|
خِرب الاغوار الشمالية بين مطرقة المصادرة والهدم وسندان المعيشة القاسية
نشر بتاريخ: 09/06/2009 ( آخر تحديث: 09/06/2009 الساعة: 11:48 )
جنين- تقرير معا- انتهى الحاج لطفي سعيد جبر الكهل الستيني من بناء خيمته وتجهيزها للسكن بعد ان طردته سلطات الاحتلال بالاضافه الى 20 عائلة من خربة رأس الأحمر جنوب شرق طوباس وهدمت منزله المكون من زينكو وحظائر للاغنام.
وكانت جرافات الاحتلال نهار الخميس 4 حزيران 2009 قد هدمت منازل بدائية في خربة رأس الأحمر وطردت اكثر من 20 عائلة الى السهول القريبة من قرية عاطوف. ويقول جبر لمراسل "معا" خلال جولة للاعلاميين نظمتها وزارة الاعلام في جنين والاغاثة الزراعية والحملة الشعبية لمقاومة الجدار بحضور وكيل وزارة الاعلام المتوكل طه: "قبل عملية الهدم بيوم قدمت ثلاث دوريات يقال عنها دوريات التنظيم الاسرائيلية وسلمونا اخطارات بضرورة اخلاء المنطقة خلال 24 ساعة والذهاب الى قرية عاطوف مع العلم أن عملية الاخلاء تحتاج إلى ما يقارب الشهر الا ان الجيش نفذ ما هدد به في الاخطارات واقتحمت ما يقارب 33 دورية مصحوبة بثلاث جرافات عسكرية كبيرة المنطقة وشرعت في هدم الخربة وتشريد اكثر من 200 نفر لتتشتت هذه العائلات في السهول القريبة". ويضيف "اليوم انتهيت من بناء الخيمة ليقطن فيها 12 نفرا من عائلتي اكبرهم 19 عاما واصغرهم 4 أعوام بينما الاغنام والتي تبلغ 500 رأس تفرقت في السهل وتحت اشعة الشمس مع العلم انها مصدر رزقي الوحيد". واشار جبر إلى انها المرة الثالثة التي يتعرض فيها منزله للهدم وفي نفس المكان ،حيث تعرض منزله للهدم اول مرة في عام 1995 والمرة الثانية في عام 2005 والمرة الثالثة يوم الخميس الماضي. بينما اكد المواطن مصطفى عبد الرازق 37 عاما انه بنى خيمته في منطقة تبعد عن خربة رأس الاحمر 3 كيلو مترات ليؤكد للاحتلال بأنه لن يتخلى عن ارضه. ويضيف" ان الاحتلال هدم اربعة بركسات فيها افراد العائلة الثمانية بالاضافة الى 200 راس غنم في الحظائر الاخرى والتي يكسب قوته منها، مشيرا الى ان حالتهم اصبحت اسوأ مما قبل حيث كانوا يعانون من نقص في ابسط المقومات الحياتية من ماء وكهرباء. معاناة اهالي خربة راس الاحمر والخرب الاخرى المجاورة لم تبدأ منذ سنة او سنتين- كما قال المواطن عماد حسن بني عودة في السبعينات من عمره- بل إن هذه المعاناة بدأت منذ بدء الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية لا سيما حين بدأ الاحتلال باطلاق النار على الاغنام خلال رعيها في السهول والجبال في الاغوار الشمالية لتنتقل المعاناة الى الاقتحامات المفاجئة التي تقوم بها قوات الاحتلال عن طريق المروحيات العسكرية حيث كان الاحتلال يراقب الراعي في السهل وفجأة تهبط طائرة مروحية في المكان وتعتقل الراعي لتنقله الى اريحا ويتم تغريمه مبلغا كبيرا من المال. واضاف انه يتذكر في عام 1977 عندما كان يرعى الاغنام بالقرب من خربة الحديدية ليتفاجأ بطائرة مروحية تهبط بالقرب منه وينزل منها عدد من الجنود ويتم اعتقاله ونقله الى مدينة اريحا ليتم اعتقاله لعدد من الساعات ومن ثم تغريمه بما قيمة 900 دينار اردني والتهمة هي انه قام برعي الاغنام في منطقة عسكرية يمنع عليه الاقتراب منها او دخولها. ويتابع حديثه "لتنتقل المعاناة الى مصادرة ونهب الاراضي ومنع المزارعين واصحاب الاراضي من دخولها بحجة ان المنطقة عسكرية مغلقة". المواطن احمد بشارات تحدث عن المناورات التي يجريها الجيش الاسرائيلي في المناطق التي يتخذونها سكنا لهم، ما يتسبب بوقوع إصابات في صفوف المواطنين، خاصة القاطنين على سفوح جبال الاغوار الشمالية. خربة راس الاحمر لم تكن الوحيدة التي تعاني من ممارسات الاحتلال كما يقول احمد بشارات رئيس بلدية طمون بل سبقها خربة الحمصة التي هدم الاحتلال بيوت سكانها البدائية على رؤوس اصحابها وطرد سكانها الى منطقة حاجز الحمراء. وأشار بشارات إلى ان الاحتلال يخطط لالحاق خربة الحديدية بالخربتين السابقتي الذكر حيث قام الاحتلال بتوزيع الاخطارات على اهلها من اجل اخلاء المنطقة حتى تاريخ 25- 6 -2009 والا سيتم الهدم. ويقول بشارات ان سكان الخرب في الاغوار الشمالية يعانون الامرين ما بين ممارسات الاحتلال وسياسات الهدم والمصادرة والمنع وبين صعوبة الحياة. ويضيف ان قوات الاحتلال قامت بحفر خندق قسّم اراضي الاغوار الى قسمين، من هذين القسمين حوالي 60 الف دونم حولوها الى منطقة عسكرية يمنع الاهالي من الاقتراب منها بشكل تام، ومنها مناطق يمنع على الاهالي التواجد فيها مساء. محافظ طوباس الدكتور سامي مسلم قال: "ان الخسائر التي تكبدها الاهالي في الاغوار بسبب سياسة الهدم بلغت 200 الف دولار حسب تقدير وزارة الزراعة التي قامت بحصر الخسائر". واضاف ان رئيس الوزراء د. الدكتور سلام فياض تكفل بتعويضهم حيث ارسل مبلغ 150 الف دولار تحت تصرفه وسيتم توزيع التعويضات حسب الاحتياجات. وقال مسلم ان اسرائيل تعمدت هدم التجمعات السكنية في الاغوار الشمالية بحجة انها غير مرخصة وادعت ان السكان القاطنين في تلك المنطقة تواجدوا فيها حديثا، مفنداً هذا الزعم بالقول ان المواطنين متواجدون في تلك المناطق منذ اكثر من 60 عاما وأن معظمهم حملة شهادات جامعية ودبلوم. واضاف لقد اختاروا البقاء في خيم في تلك المنطقة وحرموا انفسهم من مرافق الحياة الحديثة لان اسرائيل أولا: لا تعطي رخص البناء فيها بالاضافة الى التأكيد على انهم سيبقون على اراضيهم ولن يتخلوا عنها ولن يسمحوا لاسرائيل بتمرير خطط الهدم والمصادرة وتهويد المنطقة كما تهود القدس وباقي الاراضي الفلسطينية. المتوكل طه وكيل وزارة الاعلام قال: "لقد قدمنا الى هنا في جولتنا الاعلامية من اجل الاطلاع على احتياجات الاهالي في الاغوار الشمالية وتضامنا معهم لتعزيز صمودهم امام السياسية الاسرائيلية في الهدم ومصادرة الاراضي". واعتبر ان وجود الاحتلال على الارض الفلسطينية غير شرعي، وكل ما ينجم عنه من استيطان وممارسات عنجهية وبناء جدار الضم والتوسع لن نقبل به في أي ظرف من الظروف. واضاف "ان ما يجري على ارض محافظة طوباس انما هي نظرية ينفذها الاحتلال وهي نظرية التغريب والتخريب والازالة، ونحن الفلسطينيون نقابلها بنظرية الصمود والتحدي، وعلى العالمين العربي والدولي ان يتبنى هذه النظرية ويدعمها ويساندها، فالاحتلال يريد ابقاء زمنه في الاستيلاء والقوة والسيطرة ويبقي زمن الفلسطينيين في الجوع والتشرد والجهل والقمع. واكد ان الممارسات الاسرائيلية اليومية انما هي تأكيد على انهم لا يريدون السلام العادل كما يدعون وعلى الطرف الفلسطيني وخاصة الوفد المفاوض ان لا يتوهم بالمقولات الخرافية. الدكتور سامر الاحمد مدير الاغاثة الزراعية فرع الشمال قال: "لا نريد الزيارات التضامنية وقول الشعارات بل نريد مقاومة شعبية تشتمل على تقديم المشاريع الدائمة في الاغوار الشمالية من اجل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني على ارضه وحمايته من الاضطهاد والترحيل وتساعده على مواجهة السياسات الاسرائيلية الرامية إلى الهدم والازالة من بيوتهم واراضيهم. |