وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحسيني: هناك حاجة لاعتماد استراتيجية فلسطينية موحدة لمواجهة التحديات

نشر بتاريخ: 29/05/2009 ( آخر تحديث: 29/05/2009 الساعة: 20:29 )
رام الله - معا - افتتح في رام الله، اليوم، المؤتمر السنوي الثالث للمركز الفلسطيني للإعلام والأبحاث والدراسات (بدائل)، تحت عنوان "نحو استراتيجية فلسطينية قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية"، بمشاركة رئيس ديوان الرئاسة، الدكتور رفيق الحسيني، ورئيس جامعة بير زيت، عضو الهيئة الاستشارية للمركز، الدكتور نبيل قسيس، وعضو الهيئة الاستشارية للمركز، سعد عبد الهادي، ومدير عام المركز، هاني المصري.

وأكد الحسيني على أهمية اعتماد استراتيجية فلسطينية موحدة، في مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الوطنية، موضحا أن غياب استراتيجية فلسطينية ينعكس سلبا على واقع الشعب الفلسطيني، مشيرا في نفس الوقت إلى رفضه الجوء إلى السلاح لحل الخلافات السياسية، وحث على العودة إلى الشعب الفلسطيني عبر صندوق الاقتراع، من أجل تمكينه من اختيار من يحكمه.

من ناحيته، تحدث قسيس عن ركائز المصلحة الوطنية العليا، مشيرا إلى أن هذه الركائز هي عبارة عن عوامل أساسية تهيمن على سياسات الدولة وتوجهها تحت جميع الظروف، وتأخذ شكل المتطلبات أو الشروط التي لا يجوز لأحد، فرد أو مؤسسة، خرقها، بل يحتكم إليها قبل اتخاذ أي قرار أو قبل التوجه في أي وجهة للتأكد من أن هذا العمل – القرار أو التوجه – يتوافق معها ولا يجحف بها ولا يضعفها بل يعززها ويقويها.

وقال: من المفترض أن ترقى على المصالح الفردية والفئوية والجهوية والعائلية والفصائلية، وأن تكون محل إجماع وطني، أو على الأقل محل تأييد الغالبية العظمى من الشعب (الفلسطيني داخل الوطن وخارجه في هذه الحالة،)، ويمكن أن تؤسس للاتفاق على قواسم وطنية مشتركة تسمح بتحقيق وحدة وطنية أو على الأقل تساهم بتوحيد الجهد الوطني.

وأضاف: من الركائز المتعارف عليها: وحدة و سلامة أراضي الدولة، والحفاظ على ذاتها، والاستقلال، القدرة على الدفاع عن الوطن، والعافية الاقتصادية، فإذا تم التوافق على أن هذه الركائز( ويمكن إضافة ركائز أخرى إليها) لا يجوز المساس بها، يصبح من لا يقبلها خارج الإطار الجامع ولا يعود هناك طائل من محاولة التوحد معه أو حتى داعٍ لذلك، إذ من غير الممكن في هذه الحالة أن ينتمي هذين إلى نفس المصدر.

وأكد أن هناك حاجة ماسة للاتفاق على ركائز تجسد المصلحة الوطنية العليا، تحدد الأهداف والحقوق الأساسية التي تجمع الفلسطينيين وقواعد اللعبة التي سيحتكمون إليها.

وتحدث عبد الهادي، عن وجود شبه إجماع على ضرورة البحث عن بدائل للوضع الفلسطيني، مضيفا "كل مسلمة من مسلماتنا طوال أكبر من أربعة عقود صارت محل تساؤل".

وقال: علينا أن لا نهرب من مسؤولياتنا وأن نعمل بكل ما أوتينا من قوة، من أجل إعادة العقل الفلسطيني إلى مساره، وذلك كي نثبت أن الظروف الصعبة لن تكسرنا".

وأشار إلى أن العديد من المسائل استجدت منذ انعقاد المؤتمر الثاني للمركز العام الماضي، مشيرا إلى أنه رغامة قتامة صورة الوضع الداخلي، إلا أن المشهد الإقليمي والدولي يعطي مؤشرات إيجابية، ربما أمكنها أن تفتح نوافذ فرص، لو كان الوضع الداخلي متماسكا وموحدا.

من ناحيته، عزا المصري، اختيار عنوان المؤتمر، إلى أن الاستراتيجيات المعتمدة من مختلف الأطراف الفلسطينية، سواء من الحركة الوطنية الفلسطينية التي تمثلها منظمة التحرير بمختلف فصائلها وعلى رأسها حركة فتح، او من الحركة الإسلامية بمختلف فصائلها وعلى رأسها حركة حماس، لم تحقق الأهداف الوطنية المتمثلة أساسا بإنجاز الحرية والعودة والاستقلال.

وأضاف: إن الهدف من عقد هذا المؤتمر هو البحث والتفكير وتبادل الآراء حول الاستراتيجية الفلسطينية المطلوبة.

وأوضح إن الفريق الذي أيد "أوسلو"، والفريق الذي عارضه، يجب أن يتفقوا على شيء واحد على الأقل، وهو أن هذا الاتفاق لم يحقق الهدف من توقيعه، وأن إسرائيل لم تعد تلتزم به، وليس بوارد الالتزام به، لأنها تعتقد أنها تستطيع تحقيق ما هو أفضل لها منه.

وأردف: إن إسرائيل تريد أن تحافظ على الالتزامات الفلسطينية باتفاق اوسلو، لذلك لم تعلن إلغاءه، وتتنكر كليا للالتزامات الإسرائيلية.
اثر ذلك، بدأت الجلسة الأولى للمؤتمر، وتحدث فيها وزير الشؤون الخارجية الأسبق الدكتور ناصر القدوة، والمستشار السياسي لرئيس الحكومة المقالة، الدكتور أحمد يوسف، والباحث ماجد كيالي.

وأشار القدوة في مداخلته "هناك استراتيجية قابلة للتطبيق"، إلى أن الاستراتيجية الفلسطينيةالناجحة، هي تلك التي تمكن الشعب الفلسطيني وحركته السياسية من إنجاز أهدافه في التحرر والاستقلال والسيادة ووضعه على طريق البناء والتقدم.

وأكد ضرورة توحيد الحركة السياسية الفلسطينية بتياريها، الوطني الديمقراطي والإسلام السياسي، من حيث الرؤية والهدف المركزي وآليات العمل المشترك، ولو بالحد الأدنى الضروري.

وقال: على حماس أن تدرك أنها هي المسؤولة عن حل التناقض بين برنامجها ووجودها في الجهاز السياسي وهو اللجنة التنفيذية للمنظمة أو السلطة التنفيذية، وعليها حل هذا التناقض أما بالتمييز بين موقفها هي كتنظيم وموقف الحكومة التي هي جزء منها مثلاً، أو من خلال انتدابها لشخصيات من خارج التنظيم لتكون في الحكومة أو من خلال اكتفائها بالوجود في المجلس الوطني والمجلس التشريعي والجهاز الوظيفي للسلطة والبقاء خارج اللجنة التنفيذية والحكومة.
من جهته، اعتبر يوسف في مداخلته حول "استراتيجية حماس"، إلى أن لحماس خطة إستراتيجية في العمل لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني وطموحاته في التحرير والعودة وإقامة دولته الحرة والمستقلة والقدس عاصمة لها.

وأضاف في مداخلته من القطاع: هذه الخطة الإستراتيجية لها أبعاد طويلة الأمد، وأخرى واقعية يمكن تناولها والحديث عنها باعتبار أنها تأتي في سياق " سياسة الممكن "، والقائمة على معطيات الحالة الفلسطينية والاعتبارات الإقليمية والدولية المتفاعلة معها.

وقال: إن حكومة حماس العاشرة لم يكن مجيئها من أجل تصعيد العنف والمواجهة والحرب، بل العكس هو الصحيح، حيث إن الغالبية من الفلسطينيين يفضلون أن تكون هناك تسوية سلمية تنهي الاحتلال، وترد الحقوق إلى أصحابها، مع وجود القناعة لدى الكثيرين بأن إسرائيل غير معنية بهذه التسوية، ولا تتطلع للسلام ـ أصًلا ـ مع الفلسطينيين.

واستطرد: إن سياسة الحصار الاقتصادي والعزلة السياسية والضغوط المتواصلة لن تثني شعبنا ولا حكومته من التأكيد على مطالبهم المشروعة باستعادة أرضهم المحتلة، وإقامة دولتهم المستقلة عليها، وإن هذا الصراع لن ينتهي بأسلوب الانسحاب الأحادي الجانب، ولا بسياسة الضم والمصادرة للأراضي الفلسطينية، ولا بتكتيكات الانفراد بهذا الطرف الفلسطيني أو ذاك.

أما كيالي، فتطرق في مداخلته وجاءت بعنوان "الساحة الفلسطينية في مواجهة خياراتها السياسية"، فاستعرض جانبا من المحطات التي مرت بها القضية الفلسطينية منذ العام 1967.

وتعرض إلى تنكر إسرائيل وخرقها للعديد من الجوانب المتعلقة باتفاق "أوسلو"، ما أدى في النهاية إلى اندلاع الانتفاضة الثانية العام 2000.
وذكر أن إسرائيل على ما يبدو غير مهيئة تماما للمضي قدما في تجسيد مسألة قيام دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي الجلسة الثانية للمؤتمر، تحدث كل من وزير الأشغال العامة والإسكان الدكتور محمد اشتية، والكاتب خليل شاهين، وعضو المجلس التشريعي، الدكتور حسن خريشة.

وأوضح اشتية أن هناك ثلاث مهمات رئيسية أمام الشعب الفلسطيني، تتمثل في أن تكون هناك استراتيجية محددة، والتأكد من الفهم الإسرائيلي للمطالب الفلسطينية، والتيقن من فهم العالم للحالة الفلسطينية، وأن ما يجري في فلسطين ليس صراعا بين دولتين، بل بين إسرائيل دولة الاحتلال، وشعب يتطلع إلى إنهاء هذا الاحتلال، وإقامة دولته المستقلة.

وتطرق إلى أهمية إعادة النظر بموضوع المفاوضات، استنادا إلى منظور جديد مرتبط بإطار زمني واضح ومحدد.

وأفاد بأن الجانب الإسرائيلي يتبع استراتيجية تقوم على إطالة أمد المفاوضات، إلى أقصى زمن ممكن، منوها إلى وجود عدة إشكاليات بالمسار التفاوضي.

وذكر بأنه لا بد من إنهاء حالة الانقسام، باعتبار أن استمرارها يهدد المشروع الوطني ككل.

من جانبه، ركز شاهين على غياب استراتيجية وطنية، وآثار ذلك على الواقع الفلسطيني.

وقال: لم يعد ممكنا الحديث عن نظام سياسي فلسطيني واحد، لا سيما في ظل حالة الانقسام ما بين سلطتين، لا مجرد حكومتين في الضفة والقطاع، واحتمالات وصول الحوار إلى حالة من التعايش مع الانقسام بدلا من إنهائه.

وقدم عدة سيناريوهات للتخلص من أو تخفيف عبء وجود سلطتين قائمتين في الضفة والقطاع، مشيرا إلى أن عدة وجهات نظر تبرز في هذا الصدد، تتراوح بين الحفاظ على الوضع الراهن دون انتقال السلطة إلى موقع الدولة، أو حل السلطة بشكل كامل والعودة إلى وضع مشابه لذلك الذي كان قائما قبل توقيع "أوسلو"، أو إعادة تشكيل السلطة.

وقال: تنطلق الدعوة إلى إعادة تشكيل السلطة من حيث الهيكل، والدور والوظائف من حقيقة أن جميع الخيارات المتاحة، ينطوي على مخاطر، ولكن أقلها كلفة في الظروف الراهنة، هو إعادة تشكيل السلطة، كمرحلة انتقالية تتيح إمكانية إنهاء الانقسام الداخلي، وإعادة بناء حركة التحرر ذاتها في ظل انسداد أفق حل الدولتين وفق برنامج منظمة التحرير.

أما خريشة، فاستحضر عدى محطات من تاريخ النضال الفلسطيني، وخاصة نشأة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية، إلى غير ذلك.
وتحدث عن العلاقة بين المنظمة والسلطة، مشيرا إلى أنها كانت مثارا للجدل منذ توقيع اتفاق "أوسلو" العام 1993.
وختم بتأكيد ضرورة تبني استراتيجية فلسطينية موحدة، تحدد فيها مهام كل من المنظمة والسلطة على حد سواء.