وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تقرير لراديو البلد يثير قصة المشردين في الشوارع- أين الخدمة الاجتماعية

نشر بتاريخ: 21/06/2009 ( آخر تحديث: 21/06/2009 الساعة: 13:08 )
جنين- معا- وسيم الوجه، يرتدي ملابس مزق نصفها ووضع نصفها الآخر في جيوبه، يصمت أحيانا ويصرخ أخرى، يقف ويركض هنا و هناك، تختفي خلف ملامحه 23 سنة أتمها في الخامس من نيسان الماضي، يراه المارة عادة قرب دوار السينما في جنين، إنه محمد ياسر الجعبري، الذي يعرف بالمجنون، ولكن، ما حالته بالضبط؟.

تقول زوجة أبيه إنه يعاني تخلفا عقليا، وحجم عقله صغير بحسب تشخيص مستشفى بيت لحم للامراض النفسية والعصبية التي عبرت عن عدم قدرتها لاستيعاب مثل حالته و لا تستطيع تقديم شيء له.

أما التشخيص الطبي فيوضحه طبيب الأمراض النفسية في جنين مالك حسان في تقرير حول حالته، بأنه يعاني تخلفا عقليا شديدا مصحوبا باضطرابات عدوانية تجاه الآخرين، حيث يتجول في الشوارع و يأكل القمامة، يدخل البيوت مسببا الرعب والخوف الشديد لأهلها، ووضعه الحالي أصبح غير طبيعيا على حد تعبيره، ما يوجب ضرورة استيعابه في إحدى المؤسسات التي تعنى بمثل هؤلاء الشباب.

وفي حديثها لنا، أفادت زوجة ابيه أنهم قاموا بالتوجه لأكثر من مؤسسة وجهة رسمية، كالمحافظة ومدير الشرطة في جنين، ومستشفى بيت لحم، بالإضافة إلى الشؤون الاجتماعية، ولكن لا رد إيجابي يذكر وحجة الغالبية أن عمره لا يتلاءم وشروط المؤسسات اللازمة لتأهيله، وعن طريق المفتي أبو سعيد تم التوجه لمؤسسة في أريحا وعدت بمكان قيد الانشاء لمثل هذه الحالات، لكن منذ سنتين لغاية اليوم لم يردهم أي خبر منها، و من جهة أخرى توصلو مؤخرا إلى مؤسسة أهلية تعنى بمثل هذه الحالات إلا أن الكلفة شهريا مقابل الاعتناء به 1000 شيكل، المبلغ الذي لا يستطيعون دفعه، مقارنة بدخل الأسرة.

ولشدة ما كان يصلهم من شكاوى حول اعتدائه على الأطفال وسرقته الملابس من على حبال الغسيل، حتى في بيته لم يستطيعوا تحمله من تصرفاته التخريبية في البيت، قام والده ببناء غرفة خاصة له جانب بيتهم وربطه بالجنازير، لكن شكاوى الجيران تدافعت بسبب صراخه طيلة الليل ما أدى إلى إزعاج راحتهم ونومهم.

وبرغم تخصيص تلك الغرفة له، وتقييده داخلها، إلا أنه تمكن من الهرب من خلال هدم الطوب وفك الجنزير، ففي وجوده ضيق للجيران، وفي هروبه إزعاج للناس الذين يلتقي بهم وربما خطر، وتقول هنا إن والده لا يستطيع فعل شيء له.

وأوضحت زوجة ابيه، أن الوالد أسر في الانتفاضة الأولى عام 1990 الشيء الذي دعا زوجته لطلب الطلاق منه لتترك أطفالها الثلاثة الذين تنقلوا بين أماكن متعددة كان آخرها العيزرية حتى تحرير والده الذي عاد بهم إلى جنين، وتضيف زوجة ابيه بأن حالة م أخذت بالازدياد نتيجة إحساسه بفقدان والدته.

وفي استطلاع لرأي الشارع حول ما يشاهدونه من م تراوحت وجهات النظر بين من يراه خطيرا و يجب ايجاد حل عاجل له لأنه يسبب خطرا على المارة، وعلى نفسه، ونذكر هنا أنه أصيب قبل سنتين بعيار ناري من جيش الاحتلال ما أودعه المستشفى مدة 9 أشهر كلفت ذويه أموالا لغاية اليوم يسددون تبعاتها، وفي آراء أخرى عبر البعض عن حزنهم تجاهه معتقدين بأنه لا يسبب خطرا بل المجتمع هو الخطر، وهو الذي يتحمل مسؤولية وجوده بهذا الشكل، ومن جهة أخرى فهو لا يضرب أحدا إلا إذا تعرض له بالإساءة ونعته بالمجنون حسبما قال أحد الأطفال.

ومن جانبه، عبر شرطي المرور على دوار السينما أثناء التقاطنا للآراء، عن أن الشرطة تقوم بواجبها على أكمل وجه، وفي كل مرة يتعرض فيها لأحد المارة أو يتعرى كالعادة أمام عيون الناس، تقوم بأخذه لأهله، قائلا بأن الشرطة لا تستطيع فعل أكثر من ذلك ولا حتى حبسه على اعتباره معاقا، لا تنطبق عليه القوانين.

هو أحد الكثيرين الذين نراهم في كل قرية ومدينة، يتجولون في عوالمهم الخاصة، وتختفي وراء كل منهم قصة معينة ربما قريبة أو غريبة، هؤلاء مسؤولية من؟ متى سيستريحون من رحلة الذاكرة، أم أنهم لازمة مجتمعية لا تنضج الرواية الادبية دونها؟.