|
صحيفة امريكية :رئيس بلدية بيت لحم مسيحي يحارب الفساد ويغازل حماس
نشر بتاريخ: 09/01/2006 ( آخر تحديث: 09/01/2006 الساعة: 20:33 )
بيت لحم - ترجمة وكالة معا : مع قدوم عيد الميلاد إزدانت المدينة بحلّة من الإضاءة البيضاء في شارع النجمة الشهير المؤدي الى ساحة المهد والتي يعتقد أنها مكان مولد السيد المسيح ولكن من أجل تنظيم العرض السنوي التقليدي لهذا العام اعتمد رئيس البلدية على بعض المساعدات غير المتوقعة من قيادات الجماعة الاسلامية المسلحة" حماس" الذين هم اعضاء رئيسيين في حكومته.
الجهد المتعاضد للبلدية سلّط الضوء على الدور غير العادي لرئيس البلدية فكتور بطارسة الذي وجد نفسه في هذه الأيام - الرئيس الذي انتخب في أيار - المسؤول الاول لإحدى أقدس المدن لدى الديانة المسيحية. ومع ذلك يدير البلدية من خلال تحالف تسيطر عليه حماس هذه المجموعة الموضوعة على اللائحة السوداء من قبل الولايات المتحدة واوروبا والمعتبرة منظمة ارهابية. وتقول الصحيفة على لسان بطارسة " حان الوقت لفتح عقولنا وقلوبنا لحركة حماس" - يقول رئيس البلدية البالغ 71 عاماً إحتضان السيد بطارسة للحركة يساعد في تفسير الأحجية في المجتمع الفلسطيني وهو: كيف لمنظمة التي تفتخر بنفسها بارهاب المدنيين الاسرائيليين وذلك بتشجيع الشباب الفلسطيني احياناُ على تفجير أنفسهم- أصبحت لديها شعبية وقوة. ولدت حركة حماس في سنوات 1980 وكوّنت لها اسماً من خلال تأكيدها على المعتقدات الدينية الاسلامية ومقاومتها للاحتلال العسكري الاسرائيلي وأحياناً من العمليات الانتحارية ضد المدنيين الاسرائيليين، ولكنها للعديد من الفلسطينيين حصلت على سمعتها من خلال دعواتها لمحاربة الفساد الحكومي المستفحل وفي تزويدها للخدمات القليلة التكلفة مثل الخدمات الصحية والتربية والتعليم. والآن تفحص الحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة مدى هذا الدعم. ففي ظل رئاسة المرحوم ياسر عرفات لم يكن للحركة قوة سياسة. ولكن الرئيس محمود عباس خليفة عرفات دعا حركة حماس للمشاركة على جميع المستويات ومن ضمنها السلطة الفلسطينية شبه الحكومية التي يقودها. هذا القرار هو المركز التي يستطيع من خلالها المراهنة الواسعة لتمكين حماس من التغير وضمها الى العملية السياسية. وفي النهاية أمل الرئيس عباس أنه يستطيع بذلك جعل الحركة أكثر اعتدالاً من خلال ضم جناحها العسكري في أجهزة أمن السلطة الرسمية، هذه الفكرة نبعث من شعاره ( سلاح واحد قانون واحد). وفي هذا العام جرت الانتخابات المحلية في اكثر من 250 مدينة وقرية حيث فازت فيها حماس بحوالي ربع المقاعد ، بالاضافة الى انتصارهم البارز في المدن الكبرى مثل مدينة نابلس جنين وقلقيلية. وكذلك فازت في قطاع غزة حيث معقلها القوي. وفي العديد من الحالات استطاعت حماس هزيمة مرشحي حركة الرئيس الفلسطيني عباس فتح العلمانية والتي كانت المسيطرة على المجالس المحلية. وحماس الآن تتهياً للمشاركة الفعالة في انتخابات المجالس التشريعي المحددة في نهاية الشهر المقبل والتي ممكن أن تبين أو تبرهن على أنها ضربة حادة لحركة فتح. والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر للرئيس عباس في جهوده من أجل بناء الديمقراطية الفلسطينية. ولكنها تصرّ بالاضافة الى الاسرائيليين على ضرورة أن تلقي حركة حماس سلاحها قبل أن تنضم الى العملية السياسية. هذا التحالف الجديد المعقد من المتوقع أن يكون له تأثير عميق على المنطقة فمن الممكن أن يحض اسرائيل على قطع العلاقات مع السلطة التنفيذية وبالتالي القضاء على آمال التسوية السلمية. والاهتمام الان للبلدية والابتزاز غير الشرعي ومحاربة الاقارب في التوظيف والمحسوبية في ظل المجلس البلدي السابق التابع لفتح حيث يقول بطارسة اخترتهم لانهم غير فاسدين ولانهم فعالين ويعترف مسؤول فتح بان هناك مشاكل فساد كانت في السابق ويقولوا ان الانتخابات الاخيرة تهدف الى خاق قيادات جديدة واتفق بطارسة مع حماس بحيث يخوض الفريقان الانتخابات بشكل مستقل كل له حملته ويكون شعارهم التركيز على مجلس بلدي نظيف شفاف وغير فاسد ومن ضمن الاتفلق ليضا ان يبعده جانبا القضايا الدينية . وبعد ظهور نتائج التصويت داخل المجلس في اواخر ايار تبين دعم ممثلي حماس وفصيل اخر للسيد بطارسة لمنصب رئيس البلدية وبعد استلامهم المسؤولية في البلدية بدأ بطارسة وحماس في المجلس بمن فيهم حسن مسالمة في تحقيق ما وعدوا به في ظل سيل من التغييرات فقاموا بمنع الموظفين الكبار من استخدام سيارات البلدية لامورهم الخاصة التي كانت ممارسة عادية في ظل المجلس السابق وانخذوا اجراءات صارمة لفرض النظام على الباعة غير المرخصين ووضعوا قواعد جديدة لتدبير امور البلدية من اجل تقليل المصاريف وضمان تطبيق عقود العطاءات باقل الاسعار وتم اعفاء سبعة من الموظفين الذين لم يكونوا يعملون . هذه النتائج ساعدت حماس على كسب الدعم حتى من بعض السكان الذين لا يشاركوها رؤيتها لدولة اسلامية محافظة. ولكن مشاركتها الرسمية في البلدية ولّدت خلافات ومجادلات صغيرة وكبيرة خصوصا لدى السكان المسيحين والمسلمين العلمانين الذين تماسكوا امام تاثير الاسلامين المتصاعد في المدينة منذ عقود. ففي السنين الاخيرة شعر اصحاب المحلات المسيحين بالضغوط عليهم في شهر رمضان من اجل عدم تقديم الطعام في ساعات النهار اثناء صوم المسلمين والتزم بذلك العديد من المؤسسات وفي الوقت الحالي تاخرت السلطة عن دفع المستحقات المالية للبلدية قائلة انها تعاني من قلة السيولة . ويقول نقولا القنواتي رجل الاعمال المسيحي وعضو سابق في المجلس البلدي(ان رئيس البلدية حوّل بيت لحم الى قضية سياسية وان ذلك سيدمّر مدينتنا ). ويضبف حنا ناصر رئيس البلدية المسيحي السابق(اصبحت بيت لحم رمزا للقضية الاساسية التي نواجهها في المنطقة ككل وهي انتشار الاسلام الاصولي) وفي البلدية تحول الجو العلماني الذي كان سائدا في عهد المجلس السابق الى جو محافظ طابعه اسلامي . ففي السابق كانت مصافحة الايدي مع جميع اعضاء المجلس عادية ، ولكن الموظفات المسيحيات شعرن بصدمة من قبل اعضاء المجلس من حماس الذين قالوا لهن هذا التلامس البدني يخالف المبادى الاسلامية . وزاد التوتر بين بطارسة وزملائه من حماس حين طالبوا وسعوا لفحص سجلات المالية للمجلس السابق بمن فيهم رئيس البلدية .ولكن بطارسة قاوم ذلك خوفا من ان تعميمه سيشعل التوتر الديني . ويلوح في الافق مشاكل اكبر حيث في برنامج حماس الذي صيغ في عام 1980 ان على غير المسلمين المقيمين في الاراضي الفلسطينية دفع ضريبة خاصة والمعروفة بالجزية والتي يعفى منها المسلمين (نحن في حماس ننوي تنفيذ هذه الضريبة يوما ما)يقول السيد مسالمة عضو المجلس (نحن نقولها علانية نحن نرحب في الجميع في فلسطين اذا وافقوا ان يعيشوا في ظل قوانينا) السيد بطارسة يعارض فرض الضريبة ويقول انها لن تطبق ابدا . وحتى الان اتفق الرجلان على عدم مناقشة هذه الامور وبدلا من ذلك عليهم التركيز على ادارة الحياة اليومية لبيت لحم. في الاسابيع الاخيرة تعاونوا من اجل جمع التبرعات لاحتفلات عيد الميلاد في المدينة ووزعوا عمال البلدية من اجل التحضير لزيارة الزائرين المكثفة خلال العطلة وهم يسعون ايضا وباستمرار لايجاد ارضية مشتركة لمعارضتهم المتينة لفتح ومع ذلك يبقى هناك الغموض المؤلم فمثلا السيد بطارسة يقول انه يعارض العمليات الانتحارية ولكنه لم يناقش الموضوع مع زملائه من حماس خوفا من خصومتهم . وقال ايضا انه مستعد لتسوية مع اسرائيل اذا كان ذلك سيؤدي الى انشاء دولة فلسطينية حقيقية قابلة للعيش . ولكن اكبر مهمة ضرورية الان يقول بطارسة هي تحسين حياة الفلسطينين. السيد مسالمة ياخذ وجهة نظر مختلفة فبالرغم انه ايضا يرغب في تحسين الحياة في بيت لحم الا انه يقول ان العمليات الانتحارية هي شكل شرعي للدفاع عن النفس والتي ستستمر حتى تصبح كل فلسطين بما فيها ما يعرف الان باسرائيل تحت السيطرة الفلسطينية . هذا التشدد ظهر في رسالة على الجدار مكتوبة بالون الاسود (نحن نحيي قائدنا الرمز اسامة بن لادن) وبالنسبة للسيد بطارسة فيتعزز ضرورة ضم حماس الى الحظيرة الديمقراطية ووضع اكثر مواقفهم القاسية للاختبار في صندوق الاقتراع . ان الطريقة الوحيدة لجعل حماس اكثر اعتدلا هي اشراكهم في داخل النظام يقول بطارسة ومثله قناعة السيد عباس : ان حشر حماس سيجعلهم اكثر تطرفا . كذلك فإنه من المحتمل في حال فوز حماس في كانون الثاني أن يعرض الخطة المدعومة من الولايات المتحدة والتي تتضمن تزويد اكثر من (9) بليون دولار على شكل مساعدات واستثمارات للفلسطينيين. واجه السيد بطارسة مشاكل مع الولايات المتحدة وذلك بعد تنصيبه عندما دعا القناصل الأجانب الى حفل استقبال في بلدية بيت لحم لمقابلة اعضاء المجلس الجدد وكان هدفه كما قال هو لطمأنة الجميع أن بيت لحم ستحافظ على طباعها المسيحي وكذلك للحصول على المساعدات المادية لمشاريع البني التحتية مثل مشروع النفايات الصلبة والبالغ حوالي 3 مليون دولار. ولكن الولايات المتحدة رفضت دعوته حيث قالت المتحدثة باسم القنصلية في القدس : أنه لا يوجد اتصال رسمي مع السيد بطارسة وذكرت عن انتمائه السياسي وقال السيد بطارسة (( قريباً كل المدن الفلسطينية ستضم في مجالها أعضاء من حركة حماس، وعليه أنا أظن أن الولايات المتحدة حينها ستقاطعنا جميعاً)). وتقع بيت لحم في جنوب الضفة الغربية وتبعد عن القدس حوالي الميل ويبلغ عدد سكانها حوالي 30 ألف نسمة وكانت في السابق ذات أغلبية مسيحية ولكن الوضع اختلف بعد عام 1990 وأصبحت الأغلبية للمسلمين، واليوم يوجد في المدينة عشرة كنائس و15 جامعاً ويعتمد اقتصاد سكانها على السياحة كمورد لرزقهم هذا بالاضافة الى هجرة العديد من المسيحيين الأغنياء وذلك كنتيجة لانحصار عدد الحجاج الزائرين. ولد وترعرع السيد بطارسة ذو الشعر الابيض القصير في مدينة بيت لحم ودرس كلية الطب في القاهرة وعمل طبيباً عسكرياً في الجيش الأردني. مثله مثل بقية الفلسطينيين شعر بوطأة السياسة منذ أن كان صغيراً وبعد احتلال اسرائيل للضفة الغربية وغزة انضم الى فصيل متطرف المعروف بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي كان هدفها محاربة اسرائيل. وفي منتصف التسعينات حدث تحول كامل في العملية السياسية السلمية مع اسرائيل وتدفق الحجاج والسواح الى بيت لحم وارتفعت المدخولات من السواح وازدهرت المدينة ولكن تحت السطح كان هناك توتر يخمر وكان أغلبه موجهاً نحو الفساد الواسع في الحكومة المحلية والتي كان يديرها المسؤولين المعينين من قبل السيد عرفات. وكانت فضيحة سوء ادارة بناء مشروع محطة الباصات المركزية التي بلورت الاحباطات في المدينة. وعندما فشلت المحادثات السلمية عام 2000 انتشرت في بيت لحم في بعض الاحيان فوضى عنيفة حيث انضمت مجموعات من أجهزة الامن التابعة لعرفات الى محاربة اسرائيل تحت راية مجموعة كتائب شهداء الأقصى بدأ اعضاءها في مطالبة التجار والملاكين في المدينة بالأموال للحماية حسب ما قال التجار المحليين. وفي شهر نيسان 2002 حدثت نقطة تحول حيث لجأ عدد كبير من الميليشيا المسلحة وأغلبهم كانوا من حركة فتح التابعة لعرفات الى كنيسة المهد فارين من القوات الاسرائيلية التي اقتحمت المدينة حيث حاصرتهم لمدة شهر في ظل تغطية تلفزيونية وفي كل أنحاء العالم والتي بعدها تم التوصل الى حل بحيث تم نقل المسلحين الى قطاع غزة والى ما وراء البحار. ورغم أن مغادرة المسلحين كانت مريحة للسكان المحليين ولكنها فتحت الباب على مصرعيه لحماس. فمجموعة حماس وسّعت عيادة طبية وعززت وجودها في نقابة العمال، وفي مسجد صلاح الدين ضاعف نشطاء حماس جهودهم لجمع التبرعات لمركز العناية الطبي والملجأ الذي يخدم الاطفال الذين إما قتل ابائهم أو جرحوا من قبل القوات الاسرائيلية وفي آخر الامر زادت من دعمها وخدماتها لتشمل 1600 طفل مسلم ومسيحي حيث كان كل طفل يعطى مبلغ شهري ولحوم مجانية في الأعياد. وعند وفاة السيد عرفات العام الماضي أعلنت بيت لحم أنها ستعقد الانتخابات المحلية مثل بقية المدن الفلسطينية، وقرر السيد بطارسة أن يخوضها للحصول على مقعد في المجلس وكانت هذه أول محاولة له حيث كان هدفه الاطاحة بأعضاء المجلس من فتح الذين أداروا البلدية مدة عقد. تاريخياً يجب أن يكون رئيس البلدية مسيحياً وهناك 8 أعضاء في المجلس مسيحيين وفاز السيد بطارسة الكاثوليكي بأغلبية الاصوات ولكن لكي يحصل على رئاسة البلدية يجب أن يجري الاقتراع بين أعضاء المجلس وكان عليه الاختيار إما التحالف مع أعضاء المجلس المسيحيين ممثلي حزب فتح التابع للسيد عباس أو التحالف مع الاسلاميين المتحالفين مع حماس وفصيلاً آخر صغير متشدد المعروف بالجهاد الاسلامي الذين قاموا ايضاً بعدة عمليات ارهابية واختار بطارسة أن يتحالف مع حماس نتيجة لسنين من الارهاق والادارة الضعيفة . |