|
البابا زار الاقصى و"المبكى"وأكد تطلع الكنيسة لتعزيز الحوار بين الاديان
نشر بتاريخ: 12/05/2009 ( آخر تحديث: 13/05/2009 الساعة: 08:09 )
القدس- معا- أطلع وفد فلسطيني ضم شخصيات دينية وسياسية الحبر الأعظم خلال زيارته للمسجد الأقصى صبيحة هذا اليوم على مجمل الانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة.
وقد خلع قداسة البابا حذاءه لدى دخوله قبة الصخرة كما تلزمه التقاليد الإسلامية، واللافت ان البابا بنديكت السادس عشر اصبح بذلك اول بابا يدخل قبة الصخرة. واستهل اللقاء بكلمة ترحيب بالحبر الأعظم ألقاها الشيخ محمد حسن مفتي القدس والديار الفلسطينية، تضمنت شرحا مسهبا لحقيقة المعاناة التي يعانيها المقدسيون والشعب الفلسطيني بفعل الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته. ثم تحدث المهندس محمد نسيبة عضو مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس عن العلاقات المسيحية الإسلامية في المدينة المقدسة، وهي علاقات رسختها العهدة العمرية، مشيرا إلى الدور الذي لعبته عائلته وعائلة جودة المسلمتين في رعاية كنيسة القيامة والحفاظ عليها، حيث تتوليان منذ مئات السنين مفاتيح الكنيسة. وبعد أن ألقى البابا كلمة غلب عليها الطابع الديني وحديثه عن التسامح بين الديانات، تبادل الجانبان الهدايا. والقى الحبر الاعظم كلمة بهذه المناسبة اكد فيها ان الحرم القدسي الشريف يشكل ملتقى طرق الديانات السماوية الثلاث ما يعيد الى أذهاننا القاسم المشترك بينها. وقال قداسته انه قد جاء الى القدس في رحلة ايمان وانه يشكر الله على فرصة اللقاء مع رؤساء الاوقاف الاسلامية بصفته اسقف روما خليفة القديس بطرس وايضا بصفته ابن النبي ابراهيم عليه السلام الذي تتبارك فيه جميع قبائل الارض كما ورد في سفر تكوين في الكتاب المقدس (12:3). واكد قداسة البابا مجددا تطلع الكنيسة الى تعزيز الحوار بين الاديان. وقال حاتم عبد القادر مستشار رئيس الوزراء لشؤون القدس أن الوفد المكون من شخصيات دينية وسياسية رفيعة المستوى برئاسة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية وضع الحبر الأعظم في صورة الانتهاكات الإسرائيلية غير المسبوقة ضد المقدسيين، وانتهاكات حرية العبادة للمسيحيين والمسلمين على حد السواء ، مؤكدا على عروبة القدس، وعلى الأخوة الإسلامية المسيحية في المدينة المقدسة، كما جرى إطلاعه على الأوضاع الصعبة والقاسية التي يعانيها أكثر من أحد عشر ألف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية ينتظرون تحررهم من سجون الاحتلال، وحثوا البابا على تأكيد موقف الفاتيكان من القدس باعتبارها مدينة عربية محتلة، وموقفه كذلك من الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. وأشار عبد القادر إلى أن اللقاء استمر قرابة الخمس وأربعين دقيقة، تحدث فيه البابا باقتضاب عن موقف الفاتيكان من حق شعوب العالم في الحرية والعدل والعيش بأمن وسلام. بدوره أكد حنا عميرة عضو الوفد على الدلالة الرمزية والسياسية للقاء الوفد الفلسطيني بقداسة البابا في المسجد الأقصى في وقت تحاول فيه إسرائيل فرض وقائع على الأرض بحجج الأمن رفضها المواطنون المقدسيون ورفضتها أيضا قياداتهم. وأضاف:" لقد بدت ساحات المسجد الأقصى وكأن منعا للتجول فرض عليها بفعل الإجراءات الإسرائيلية، في حين حصلت مشادة كلامية حادة بين أعضاء الوفد وعناصر من الشرطة الإسرائيلية حاولوا منعهم من الدخول إلا بعد حصولهم على بطاقة زائر، الأمر الذي رفضه أعضاء الوفد رفضا قاطعا". وكشف عميرة النقاب عن أن الشرطة الإسرائيلية حررت مخالفات بقيمة 500 شيكل للعديد من أعضاء الوفد الفلسطيني الذين التقوا البابا بدعوى إيقاف سياراتهم في أماكن يحظر الوقوف فيها، وهو ما استنكره واعتبره إمعان في الإجراءات التي اتخذتها الشرطة عشية زيارة البابا. أما المحامي أحمد الرويضي رئيس وحدة القدس في ديوان الرئاسة، والذي منعته الشرطة الإسرائيلية من الدخول إلى المسجد الأقصى والانضمام لأعضاء الوفد الفلسطيني الذي التقى البابا بذريعة عدم حيازته على تصريح منها، فقال إن المفتي سلم بابا الفاتيكان رسالة تضمنت عدة نقاط من أبرزها: انتهاكات إسرائيل في القدس في ميادين الاستيطان، هدم المنازل، الاستيلاء على العقارات، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمقدسيين بفعل الحصار والجدار ، وسياسات التطهير العرقي وسحب البطاقات الشخصية، إضافة إلى أوضاع الأسرى في السجون الإسرائيلية. كما تضمنت الرسالة التي سلمت إلى البابا مطالبة الأخير بتأكيد موقف الفاتيكان من القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. واتخاذ موقف واضح من قمع حرية العبادة لأبناء الديانتين الإسلامية والمسيحية ومنعهم من الوصول إلى أماكن عباداتهم. إلى ذلك أشار الرويضي إلى إغلاق الشرطة الإسرائيلية للمركز الصحفي الفلسطيني، فقال إن الشرطة أبلغت المتواجدين في خيمة الاعتصام في الشيخ جراح بمنع إقامة أي نشاط أو فعاليات إعلامية في موقع الخيمة استمرارا للقرار الصادر عن وزير الأمن الداخلي بإغلاق المركز الصحفي. وكان البابا استهل زيارته للمسجد الأقصى بزيارة مسجد الصخرة المشرفة والتجول في باحات الحرم قبل أن ينتقل إلى مبنى القبة النحوية ليلتقي بأعضاء الوفد، حيث كان في انتظاره هناك أيضا وفد من الكرادلة التقى وفد الشخصيات الفلسطينية قبيل اجتماع الخبر الأعظم بالوفد. بدورها أعلنت الشرطة الإسرائيلية عن اعتقال عشرة من المواطنين الفلسطينيين من داخل الخط الأخضر في منطقة باب الأسباط أحد البوابات الرئيسية للبلدة القديمة بدعوى العثور بحوزتهم على بيانات تدعو للاحتجاج على زيارة البابا للمسجد الأقصى، بعد أن اعتدت عليهم بالضرب المبرح من بينهم إمام مسجد يدعى ناظم أبو سليم. بعد ذلك انتقل الحبر الأعظم إلى باحة البراق حيث التقى هناك بكبار الحاخامات اليهود، إضافة الى وزير السياحة الإسرائيلي. وكانت سلطات الاحتلال فرضت طوقا عسكريا مشددا على البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك ونشرت الآلاف من عناصرها هناك، فيما تعطلت الدراسة في جميع مدارس المدينة بفعل إغلاق الشرطة جميع محاور الطرق حول المدينة المقدسة. رسالة المفتي للبابا ---------------------- وسلم الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية- خطيب المسجد الأقصى المبارك- رسالة إلى قداسة البابا خلال زيارته للمسجد الأقصى المبارك ولقائه مع رجال الأوقاف الإسلامية والشخصيات المقدسية الفلسطينية. وركزت الرسالة على معاناة الشعب الفلسطيني من الاحتلال الاسرائيلي، وأشارت إلى الانتهاكات والممارسات التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، ومنعها المسلمين والمسيحيين من الدخول إلى أماكن العبادة، إضافة إلى الحفريات التي تقوم بها هذه السلطات في مدينة القدس وتحت المسجد الأقصى المبارك ما بات يشكل تهديداً واضحاً عليهما. كما شرح المفتي لقداسة البابا الآثار المدمرة التي يقوم بها جدار الفصل، ونوه في رسالته بقضية الأسرى، مطالبا بالضغط على اسرائيل لاطلاق سراحهم، وأكد على أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن في إنهاء الاحتلال. وفيما يلي النص الكامل لرسالة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية التي سلمت للبابا: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وأخويه عيسى وموسى وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وبعد؛ بداية أرحب بضيف فلسطين الكبير، باسم أبناء شعبنا الفلسطيني، وقيادته الفلسطينية، ونيابة عن إخواني من رجالات الأوقاف الإسلامية والشخصيات المقدسية الفلسطينية التي تشارك في استقبال قداستكم وأنتم تزورون المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس وبيت لحم والناصرة في الأرض المقدسة المباركة، أرض الرسالات ومهد النبوات، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السماء، ومهد المسيح عيسى عليه السلام وبشارته، وموطن مريم العذراء عليها السلام، هذه الأرض التي ترعرعت فيها دعوات الخير والإيمان والمحبة بين خلق الله من بني الإنسان الذي كرمه الله، فقال: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } (الإسراء:70) وجعل منشأه وأصله واحداً، ووجهه لغاية التعارف والتآلف بقوله { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى? وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ? } (الحجرات:13) فهذه دعوة قرآنية صريحة لمعرفة الآخر، ومحاورته للوصول إلى ما فيه نفع الإنسانية، بما تلتقي عليه من المبادئ والقيم المشتركة التي يتبناها الإسلام، ويحث عليها، بخلاف الصورة المسيئة التي يحاول البعض تخيلها عن الإسلام، فيتهمونه زوراً بالعنف والإرهاب. قداسة الضيف الكبير وغني عن البيان تلك العلاقة المتينة، والعيش المشترك للمسيحيين والمسلمين، في ظلال قيم التسامح والعلاقات الطيبة، في هذه الديار المقدسة، منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً إلى يومنا الحاضر، ولا نبالغ إذا قلنا بأن هذا العيش المشترك يصلح أنموذجا يحتذى في سائر البلاد التي يعيش فيها المسلمون وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى. * إلا أننا في هذه البلاد التي غاب عنها الأمن والسلام، جراء الاحتلال الإسرائيلي، نصبو إلى يوم الحرية ونهاية الاحتلال، وحصول شعبنا الفلسطيني على حقوقه المشروعة؛ ومنها إقامة الدولة المستقلة، وعاصمتها القدس، وحق عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها، وهذه حقوق ثابتة، غير قابلة للتصرف، ولا تسقط بالتقادم. كما أن السلام الذي نتطلع إليه؛ هو السلام القائم على العدل واحترام الآخر، وهو مطلب شعبنا الذي عانى، ويعاني من عسف الاحتلال وظلمه، ولا يكون هذا السلام إلا بتضافر الجهود الإقليمية والدولية لإنجازه وتحقيقه على أرض الواقع. * إن العمل من أجل ترسيخ العدل والسلام في فلسطين، وفي غيرها من بلدان العالم التي تعاني من النزاعات، يتطلب تعاونا مسيحياً إسلامياً بنشر قيم التسامح والعدل بين الناس، دون النظر إلى دينهم أو جنسهم أو لونهم، وهذه من أهم القيم المشتركة بين جميع الرسالات الإلهية، فالله الذي نؤمن به هو السلام {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَ?هَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ } (الحشر:23) . * إن الإجراءات الإسرائيلية السياسية والإدارية والإسكانية، إلى جانب الأنظمة والقوانين التعسفية الظالمة، الخاصة بالإقامة وجمع شمل العائلات، تجعل حياتنا - في مدينة القدس بخاصة، وفي الأرض الفلسطينية بعامة- محفوفة بالمخاطر، وأقلها فقدان الإقامة الدائمة في المدينة للمواطن الفلسطيني. * بالإضافة إلى صعوبة الحصول على تراخيص البناء مما يؤدي إلى هدم البيوت الفلسطينية بقرارات جائرة، إن الاستيطان الإسرائيلي، والحفريات التي تهدد وجود المسجد الأقصى، وعزل القدس بسوار من المستوطنات، بالإضافة إلى جدار الفصل العنصري، يحول المدينة إلى معتقل كبير يفتقد إلى النشاطات الاجتماعية والثقافية، وأبسط حقوق الإنسان في العيش بحرية، والشعور بالإنسانية والكرامة. إن ما يجري في حي الشيخ جراح، وحي البستان، وغيرها من أحياء القدس العربية، من تجاوزات وانتهاكات، يهدد وجود عائلات بأكملها، ويحرمها من أهم حقوقها في بيت يأويها. إن شعبنا الفلسطيني يفتقر للأمان ولأبسط الحقوق، بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في القدس وفي سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة. وإننا إذ نحيي موقف الفاتيكان من قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948م، نود التأكيد على أهمية الاستمرار في دعم حقهم بالعودة. كما نشير إلى قضية مهمة وإنسانية تشغل بال كل فلسطيني؛ إنها قضية أسرى الحرية في سجون الاحتلال، الذين يزيد عددهم على أحد عشر ألفا، ويتوقون وأهلهم من آلاف الأسر الفلسطينية لإطلاق سراحهم. إننا نؤكد لكم أن السلام والاستقرار في هذه البلاد اللذان افتقدتهما لبضع عقود، لن يكونا إلا بإنهاء الاحتلال، ونيل شعبنا الفلسطيني حريته وتقرير مصيره وحقوقه المشروعة. متطلعين لدور قداستكم الفاعل، في وقف العدوان المستمر على أبناء شعبنا وأرضنا ومقدساتنا في القدس وغزة والضفة الغربية، وتمكين المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين من الوصول إلى أماكنهم المقدسة في مدينة القدس، لأداء شعائرهم التعبدية، في المسجد الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة، حيث تحرمهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تلبية هذه الرغبة الأكيدة لديهم، وهي من أبسط حقوقهم الدينية. القدس زيارة حائط "المبكى" ولقاء حاخمي اسرائيل ---------------------------------------------- التقى قداسة البابا بنديكت السادس عشر قبل ظهر اليوم الحاخامين الأكبرين لإسرائيل الحاخام السفارادي شلومو عمار والحاخام الاشكنازي يونا ميتسغر بحضور عشرات من رجالات الدين اليهودي. والقى قداسته كلمة بهذه المناسبة اشار فيها الى "ان زيارتي الحاخامين الاكبرين لحاضرة الفاتيكان عامي 2004 و2005 تشكلان تعبيرا عن مشاعر حسن النية التي تميز العلاقات المتطورة بين الديانتين". وابدى البابا رغبته في تعزيز التفاهم المتبادل والتعاون بين الكرسي الرسولي وحاخامية إسرائيل الكبرى والشعب اليهودي في العالم اجمع. واكد قداسته مجددا ان الكنيسة الكاثوليكية ملتزمة بشكل لا رجعة عنه بالدرب الذي رسمه المجمع الفاتيكاني الثاني من اجل مصالحة اصيلة ومستديمة بين المسيحيين واليهود. وكان قداسته قد زار صباح اليوم باحة حائط البراق "المبكى" بعد زيارته للحرم القدسي الشريف. وكان في استقباله وزير السياحة الاسرائيلي ستاس ميسيجنيكوف. وقام قداسته بايداع أحد شقوق حائط البراق "المبكى" ورقة مطبوع عليها دعاء خاص ابتهل فيه قداسته الى الله "ان يسمع بكاء المنكوبين والخائفين والمحرومين وان يحل السلام على الارض المقدسة وعلى الشرق الاوسط وعلى الاسرة الدولية جمعاء". وسيزور الحبر الاعظم بعد ذلك غرفة العشاء الأخير في علّيّة صهيون على جبل صهيون حيث سيؤدي صلاة "افرحي يا ملكة السماء" مع اعضاء مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الارض المقدسة ويتوقع ان يلقي كلمة بهذه المناسبة. ثم يزور الاب الاقدس كاتدرائية بطريركية اللاتين حيث سيقيم صلاة خاصة تمجيدا للقربان المقدس. ثم يشارك قداسته في مأدبة غداء بمقر البطريركية مع أعضاء مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة. وبعد الظهر سيقوم بمباركة القناصل العامين في القدس. وفي ساعات العصر يترأس البابا قداسا حبريا باشتراك حوالي 5000 من المصلين في البستان المجاور لكنيسة الجسمانية في وادي قدرون على سفوح جبل الزيتون. |