وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كتب رئيس التحرير - جيد ان حزب الله لم يفز بالانتخابات

نشر بتاريخ: 08/06/2009 ( آخر تحديث: 08/06/2009 الساعة: 16:06 )
كتب ناصر اللحام - لم أشعر بأي غضاضة لان حزب الله لم يحسم الانتخابات في لبنان، وعلى العكس تماما فانني شعرت بسعادة طيبة تجاه هذا الحزب المقاوم الذي حرّر ارضه ونال ثقة الجماهير العربية، لان حزب مثله لا يجب ان يصل للسلطة بشكل شمولي بل عليه ان يبقى في المعارضة، فمكانه الطبيعي ان يشكّل البديل النظري للسلطة وليس البديل العملي لها.

حزب الله نال ثقة الجماهير العربية، واخطأ حين رفع سقف توقعاته في حسم الانتخابات لان الجماهير العربية صدقته وصدقت ما قالته قناة المنار، وهكذا كانت صدمة النتائج .... ومن وجهة نظري لم يكن حزب الله مضطرا ابدا ان يربط سقف توقعاته واحلامه بمستوى السلطة، وهو ما يمكن تسميته "خطأ جيفارا في بوليفيا " فحين تحررت كوبا رفض تشي جيفارا عرض فيدل كاسترو الاستوزار في كوبا واختار الذهاب الى غابات بوليفيا لتحريض الفلاحين على الثورة ضد البرجوازية وهناك قتل وفشل.

حزب الله لم يقتل في بعلبك ولم يفشل في طرابلس لكنه كاد ان يقامر بقيمته المعنوية العظيمة في مغامرة سلطوية لا داعي لها، وهنا اريد ان أذكر القراء بأن الرئيس الفرنسي ديغول عرض على جان بول سارتر ان يصبح وزيرا للثقافة الفرنسية فرفض واكتفى ان يكون فيلسوفا وكاتبا في حين وافق زميله اندريه مونرو على المنصب ..... وبعد 30 عاما عرض ياسر عرفات على محمود درويش ان يتسلم منصب وزير الثقافة في السلطة الفلسطينية وقال عرفات لمحمود درويش ( اذا كنت انا ديغول فانت ستكون اندريه مونرو ) وهنا رد عليه محمود درويش ( انت يا سيدي الرئيس ديغول وانا اريد ان اكون مثل سارتر ) ورفض المنصب واثبتت التجربة ان درويش على حق.

وهنا انا اقول ان لحزب الله قيمة اكبر من حفنة وزراء في دولة صغيرة وما كان يجب ان يندفع بكل هذه القوة نحو تجربة سلطوية محلية او اقليمية بهذا التعقيد ويربك اتباعه وانصاره في العالم العربي ... ببساطة فقد اخطأ مجلس الشورى عند حزب الله حين اتخذ هذا القرار واخطأ حين استخدم قائدا مثل السيد حسن نصر الله في تجربة انتخابية صغيرة مثل هذه.

وكان على مجلس شورى حزب الله ان يرى ويدرس ماذا حدث في غزة حين فازت المقاومة بالانتخابات وكيف تحوّل الانتصار الى حصار، والفوز الى همز ولمز، والطموحات الى صواريخ وقنابل فوق رؤوس الناس .... وحين بايعنا اسماعيل هنية جاء العالم الظالم وقايضنا حليب اطفالنا برئيس وزرائنا وهي سمة العصر فتقاتلنا واطلقنا على ارجلنا النار .. ولا نزال.

ان المقاومة شرف عظيم لا يجب ان تنزل الى مستوى السلطة وتعقيداتها ... وان المقاوم حين يصبح وزيرا كأنما يتخلى عن صولجان الثورة ويحمل عصا المجانين .