وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مشروع الشرق الأوسط الكبير: جدال الداخل والخارج ومستقبل المنطقة العربية

نشر بتاريخ: 13/01/2006 ( آخر تحديث: 13/01/2006 الساعة: 17:54 )

القاهرة - خاص وكالة معا - بقلم الدكتور محمد حمزة - "الشرق الأوسط الكبير " مصطلح درج على استخدامه الخطاب الأمريكي عند إشارته للمنطقة العربية وما يحيطها من دول إسلامية.

وبالرغم من كونه مفهوما فضفاضاً وغير محدد، إلا أن الشرق الأوسط الكبير احتوى بالأساس على مضامين سياسية واقتصادية وثقافية جميعها ارتبطت بشكل مباشر أو غير مباشر بالأمن القومى العربى.

وقد أكتسب مفهوم الأمن عامة والأمن القومى خاصة أبعاداً غير عسكرية ولكنها هامة وربما تزيد الآن فى أهميتها عن الأبعاد العسكرية التى ارتبطت بالمفهوم التقليدي للأمن القومى.

ومن هنا ينطلق المؤتمر السنوى التاسع عشر لمركز البحوث والدراسات السياسية من افتراض وجود علاقة التأثير والتأثر بين إستراتيجيات القوى الخارجية تجاه المنطقة العربية فى ظل مبادرات الشرق الأوسط الكبير المتعددة والمتكررة وبين الأمن القومى العربى كمفهوم واسع وشامل يضم فى طياته كثير من القضايا السياسية ، الاقتصادية والأمنية الحيوية والماسه بإستقرار وأمن المنطقة فى مجموعها وفى جزئياتها.

لقد أضحى الفعل الخارجي منطلقا رئيسيا لصياغة كثير من الاوضاع الاقليمية. فبعد عقود طويلة من التفاعل ما بين المتغيرات الخارجية والداخلية عاشتها المنطقة العربية، نجحت القوى الدولية من خارج الاقليم - وبقيادة امريكية - ان تجعل من رؤاها واهدافها مدخلات اساسية تؤثر فى صنع القرارات والسياسات العربية سواء فى ابعادها المحلية اوالدولية.

ومن هذا المنطلق تأتى اهمية عقد مؤتمر علمى بهدف مناقشة ما درج على تسميته فى كثير من المحافل بخطط إعادة تشكيل المنطقة باعتبارها تمثل رؤية خارجية شاملة لما يجب ان يكون عليه شكل المنطقة فى المستقبل سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافية وعسكريا، ويصاحب هذه الرؤية والتوجهات الكلية خطة للحركة تمتلك موارد فعلها.

والمقصود بإعادة رسم خريطة المنطقة العربية ليس بالطبع رسم حدود بينية جديدة فيما بين الدول بل بالأحرى بناء علاقات "تحالفية" مع الخارج ذات سمات خاصة، بل ولعل الغاية الأهم هى إعادة تشكيل الداخل والإقليمي وفق معطيات جديدة تتوافق مع منطلقات الخارج ومصالحه. فمجالات الفعل الخارجى فى المنطقة لا تقتصر على مجال دون الآخر بل تعبر عن حزمة متكاملة من السياسات تصب فى هدف اساسى هو تمكين الخارج من الداخل وهو الأمر الذي يمثل تهديداً للأمن القومي العربي.

وينبثق عن هذه القضية عدة مجموعات من الأسئلة:

من ناحية: ما هي هذه الحزمة؟ وما هي الأدوات المستخدمة في كل بعد من أبعادها؟ وما هو نمط استجابة الأطراف الإقليمية المختلفة سواء الرسمية أو غير الرسمية ؟ وهل هناك أجنده خاصة لكل نظام فرعى عربى يتم فيها ترتيب الأدوات على نحو يعكس درجة أهمية وخصوصية كل نظام؟

ومن ناحية أخرى: ماهى الحالة العامة للتفاعلات النظمية العربية- العربية؟ هل تكرست استقلالية النظم الفرعية العربية بعضها عن بعض؟ وماهو نمط التحالفات الإقليمية العربية؟ وما أثر العامل الخارجي فى تشكيله والتأثير على مساره؟

ومن ثم من ناحية ثالثة، ماهى أنماط التهديد الخارجية الأساسية للأمن القومى العربى فى المرحلة الراهنة: ( تكريس التجزئة، دعم روابط التبعية الاقتصادية،...) وما مصادرها؟ وماهى أهم القضايا التى تثيرها هذه التهديدات وكيف تمثل أساساً لتدخلات خارجية؟ وماهى أدوات هذا التدخل؟

ومن ناحية رابعة: ماهى أنماط استجابة الحكومات والشعوب العربية لهذه التهديدات والتدخلات؟ وما إمكانيات التغيير لتحقيق مطالب الإصلاح الداخلية؟

وللإجابة على التساؤلات السابقة ولتوضيح مستويات وابعاد اعادة رسم خريطة المنطقة المتنوعة ستنقسم بحوث المؤتمر بين عدة محاور رئيسية. تقوم هذه المحاور بتغطية مستويات مختلفة للتحليل: مستوى إستراتيجيات الأطراف الخارجية الفاعلة مثل الولايات المتحدة، القوى الأوروبية، والآسيوية، ودول الجوار، مستوى الأدوات المستخدمة، مستوى القضايا المثارة وأخيراً مستوى النظم الفرعية العربية كساحات للتطبيق تشترك حينا وتتباين حينا آخر فى مواقفها وخاصة تجاه القضية المحورية وهى قضية الإصلاح الداخلى وفى ارتباطها بالسياسات الخارجية والإقليمية.

وإذا كانت الإجابات على الأسئلة السابقة - انطلاقا من الواقع الراهن ومن الأطر النظرية والفكرية المتنافسة- قد تراكمت عبر السنوات الخمسة الماضية، إلا أن المؤتمر يهدف لتقديم رؤية جامعة ، ورسم خريطة شاملة تجمع الجزئيات فى إطار كلى. وهو الأمر الذى تفرضه متطلبات بناء وتصميم الإستراتيجية الكلية. فإن قدر التهديد الذى أضحى يواجه الأمة العربية لم يعد يحتمل تجزئة التشخيص أو التفسير أو الحلول فقط.

ولهذا يجب أن تنطلق البحوث من دراسة أبعاد التأثيرات الخارجية على القضية موضع البحث هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يجب أن تهتم البحوث أيضاً بشرح تأثير موضوع دراسة كل منها على الأمن القومى العربى فى شموله.

وهاتان الجزئيتان يجب أن تشترك فيها جميع الجهود المبذولة فى هذا المؤتمر وذلك تحقيقا لأهدافه وضماناًَ للتنسيق الكامل بين مختلف الباحثين مما يوفر قدرة أكبر على الخروج بنتائج عامه حول موضوع المؤتمر.

وهكذا يمكن لأعمال هذا المؤتمر أن تقدم رصيدا إضافياً للمكتبة الأكاديمية العربية يطرح رؤى وتوجهات حول أفضل السبل لتعامل شعوب وحكومات المنطقة العربية مع ضغوط الخارج بشكل يحمى ولا يفرط فى أمنها القومى و الإقليمي.

ومن ثم وإذا كان مركز البحوث والدراسات السياسية قد اقترب من موضوع المؤتمر، فى ندوات أو مؤتمرات سابقة، فإن المؤتمر الحالى يسعى للإستفادة من التراكم الزمنى والنوعى فى خبرة المركز على هذا الصعيد، وهو الأمر الذى تفرضه طبيعة المرحلة الراهنة من تطور وضع المنطقة العربية فى النظام الدولى فى مرحلة ما بعد الحادى عشر من سبتمبر 2001، وهى مرحلة من مراحل سابقة فرض خلالها النظام الدولى أنماطا متنوعة من التدخلات فى المنطقة، بحيث أضحت التفاعلات النظمية العربية الدولية من أهم مجالات اختبار إشكاليات العلاقة بين الداخلي والإقليمي والعالمي خلال نقاط تحول النظام الدولى.

ومما لا شك فيه أن العقد الأخير من القرن العشرين حمل ملامح هذا التحول ، الذى بدأت السنوات الأولى فى القرن الجديد تفصح عنه.

ولذا فإذا كان النطاق الزمني لأعمال المؤتمر يغطى السنوات الخمس الأخيرة أساساً، إلا أن للإمتدادات التاريخية - للقضية مغزاها ودلالاتها.

ولقد تم تقسيم محاور المؤتمر على النحو التالى:

-تمهيد: قراءة فى الرؤى والسياسات تجاه المنطقة: خبرة مركز البحوث والدراسات السياسية

-المحور الأول: التدخل الخارجي في المنطقة بين الذاكرة التاريخية والتوجهات والأدوات والتفاعلات الراهنة.

1)الذاكرة التاريخية وخبرة التدخل الخارجى في المنطقة: من الحملة الفرنسية الي الحملة الأمريكية
2)التوجهات:-

أ)التوجهات العربية للأمن القومي: بين المفهوم والخبرة
ب)التوجهات الأمريكية للشرق الأوسط الكبير: الدوافع، الأهداف والأدوات
ج) توجهات القوى الأوروبية د)توجهات القوى الكبرى الآسيوية( روسيا، الصين، اليابان)
ه) توجهات دول الجوار ( إيران- تركيا)
3)أدوات الفعل الخارجى: (تعدد وتكامل) وخريطة التفاعلات الإقليمية العربية( السياسية والاقتصادية)

المحور الثاني: الخبرات والمناطق:

1) الخليج بين التدخل العسكرى والإصلاح السياسى
2) قضية الإصلاح السياسي في المشرق ووادى النيل بين أدوات الضغط الخارجى وآليات الفعل الداخلى
3)دول المغرب العربي ومعطيات الجوار الأوروبي

المحور الثالث: القضايا:-

1) الأبعاد العسكرية والاقتصادية
2) إشكاليات التغيير الثقافي: دراسة بعض النماذج
3)إشكاليات التحولات المجتمعية( السياسية-المدنية)
4) إشكاليات تأثير الطائفية
5) رؤى تسوية الصراع العربى- الإسرائيليى

وتعالج موضوعات كل محور ( كما يتضح من التفصيل فى جدول جلسات المؤتمر، وكما يتضح أيضاً من التعريف الموجز بكل من هذه الموضوعات) قضايا أساسية : التحالفات الخارجية، تجزئة المنطقة العربية، مخاطر التقسيم داخل الدول العربية استنادا إلى بروز الطائفية من مصادر متعددة، إشكاليات التسوية مع إسرائيل، توجهات الإصلاح السياسى والمجتمعى الداخلى.