|
كما الأيتام على موائد اللئام../ بقلم: نصير فالح
نشر بتاريخ: 04/02/2006 ( آخر تحديث: 04/02/2006 الساعة: 16:57 )
معا- قد يبدو هذا الوصف مناسباً لاطلاقه على الصحفيين في هذا الوطن المعذب بسوط الاحتلال والمنتفعين الذين اتخذوه وسيلة لملء جيوبهم والتطاول في البنيان والمجون والترف كل على طريقته الخاصة.
واستوقفني المشهد المؤلم في هيئة الاذاعة والتلفزيون الفلسطينية والاجراء التعسفي بوقف اكثر من ستين موظفاً عن العمل، أولاً لأنني أعرف السواد الأعظم منهم عندما كنت موظفاً في تلك المؤسسة المترهلة التي تجر ذيولها بسبب ما جنته أياد سوداوية فيها وثانياً لان وزير الاعلام ربما أراد مكافأة حركة حماس على فوزها وقدم لها الموظفين المفصولين قرابين على مذبح الديمقراطية . لا يفاجئني الموقف عندما تنداس السلطة الرابعة وتمس صاحبة الجلالة لأن السلطات الثلاث التي تسبقها التنفيذية والتشريعية والقضائية ليست بأفضل حال، لكن الغرابة في الموقف أننا كصحفيين بتنا أشبه بمتسولين على أبواب المسؤولين أو أرباب العمل مما أضطررنا الى العمل في أكثر من وظيفة، ليس حباً في الشقاء لان مهنتنا هي في الأساس مهنة المتاعب ولكن رغبة في توفير أدنى متطلبات الحياة. كنت أرغب في توجيه سؤال الى كل مسؤول ، هل كان بامكانه أن يعيش مع أسرته بثلاثة آلاف شيكل وأن يصل الليل بالنهار ويعمل كالحمار أجلكم الله فما بالكم أذا كان لا يبقى من الراتب سوى الفتات بعد القروض واجرة المنزل ... الخ. ورغم أنني لا أحب السؤال، لكن طبيعة المهنة تلح علي أن أكثر من السؤال، وأنا هنا لست وكيل المفصولين في هيئة الاذاعة والتلفزيون لكنني اكتويت بنار الفئوية والمحسوبية والشللية والفاسدين والمفسدين قبل أن استقيل من تلك الهيئة أواخر التسعينات، فلماذا لم يحاسب الوزير شعث من سرقوا ونهبوا وأفسدوا الدهر في بضعة أيام قبل أن تتسلم حماس زمام الأمور؟ ومن قال له أن حركة حماس ستكون الحاكمة بامر الله في الأرض وأن لديها من الشفافية ما لا يوصف " فكلنا طينة من مطينة" على رأي المثل الشعبي، وكل واحد يمارس الفساد بطريقته الخاصة ووفق ما تيسر له، فوالله ليس فينا نبيّ، ولو فتحت الملفات، لرجونا الله أن يعجل بيوم القيامة . وهل نسينا نحن الرعيل الأول في هيئة الاذاعة والتلفزيون عندما كانت الاذاعة في أريحا عام أربعة وتسعين كيف كنا ناكل ونشرب وننام على سطح مبنى الاذاعة في أريحا التي لا تؤتى إلاّ في الليل.دون أن نتلقى رواتب مقابل مسؤولين في الهيئة كانوا يعيشون في النعيم ونحن في الجحيم، فهل سأل د. نبيل شعث عما جنته تلك الايادي آنذاك، وكيف كانت امرأة شمطاء تحكم وترسم في تلك الهيئة لانها صاحبة المدير والوكيل، هل يتذكر احد تلك الليالي المظلمة في تاريخ كنا نرسم اشراقاته بسهرنا وتعبنا وبعدنا عن أسرنا، هل هكذا يكافأ المرء في هذا الوطن الذي ليس ملكاً لا لحماس ولا لفتح بل للشعب الذي انتفض وسيحطم اللات وهبل . وهل ماتت الضمائر، فاين عمر وأين البغلة التي لو تعثرت في العراق وليس في هيئة الاذاعة والتلفزيون لسئل عنها امام الله يوم القيامة. ومن ثم لماذا لا يعطى الصحفي اجراً كريماً حتى لا يكون مضطراً للبحث عن عمل إضافي يسد منه رمق عياله، وهل يتذكر المسؤولون ليلة سمر واحدة من لياليهم الطويلة كم تكلفهم من المال، أليست تضاهي راتب موظف أو اكثر. إنني على يقين أن هذا الكلام لن يطيب للكثيرين وليكن كذلك، ولكن الحقيقة ُمرّة، والأمر منها أن المخفي أعظم وليس هناك ما نخسره بعد كل الخسارات التي مُني بها شعبنا داخلياً وخارجياً. وحين يصبح صناع الرأي متسولين، فإن في الأمر خيانة،لأننا نفتقر الى جسم صحفي ونقابة صحافيين تدوس من يدوسنا، والسلام عليكم كنتم سجناء أو موتى أو أحياء، لأن هذا الوطن ليس للشعب بل لقلة من أصحاب المناصب العالية الرفيعة في السلطة كانوا أو في الفصائل أو غيرها، فهم ولدوا أسياداً والشعب ولا عبداً الى أن تحين الساعة ليقول الشعب كلمته الصعبة. |