبنا في التمسك بأرضه والدفاع عنها هو حق مقدس، بل واجب وطني. كما أن مد يد العون لتوفير الدعم والمساندة والحياة الكريمة والآمنة ورعاية مصالح شعبنا هو واجب السلطة الوطنية ومبرر وجودها. واذا كان للسلطة الوطنية ولمجمل الحركة الوطنية أن تستخلص درساً من تجربة بلعين، وأن تعمق رؤيتها وتطور واجباتها تجاه شعبنا، فإن هذا الدرس يتمثل أساساً في العمل على تعزيز قدرة شعبنا على الصمود والنهوض بالمشروع الوطني، والذي تمثل الأرض ركيزته الأساسية.

واسمحوا لي هنا أن أؤكد لكم أن أساس توجهات وبرنامج السلطة الوطنية يستند إلى هذه الرؤية والعمل على ترسيخها في كافة المجالات. ونحن نرى أن المربع الأول لكفاح شعبنا من أجل انهاء الاحتلال ودحر سياسته الاستيطانية يتمثل في تحقيق المزيد من متطلبات الصمود، وتوفير القدرة على استمرار وضع قضيتنا العادلة على جدول أعمال الاهتمام الدولي من أجل نيل حقوقنا، وتفويت الفرصة على كل من يسعى لتشويه عدالة قضيتنا، أو الانتقاص من حقوق شعبنا الوطنية.

إن هذه الاستراتيجية التي تمثلت في خطة الاصلاح والتنمية للأعوام "2008-2010" ، شكلت منطلقاً لعمل الحكومة وخطتها لاستعادة وفرض الأمن. فشعب يمتلك أمناً يحمي ظهره واستقراره، سيكون أكثر قدرة على مواجهة الاستيطان والجدار. وشعب يتمتع بالاستقرار سيتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة، كما أن الحد من البطالة والفقر سيمكن شعبنا من الثبات، ويمنحه المزيد من الثقة بالمستقبل. وكذلك، فإن سلطة تعمل على توفير الفرص المتكافئة وتحقيق العدالة ومنع أخذ القانون باليد، وتوقف هدر المال العام، وتحارب الفساد، وتعمل على النهوض بالمؤسسات وتقويتها، وتطوير قدرتها على خدمة المواطنين، وتلبية احتياجاتهم، ورعاية مصالحم، ستعطي الأمل لشعبنا، وتعيد له ثقته بمشروعه الوطني، وتفشل كل مغامرات الانقسام والانفصال.

ان ما تحققه السلطة الوطنية، أيها الأخوات والأخوة، لم يكن ليتحقق لولا وعي شعبنا وإدراكه لمصالحه، والتفافه حول السلطة الوطنية ومشروعنا الوطني، وكذلك لولا حاجته الماسة للأمن بديلاً عن الفوضى،... وللاصلاح بديلاً عن الفساد،... ومشاريع التنمية المجتمعية ودعم الصمود بديلاً عن المرض والجهل والتجهيل والتخلف،... والانفتاح على العالم مسلحين بتجربة بلعين وصمودها وكل المبادرات الجماهيرية، وبعدالة قضيتنا، وثقة شعبنا بانتصار مشروعه الوطني، بديلاً عن الانغلاق والعزلة.

هذا هو طريق حماية المشروع الوطني وليس الفئوية الحزبية الضيقة،... هذا هو طريق تعزيز الصمود والثقة بالمستقبل وليس زرع الانقسام والاحباط،... هذا هو طريق النصر، وبناء الدولة المستقلة كاملة السيادة... دولة القانون وحكم المؤسسات والفصل بين السلطات وحماية التعددية السياسية في إطار السلطة الواحدة نحو الدولة التي يفخر بها كل أبنائها، ويعتزون بالولاء والانتماء لها.

الأخـوات والأخـوة،

إن سلطتكم الوطنية تنظر بأهمية قصوى وتقدير كبير للعمل الشعبي الذي تقومون به، وترى فيه فعلاً مكملاً لاستراتيجية عملها. وإن برنامج الألف مشروع لدعم الصمود والتنمية المجتمعية، وخاصة في المناطق الريفية والمهمشة والمهددة من خطر الاستيطان والجدار، والذي تجاوز هذا العدد، سيظل يشكل الأولوية لعمل السلطة الوطنية. وإن آلية المشاركة المجتمعية النابعة من مضمون العمل الشعبي الجماعي في تحديد الأولويات لاحتياجات المواطنين وتعزيز قدرتهم على الصمود، وخدمة كفاحهم الجماهيري، ومقاومتهم السلمية، تعبر عن تحول ملموس وقفزة نوعية في وسائل المشاركة الديمقراطية في آليات صنع القرار. وهنا فإنني أدعوكم للمزيد من المشاركة في بلورة احتياجاتكم من هذه المشاريع وفق الآليات التي تقررونها، حتى تتمكن السلطة الوطنية ومؤسساتها من التعامل معها ومتابعة تنفيذها. وهذه ليست مجرد وعود، بل باتت اليوم حقيقة راسخة تلمسها أرياف فلسطين وخاصة المناطق المهمشة والمهددة، والأكثر تضرراً من الجدار والاستيطان. لا بل إن هذا الأمر يشكل ركيزة أساسية لخطة عمل السلطة الوطنية، بالاضافة إلى توفير الأمن لمواطنينا وبناء المؤسسات القادرة على تقديم الخدمات الأفضل لشعبنا ورعاية مصالحه.

ان النجاح في افشال الهجمة الاستيطانية يتطلب تحقيق المزيد من التكامل بين الجهدين الرسمي والشعبي. وفي هذا المجال، فاننا في الوقت الذي نحيي فيه جهود اللجان الشعبية لمقاومة الجدار ومعها المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني وكافة الجهات والأطر والحملات الشعبية والوطنية للدفاع عن الأرض، فإننا ندعو إلى توحيد استراتيجية عملها وتكاملها وتوسيع نطاقها، وبما يحافظ في نفس الوقت على المبادرات المحلية، ويساهم في تعميم التجارب والنماذح الناجحة التي تحققت في العديد من المناطق بمضامينها التعاونية والتطوعية. وستجدون دوماً من السلطة الوطنية الدعم السياسي والمساندة العملية المطلوبة لتوفير احتياجاتكم لمواصلة هذا الجهد الذي استحق، وبكل جدارة، اهتمام واحترام العالم ودعمه، ومكَّن من توسيع دائرة التأييد الدولي لحقوقنا وعدالة قضيتنا وحقنا في الدفاع عن أرضنا.

لقد آن الأوان أيها السيدات والسادة لوضع حد لحرمان شعبنا من استثمار أرضه واستخدام مياهه، بسبب تصنيفات ما يسمى بالمنطقة (ج) لأرضنا .. نعم لقد آن الأوان لشعبنا أن يطور وسائل عيشه في هذه المناطق وبناء مناطقه العمرانية ومشاريعه الانتاجية... لقد آن الأوان لأهالي الأغوار والخليل وكل المناطق أن يشربوا مياهم التي يحرمون منها ويستخدمها المستوطنون لبرك السباحة في بيوتهم الاستيطانية. كما آن الأوان لأطفالنا أن يصلوا إلى مدارسهم، وللمزارعين أن يمارسوا حقهم في فلاحة أرضهم، وللمرضى أن يصلوا إلى المستشفيات دون تصاريح أو جدران أو حواجز وبوابات.

الأخـوات والأخـوة،

إن سلطتكم الوطنية، وهي تتابع استحقاقات فتوى لاهاي، وما يترتب بموجبها من التزامات على الأطراف الثالثة بدأت تحقق انجازات ملموسه. وفي هذا المجال، فإنني أحيي موقف الحكومة البريطانية إزاء وقف المعاملة التفضيلية لمنتوجات المستوطنات. وسنواصل العمل مع كافة الدول والمؤسسات الدولية كي يتحول هذا الأمر إلى موقف أوروبي ودولي شامل. ونأمل أن يتمكن مؤتمركم من المساهمة في وضع خطة ملموسة لحصر منتوجات المستوطنات وأسواقها الدولية، وبما يمكننا من وضع دول العالم أمام مسؤولياتها الملموسة إزاء هذه المسألة وبما يساهم في وضع حدٍ للاستيطان وللاحتلال برمته.

وقبل أن أختم حديثي، اسمحوا لي، أيها الأخوات والأخوة، أن أعلن أمامكم بأن السلطة الوطنية ستعمل على الاستجابة لتوصيات مؤتمركم إزاء ما يتعلق بمسؤولياتها الرسمية لدعم جهودكم ومبادراتكم. واسمحوا لي كذلك أن أتوجه إلى حركات التضامن الدولي مع شعبنا بكل التقدير لوقوفهم الى جانبنا في جبهة الحياة والسلام في مواجهة الموت والاحتلال والاستيطان، وأن أتوجه لأسرانا الأبطال القابعين في سجون الظلم والاحتلال، وفي يوم الأسير، الذي صادف قبل أيام، بأن حريتكم جزء لا يتجزأ من حرية الشعب والوطن. كما أتوجه إلى أسر الشهداء بأن السلطة الوطنية ستكون دوماً معكم وإلى جانبكم من أجل حياة مليئة بالعزة والكرامة والفخر بالانتماء الوطني وتضحيات الشهداء. وفي هذه المناسبة اسمحوا لي أن أتوجه بتحية خاصة إلى الأخ د.عز الدين أبو العيش، الذي فقد ثلاثة من بناته وإبنة شقيقه في مخيم جباليا أثناء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، لروح الكبرياء الإنسانية، والانتماء الوطني الذي عبر عنه متسامياً على آلامه، حاملاً إلى عواصم العالم روايته الانسانية، والتي تمثل كذلك حكاية شعبنا، ورواية الشهداء ونبل رسالتهم، والتي استحق عليها الترشيح الرسمي لنيل جائزة نوبل للسلام. وأؤكد له ولكافة أسر الشهداء أن السلطة الوطنية ستضع كافة امكانياتها لدعمه ومساندته في رسالته النبيلة والسامية. فتكريمه بالفوز بجائزة نوبل سيكون انتصاراً لفلسطين وعدالة قضيتنا، ولشعبنا وشهدائه، ومستقبل أطفاله بعيداً عن الموت والاحتلال والكراهية.

وفي الختام فإنني أتوجه إلى كل قادة ونشطاء لجان الدفاع عن الأرض بالتقدير على الجهود والمبادرات والانتصارات التي تحققونها على طريق الخلاص من الاحتلال وبناء دولتنا المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967.


عاش صمود أهالي بلعين وصمود كل أبناء شعبنا
أتمنى لمؤتمركم النجاح لما فيه خير شعبنا
الخلود للشهداء والحرية للأسرى
وإنا على هذه الأرض باقون

شكراً لكم والسلام عليكم