|
كتب رئيس التحرير: عظّم الله اجركم- فشل القاهرة ام فشل الحوار؟
نشر بتاريخ: 02/07/2009 ( آخر تحديث: 02/07/2009 الساعة: 20:42 )
معا- كتب رئيس التحرير ناصر اللحام- مع انتهاء جولة الحوار الوطني السادسة في القاهرة دون احراز مصالحة، خبا الأمل في صدور الناس، وقال الاكثر تفاؤلا ( لا شك ان مصر لديها اوراقا ستستخدمها في اللحظة الاخيرة وتفاجئ بها العالم ) وقال المتشائمون ( لا يصلح العطّار ما افسد الدهر ) وقال من تبقى ممن تبقى من اهل فلسطين فيها: هذا هو حالنا منذ ثورة 1936 وحتى الان زعاماتنا تتقاتل وفلسطين ضاعت.
واذا نظرنا الى الموضوع من ناحية ثقافية اكثر، وسياسية أقل، سنجد ان الجدار الذي بناه شارون على أرض فلسطين قد تحوّل الى ثقافة سلبية منتشرة، والى وباء افظع من وباء انفلونزا الخنازير، ويبدو ان الجدار قد تحّول من ماركة اسرائيلية الى "طاعون" يعيش بداخلنا.. فبعد بناء جدار في فلسطين جرى بناء جدار في الصحراء الغربية بين المغرب والبوليساريو وفي بغداد وفي بلفاست وهكذا.. وكل مجموعة او طائفة او جماعة حزبية لا يعجبها الاخر ولا تريد ان تقبله صارت تبني بينها وبينه جدار.. فوصل الامر الى ان يبني الفلسطينيون جدرانا بينهم وبين انفسهم.. فأهل فلسطين في عكا وحيفا يعتبرون انفسهم أكثر رقيا من اهل فلسطين في القدس، واهل فلسطين في القدس يرون في انفسهم جينات متطورة عن فلسطينيي الضفة، واهل الضفة يتبخترون تيها في الارض وكأنهم افضل من اهل غزة وهكذا بنينا في داخل انفسنا جدرانا جغرافية وسياسية وادارية لا تنتهي. وكم كان استغرابي شديدا حين قام والدي وهو يسكن في مخيم الدهيشة للاجئين ببناء جدار بينه وبين جاره دون سبب وحين حاولت نقاشه قال "هكذا أفضل لنا وله" اما ادارة "معا" وهي ادارة شابة يافعة وصغيرة في العمر فقد بنت جدارا من الجبس في وسط غرفة التحرير فلم أعد ارى زملائي قط وهم لا يرونني وحين وصلت مكتبي ووجدت جدارا في وسطه سألت عن السبب قيل لي "التطورات الادارية وضرورات العمل تتطلب ذلك". وكنا نقول هنا " العائدون من تونس" ثم صرنا نقول "غزة وضفة" ثم انتقلت العدوى الى داخل التنظيم نفسه "لاجئ ومدني" والى اليسار "ليبرالي وراديكالي" وفي داخل فتح "لجنة مركزية او تنظيم الداخل" والى داخل حماس "مهاجرين وانصار" ثم الى داخل البيت نفسه وصولا الى انتقال العدوى الى داخل كل فرد فينا. وقبل ان نفكر في هدم جدار شارون.. وقبل ان نفكر في الصلح بين فتح وحماس، وقبل ان نفكر في كل شئ من هذا القبيل علينا ان نفكر في محاربة الجدار داخلنا.. وحينها فقط نواصل السير نحو احلامنا ونحو مستقبل اولادنا.. واذا فشل الحوار في مطلع شهر تموز ولم تتحقق المصالحة فان دولة حماسستان ستصبح راسخة في غزة ودولة منظمتستان ستقوم في الضفة، والقدس ستذهب سوء تفاهم بين الاتفاقيات وعظم الله اجرنا.. وان لا نلوم مصر أبدا. وعلى قول الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا |