ابداع السرية ..والليلة المجنونة *بقلم : محمد اللحام

بيت لحم - معا - من لم يقدر له حضور مباراة ابداع الدهيشة وسرية رام الله من عشاق كرة السلة فقد فاتته اجمل مباراة سلوية قد تكون في تاريخ السلة منذ عشرة اعوام،اما الاخراج فانه شبيه بافلام الرعب للمخرج الانكليزي هتشكوك. فقد اكتنزت بكل شيء له علاقة بالسلة فمن الجماهير العريضة رغم بعد الفريقان جغرافياً عن ملعب الفارعة الذي كان مركزاً للاعتقال والتعذيب زمن الاحتلال وقد التقينا في ساحة شبحه مع ابراهيم حبش قائد السرية ومع خالد الصيفي الاب الروحي لابداع وياسر مشعل ورائد جعايصة مدير النشاطات في المركز والعقيد ابراهيم رمضان مدير الوقائي في جنين الذي كان من بين الجمهور المحتضن لعشرات الشبان ممن امضوا فترات حزينة وصعبة في زنازينه، واليوم يقف الجميع للعب وللمشاهدة في حالة من الاستمتاع.
القوة كانت من اللحظة الاولى وابداع يتفوق ويتوفق في الربع الاول والثاني بثلاثيات يحيى الخطيب ومتابعات اياد عبد الله وكمال الازرق يسجل اجمل نقطة عندما طار لاستقبال كرة الخطيب وفي السلة، اما السرية فلم يعيش حالة من الصدمة بل من التماسك بفضل حكمة حبش وحيوية سليم الحصري وسليم سكاكيني بينما احمد ياسر كان في رقابة. وقد وصل الفارق في مراحل من الربع الثاني ال18 نقطة لصالح ابداع.
جرت العادة ان يحسم ابداع مبارياته في الربع الثالث ويوسع الفارق الا ان ذلك لم ينجح مع السرية التي لعبت بشكل افضل واستطاعت ان تقلص الفارق وتتفوق لاول مرة 52/51 لتسير الامور سلة بسلة مع تدخلات للمدربين في اراحة البعض خاصة من لديه 4 اخطاء مثل الخطيب وامريكي السرية.
ومع الدقائق الاخيرة من الربع الرابع عادة السرية لتتقدم وابداع تعادل وتتقدم والنتيجة 84/82 لصالح ابداع وبقي من الزمن 12 ثانية ويكسب السكاكيني خطأ ينفذه والنتيجة 84/84 والكرة مع ابداع يتقدم الامريكي ويتزحلق ويخلص احمد ياسر الكرة وبقي 6 ثوان والكرة خارج الملعب على ابداع والبقية 4 ثوان وتكتمل الاثارة بوقت مستقطع وينفذ الادخال للسرية وفي 4 ثوان تمرر الكرة ثلاث مرات وتصل لابولبن ويصوب من داخل القوس وتتأرجح على (الرنك) مرة وثانية ويصعد لها السكاكيني الذي اعادها باتجاه السلة ولو تسللت لتسلل الفوز للسرية ولكنها لم تشأ ان تنهي حلم ابداع وتسقط .84/84 وصافرة الحكم لنهاية الربع الرابع اسقطت معظم لاعبي الفريقين على الارض في مشهد يدل على حجم الارهاق والاعصاب والرعب. الجماهير تحبس الانفاس والحكام في حالة من التماسك المجبول بالخوف من ارتفاع الاثارة والندية.
الشوط الخامس اكثر من اداري خرج من الملعب بفعل لعب الاعصاب منهم ابو معاذ محمد عدوي الذي تمدد في غرفة غيار اللاعبين بينما الملعب يشهد سلة هنا وسلة هناك وبعد ان توفق امريكي السرية في ثلاثياته في الرابع عاد ليتراجع بينما ظهر احمد ياسر بشكل جيد في تعويضه لخروج ابراهيم حبش بالاخطاء الخمسة وهو مهدد بالاربعة بينما يحيى الخطيب وبعد مكوثه شوط في الاحتياط عاد لدقائق معدودة ليخرج بالاخطاء الخمسة لاول مرة منذ بداية الدوري.
حاول الحصري حسم الموقف بتمريراته الموفقة خاصة للسكاكيني الذي كان افضل لاعبي السرية في هذه المباراة حين راقب اياد عبد الله واثر عليه كثيراً دون نسيان نقاطه الوفيرة في المباراة.
والخامس ينتهي 94/94 لتعود الامور لنقطة البداية والجماهير مازالت تهتف وتقرع الطبول في حالة من الصخب المجنون وابو سليم ينسحب خلف الباب ليسحب دخان سيجارته بنهم في محاولة للتهدئة وفي زاوية اخرى ترتجف سيجارة الصيفي بين اصابعه في انتظار السادس.
ناصر البدرساوي وسامح المصري ومفيد عبدالله صاحب الباقة العالية والابتسامة الدائمة يعودون بثقة اكبر للجولة السادسة والتي لم تحدث في تاريخ السلة الفلسطينية.

عاصم بركات نجح في قراءة الشوط والتزم اللاعبون في التنفيذ فالكرة منذ البداية تمرر للاجنبي والذي يكسب الخطأ الاول والثاني والثالث وهو افضل من يجيد التصويب لتبتعد ابداع بستة نقاط وتقلص السرية ونقطة هنا ونقطة هناك وابداع يتقدم 108-104 والكرة مع السرية و12 ثانية وسلة، تبعه خطأ للامريكي ينفذه بنجاح وسلة لابداع والكرة الاخيرة مع غسان حبش والثانية الاخيرة ومن منتصف الملعب اتجاه السلة دون اصابة وتبقى النتيجة 110-106 وصافرة الحكم كانت كفيلة بصافرة الجماهير التي اجتاحت الملعب في حالة فرح هستيرية لمشجعي ابداع الذين رقصوا وغنوا وحملوا اللاعبين في مشهد نفسي يعبر عن طول الانتظار والترقب وتبدد الخوف والرعب الذي سكن القلوب على مدار 6 اشواط ابتسمت اخيراً لابناء المخيم ليس الدهيشة فحسب بل للفارعة التي فاقت فرحتها ابناء الدهيشة وبيت لحم، في الجهة المقابلة كان الحزن يخيم على دكة السرية فالبعض اخفى دموعه بصعوبة والبعض لم يستطع ذلك فمجريات المباراة والجهد المبذول يجعل الخاسر في مثل هذه المباراة يبكي ويبكي ولكن يبقى العزاء للفريقين بأنهما دخلا التاريخ في اطول مباراة وقد تكون اعلى نتيجة من جهة نسبة التهديف 216 نقطة.
المباراة كانت فرصة لجماهير شمال الضفة الغربية للاستمتاع بمباراة بمستوى ممتاز.
وهي المباراة الثانية على التوالي التي يخسرها السرية على ملعب الفارعة امام ابداع بعد قبل نهائي الكأس 2005. غسان حبش وبشار كانا عند حسن ظن مدربهما وحاولا ولكن. حسام عبيد ويوسف عدوي وعبد الله جبر كانوا على الموعد مع ابداع.
المتابعة لم تكمن في الملعب فحسب بل عبر الجوالات والرسائل القصيرة ووسائل الاعلام حين كان الزميل عمر الجعفري مدير قسم الرياضة في وكالة معا يترجم طلاسم المباراة اول باول على الصفحة الالكترونية مما اهل الاف من المتابعين والعشاق للوقوف على النتائج اول باول .
غاب تلفزيون فلسطين بسبب سوء الامكانيات فمثل هذه المباراة كانت تستحق ان تبث مباشرة وقد حاولنا وحاول معنا الزميل وائل رمانة ولكن (ما باليد حيلة).

احد طواقم السرية قال خسرنا بسبب الحكام ورد عليه ابداعي ونحن لو خسرنا فاننا سنحمل الحكام مسؤولية الخسارة.والحكم ظالم ام مظلوم سؤال كبير يصعب الاجابة عليه في ظل الرغبات والتوجهات لكل واحد فينا.
منير بركات توجه للسلة وقام بقصها والاحتفاظ بها كعادة وعرف يمارس احياناً مع نهاية اي بطولة كذكرى لفوز غال مما يشير لاهتمام لاعبي ابداع بهذه النتيجة ليبقى في الصدارة دون هزيمة بينما اقرب منافسية لديهم خسارتان ( السرية وبيت جالا وارثوذكسي رام الله ودي لاسال القدس). وبهذا يكون ابداع قد قطع شوط كبير نحو الفوز بأول لقب (بطولة الدوري ) في اول مشاركة له في تاريخه بالدوري وان حصل ذلك فانه يسجل مفارقة بعد ان فاز بالكأس في اول مشاركة له بالكأس .
مباريات ابداع المتبقية ليست سهلة فامامه عيبال وحطين واهلي القدس ودي لاسال .
السرية ايضاً امامها مباريات صعبة واهمها امام دي لاسال.
الاتحاد كان حاضرا بقوة من خلال الرئيس خضر ذياب وصوافطة وزيادة وعيد وسمعان والذين اعتبروا نجاح المباراة هو نجاح للدوري ونجاح للاتحاد.