وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أوروبا تساهم في دعم الثقافة:الفسيفساء تصنع لغة ما بين الشرق والغرب

نشر بتاريخ: 18/06/2009 ( آخر تحديث: 18/06/2009 الساعة: 17:20 )
بيت لحم- معا- بعد عمل دؤوب استمر قرابة ثلاثة اشهر ماضية، استعد فريق من الخبراء والمتطوعين في مركز الفسيفساء التابع لهيئة تنشيط السياحة في أريحا والأغوار لاقامة معرض تحف من زخارف فسيفساء قبة الصخرة المشرفة سيتم عرضها في 24 شهر حزيران الجاري في قصر الثقافة برام الله ومن ثم يتبعه عرضين في مدينتي بيت لحم ونابلس.

واوضح أسامة حمدان مدير مركز الفسيفساء في أريحا إن مشروع فسيفساء قبة الصخرة يأتي بمناسبة احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية، بتمويل من الاتحاد الأوروبي في إطار دور الاتحاد الأوروبي في تعزيز الحوار الثقافي والفني بين أوروبا ودور الجوار عموما وفلسطين خصوصا، مؤكداً أن المعرض سيتضمن 10 نسخ من زخارف فسيفسائية مزركشة ومذهبة ومصدفة لقبة الصخرة، وهي تحاكي الأصل للفسيفساء التي تعود للعام 691هـ في الفترة الأموية التي بُنيت فيها الصخرة المشرفة.

واشار حمدان أن الهدف من هذا المعرض المتنقل تقييم التراث العربي الفلسطيني في القدس، والفن الإسلامي المبكر الذي يظهر اهتمام الأمويين بالقدس من النواحي الدينية والسياسية والإدارية، بعكس ما يدعي به الإسرائيليون من أن الفلسطينيين لم يهتموا بالقدس.

ومن الأسباب التي يرى حمدان أنها تستدعي إقامة المعرض، هي الرغبة بتعريف الجمهور بأهمية التراث العربي الفلسطيني في القدس ومناطق وجودها، مشيرا إلى انه تم نقل الفسيفساء واللوحات إلى مستوى نظر الناس ليتمتعوا بمشاهدة جمالها ودقة صنعها، إضافة إلى الظروف الحالية من إغلاق وجدار وحرمان الفلسطينيين في الضفة الغربية من الوصول إلى القدس وقبة الصخرة، فإن المعرض يشكل فرصة لاطلاع المواطنين على هذه المعالم.

وقال حمدان :" بأننا سنحْضِر لهم القدس وقبة الصخرة إلى مدن الضفة بحيث سيتضمن المعرض واللوحات التي سيتم عرضها رسومات وأشكالا مأخوذة من أقسام من قبة الصخرة بذات الحجم الطبيعي، فهنالك زخرفة القوس بطول 5 أمتار وعرض متر ونصف، وباقي اللوحات تختلف تبعا للأحجام الطبيعية".

أما عن تجارب الحرفيين العاملين في صناعة الفسيفساء، قال أحدهم : "نحن في فلسطين نمتلك كنوزا أثرية وتراثية، ونحن ضمن أجواء سياسية تهدف لتدمير هذه الممتلكات الأثرية، من هنا تولد لدي دافع كي اعمل في هذا المجال".

عاملة أخرى قالت "العمل في الفسيفساء رائع ومميز، ليس فقط من ناحية التصنيع والجمال الفني بل كذلك من ناحية التعرف على التاريخ، وهذه الفسيفساء شكل من أشكال الفن العملي الجميل".

وعن مركز الفسيفساء التابع لهيئة تنشيط السياحة في أريحا والأغوار، أوضح حمدان أن المركز مؤسسة غير حكومية تابعة لهيئة تنشيط السياحة والآثار في محافظة أريحا والأغوار، تأسست في العام 2000، من قبل مجموعة من الحرفيين الذين تلقوا تدريباً في العام 1999 بتمويل من مؤسسة التعاون الايطالي بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار.

وقد واصل هؤلاء الحرفيون تدريبهم الذي استمر 5 سنوات للحفاظ على الإرث الفسيفسائي في فلسطين والذي بقي مزدهرا حتى الفترة المملوكية، وبعدها بدأ بالاندثار شيئا فشيئا مشيرا إلى أهمية خلق أناس مؤهلين للحفاظ على التراث الفسيفسائي في فلسطين واسترجاع الحرفية القديمة التي كانت موجودة في فلسطين ثم اندثرت.

وعن مدى الاهتمام المحلي بهذا القطاع الهام، عبر حمدان عن أسفه حيث أنه على الصعيد المحلي لم تتلق المؤسسة الرعاية الكافية، وفقط هناك اهتمام أوروبي بهذا العمل الذي "نفخر به وهو يعكس ارثنا الثقافي أمام العالم بأسره ".

كما وجه حمدان مناشدة إلى المسؤولين ولأبناء الشعب الفلسطيني بالقول: "فلسطين غنية بتاريخها وثقافتها وارثها وحضارتها وفسيفسائها، فلنحافظ على هذا الكنز الكبير، ولنعد العدة وندرب الطواقم لتحافظ عليه وتحميه وترممه وتبقي لنا في الذاكرة عبق التاريخ، ويبقى لنا على الأرض فسيفساؤنا".

شبكة "معا" أنتجت قصة تلفزيونية عن الفسيفساء سيتم بثها على شاشات المحطات التلفزيونية الشريكة يوم السبت 20/6 الساعة التاسعة مساء في حين سيتم بث القصة على الفضائية الفلسطينية في تمام الخامسة والنصف من نفس اليوم.

يشار إلى أن مركز الفسيفساء تابع لهيئة تنشيط السياحة في محافظة أريحا والأغوار، وهو من أهم المراكز وأنشطها يعمل على مدار سنوات في تدريب شباب فلسطينيين من أجل الحفاظ على الفسيفساء القديمة في فلسطين وترميمها وخلق مهارات جديدة في فن صناعة الفسيفساء، وقام المركز كذلك وبدعم وتمويل من الاتحاد الأوروبي.

وتعد الفسيفساء من أقدم الفنون التصويرية، فهي فن التلاحم والتشابك وعادة ما تتكون من انتظام عدد كبير من القطع الصغيرة والملونة وتلاحمها لتنسج معا مناظر طبيعية أو أشكال هندسية أو لوحات بشرية أو حيوانية، ويرجع استخدامها لأيام السومريين ثم الرومان حيث شهد العصر البيزنطي تطورا كبيرا في صناعة الفسيفساء لأنهم أدخلوا الزجاج والمعادن عليها، وقد مر تطور الفسيفساء بمراحل عديدة حتى بلغ قمته في العصر الإسلامي، فالفسيفساء هي فن العصور الإسلامية بامتياز وقد أبدع فيها المسلمون فطوروا هذا الفن و تفننوا به وصنعوا منه أشكالاً رائعة جداً في المساجد من خلال المآذن و القباب وفي القصور والنوافير والأحواض المائية ومن ثم الكنائس ودور العبادة والمنازل والأسواق وتفننوا في أشكاله وألوانه.