وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

النائب الفلسطيني الاسير.. حسام خضر لـ «البيان»:بإمكان "أبو اللطف" أن يحدث تغييراً حقيقياً إذا عاد لارض الوطن

نشر بتاريخ: 19/06/2005 ( آخر تحديث: 19/06/2005 الساعة: 11:20 )
يجب عقد المؤتمر الحركي السادس واعتماد مبدأ الشفافية والمساءلة والمحاسبة.

· بإمكان "أبو اللطف" أن يحدث تغييراً حقيقياً إذا عاد إلى أرض الوطن

· قضية الأسرى هي الورقة الرابحة في يد السلطة وهي ثمن الهدنة المعجّل.

معا - أكد حسام خضر القيادي في حركة فتح وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني الأسير ان فتح تعيش أسوأ حالاتها، مشيراً إلى ان المستقبل لحركة المقاومة الاسلامية حماس، واصفا إياها بأنها حركة وطنية مناضلة شاركت بفعالية وقوة في الانتفاضتين ، وأرست مفاهيم وأخلاقيات جديدة، والآن لديها الفرصة التاريخية والقدرة للمشاركة في قيادة الشعب الفلسطيني عبر الانتخابات.
وأوضح في حوار مع «البيان» من خلف قضبان الزنزانة الاسرائيلية التى يقبع فيها ان الانتفاضة انتهت وان الإصلاحات التي يقوم بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) بطيئة جداً، داعيا إياه إلى العمل على ابعاد رموز الفساد. تاليا نص الحوار :
* هل تتوقع إفراجاً عنك وعن مروان البرغوثي؟ ما الخلفية السياسية لذلك؟ وما دور السلطة الفلسطينية فى هذا الأمر؟ وهل هناك جدية لدى القيادة بشأن الأسرى عموماً؟
ـ إسرائيل اعتقلتني من أجل منع استمراري وتواصلي وتأثيري، وإن كنت لا أبرّئ جهات أو اشخاصاً متنفذين في السلطة من المشاركة في هذا الاعتقال، وعندي أدلة مادية اضطر ضباط المخابرات الإسرائيلية لكشفها أمام صمودي في التحقيق من أجل التسريع في انهياري وإجباري على الاعتراف.
وسمعت أصواتا مدفوعةً من متنفذين في جهات عليا في هرم السلطة وقتها تحاول تيئيسي من إمكانية إطلاق سراحي ضمن تسوية ما من خلال السلطة، والحال ما زالت كما كانت رغم انتخاب الأخ «أبو مازن» ووجود الأخ (رئيس الوزراء أحمد قريع) أبو علاء.
إلاّ أنّ من يوجّه الأمور هذه هم أناس لهم ارتباطات غير وطنية إضافة إلى كونهم رموزاً للفساد والخيانة في السلطة ومتنفذين باسم السلطة أو حتى فتح، وأستبعد أي انفراج في أزمتي، وكذلك أزمة الأخ مروان... وإن كنت نظرياً أسمع وبشكل متباعد وعبر بعض الوسطاء بأن اسمي مطروح إلاّ أنني أشكك في صدق النوايا وأقلل من الدوافع لأنّ صوتي كان يقضّ مضاجع كل من أساء لشعبنا وتحديداً أصحاب «تيار أوسلو الاقتصادي» والذي للأسف ما زال مسيطراً ومتنفذاً في السلطة حتى الآن.
أما في شأن ملف الأسرى والسلطة، أعتقد أنّ الورقة الرابحة في يد السلطة والممكنة هي قضية الأسرى وهي ثمن الهدنة المعجّل، وإذا لم تَسْعَ السلطة وتعمل الفصائل على إنهاء ملف الأسرى فإنّ القضية ستموت مثل سابقتها في فترة أوسلو، وسيبقى هناك آلاف ممن يقضون أحكاماً في السجون إلى الأبد!.
* كيف ترى حال حركة «فتح» اليوم وما توجيهاتكم لرأب تصدعاتها وانشقاقاتها؟
تمر فتح في أسوأ أزمة رغم بروز ظاهرة كتائب شهداء الأقصى في الانتفاضة التي ما زلنا نعيش آثارها، إلاّ أنّ فتح حركة معطّلة وبقرار من أعلى هيئاتها، حيث استهدفت مع بداية العملية السياسية عام 93 وذلك بهدف تمرير المرحلة السياسية بكل أوزارها وأخطائها، ولا نستطيع أن نقول إنّ هناك حركة بمعنى المؤسسة التنظيمية أو الحزب السياسي القائد، بل هناك مجموعة ممن كانوا ينتمون لهذه الحركة كأفراد بعضهم يسعى إلى إعادة الحركة إلى دور القيادة من خلال تفعيل مؤسساتها وتأطير عناصرها.
وضخ دماء جديدة، لكن تعطيل المؤسسات ترك فتح والفتحاويين تحت رحمة الأهواء والأمزجة والأشخاص والأحداث وأقول بثقة إنّ المستقبل لحماس، منطلقاً من هنا حيث أتواجد من داخل السجون والتي تعيش فيها حركة فتح اسوأ حالاتها، حيث الصراعات على أسس من الشللية والاقليمية الضيقة، وحيث التسيب وغياب البرامج ودور التنظيم كامتداد لحالة الخارج المتراجعة.
فيما أنّ حماس ومن خلال برامجها الخارجية وحالة التعبئة والتثقيف والانضباط والعطاء المتنوع والمسلكيات السليمة تشق المستقبل الفلسطيني بخطى واثقة، فيما أننا في «فتح» نعيش حالة انقسام وترهل ولنا ولاءات شخصية ومصالح ذاتية على حساب الوطن والشعب والتنظيم والأهداف والمبادئ والأخلاق ومنظومة القيم.
إنّ عدم عقد المؤتمر الحركي السادس منذ أكثر من سبعة عشر عاماً، وتغييب المؤسسات ومنهج القيادة الجماعية واعتماد الشفافية والمساءلة والمحاسبة، كل هذا يدفعني إلى استنتاج حقيقة واقع فتح المزري وتراجعها المحقق وتخبطها في قيادة الشعب والسلطة.
وأنا أعلن من هنا أنّ «فتح» لم تعد القائد للحركة الوطنية الفلسطينية وأنّ على قيادتها وقف استخدام فتح وتاريخها ودماء شهدائها لإدارة مصالحهم الذاتية وتحقيق مكتسباتهم النفعية، ولا بد من عقد مؤتمرات حركية قاعدية وصولاً إلى المؤتمر الحركي العام وإقصاء كل من أساء لفتح عبر تاريخها المشرّف.
وهذا بحاجة إلى قرار جريء هو في حقيقة الأمر غير متوافر لأن قيادة الحركة قيادة تقليدية متخلفة تخشى الديمقراطية أكثر مما تخشى الاحتلال، لأن الديمقراطية تعني الإقصاء، فيما الاحتلال هو أكبر ضمانة للاستمرار والبقاء علينا أن نسلّم ونقرّ بأن منطق التاريخ هو التقدم والتطور والتغيير، وشعبنا ماض في هذه السياسة، لذا لا مجال أمامنا سوى التسليم بالواقع واحترام القوى السياسية الصاعدة وفقاً لمبدأ التعددية السياسية والشراكة الوطنية في تحملّ مسؤولية الوطن والمواطن.
لعودة او الاستقالة
* كيف ترى دور فاروق القدومي (أبو اللطف) في قيادة فتح حالياً؟ وما تعليقكم على تأجيج الخلافات مع الرئيس أبو مازن؟
ـ للأسف الشديد لم نشعر بأي تغيير حقيقي في فتح باتجاه التغيير والإصلاح والعمل بروح المؤسسة بعد وفاة عرفات، وإن كنا نعوّل كثيراً على الأخ أبو اللطف.
إلاّ أنّ هذا لا يلغي مسؤوليته تجاه ما آلت إليه فتح كمؤسس وقيادي بارز في فتح شغل أمين سر لجنتها المركزية، وإن وجوده في المنفى يقلل من فرصه وحظوظه وقدرته على الإصلاح لأنّ الجسم الفتحاوي الرئيس هو في الوطن المحتل، وأن من يملك السلطة والمال والقدرة على التحريك والتوظيف هو الذي يملك إرادة الحركة وقرارها.
وبالتالي أنا لا أتوقع أي تطور ملموس في مؤسسات الحركة حتى أنني أشك في إمكانية عقد المؤتمر الحركي السادس على خلفية الاستقطاب والتجاذب القائم، وإن حركة فتح هي ضحية هذه اللامبالاة من لجنتها المركزية والتي يعتبر أبو اللطف من أهم أعضائها وأقدرهم. إذا أراد الأخ أبو اللطف لفتح أن تستعيد جزءاً من حضورها ووحدتها وعافيتها فليس أمامه سوى أحد خيارين: الأول العودة إلى ساحة الوطن من أجل قيادة الحركة ومؤسساتها، والثاني الاستقالة من أمانة سر الحركة وترك المجال أمام شخصية أخرى لتقودها.
أما عن العلاقة مع الأخ «أبو مازن» فهذا الخلاف شيء متوقع وطبيعي وهو امتداد لمرحلة عرفات التي أفرزت رأسين لكل جسد. وآمل أن يؤدي الاجتماع المزمع عقده للجنة المركزية فاقدة الشرعية نظامياً إلى التخفيف من حدة الخلاف وعلانيته، لكنه لن يصلح الصدع القائم والتباين في الأفكار والمفاهيم والرؤى، ولا بد من انتخابات جديدة على أسس ومفاهيم جديدة. وهذا بعيد المنال.
* ما قراءتكم لتحول حماس وانخراطها في المنظمة ومشاركتها في الانتخابات؟ هل تشعر بخطر على فتح في هذه المرحلة؟
ـ حماس حركة وطنية مناضلة شاركت بفعالية وقوة في الانتفاضتين الأخيرتين، وأرست مفاهيم وأخلاقيات جديدة، والآن لديها الفرصة التاريخية والقدرة على المشاركة في قيادة الشعب الفلسطيني عبر الانتخابات.
وأعتبر قرارها قراراً تاريخياً سينقل الشعب الفلسطيني إلى الأمام وسيطور من مفاهيم العمل المؤسسي الحقيقي للمرة الأولى بعيداً عن عقلية «الفهلوة» التي اعتمدها عرفات في قيادة المنظمة وفتح والسلطة وتشكيلها وفقاً لمزاجه ومصالحه. ولا أرى أدنى قيمة لمسألة الخطر على فتح، فمن يعمل وينجز يستحق المشاركة، والمهم مصلحة شعبنا ومشروعنا السياسي والوطني.
وأنا أسعد إنسان لهذه المشاركة لأني واثق من أنها ستضع حداً لمؤسسة الإفساد والفساد التي قادتنا طوال ثلاثة عقود من الزمن في المنفى من خلال منظمة التحرير وفي الوطن من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية، ولن تخيّب حماس آمالنا وتطلعاتنا في بناء وطن يحفظ كرامة الإنسان وحقوقه وفقاً لمبدأ تداول السلطة في ظل تعددية سياسية تحتكم لقانون يرعى مؤسسة.
رموز الفساد
* كيف تقيّم سياسات «أبو مازن» في الشأن الداخلي الفلسطيني؟
ـ بداية موفقة ومنتظرة، ولكن أبو مازن بطيء جداً، وأبقى على رموز الفساد يصولون ويجولون ويرسمون السياسة العامة وفي أهم المواقع، الأمر الذي لا يبشّر بالخير المأمول. نحن بحاجة إلى إصلاح حقيقي في ظل الواقع السياسي السائد، لا بد ان يشرّع الأخ أبو مازن المبدأ الذي غيّبه عرفات وبإمعان وهو مبدأ المساءلة والمحاسبة.
وإعادة صياغة المؤسسات الوطنية المدنية والأمنية بأهداف جديدة وأسس جديدة وأشخاص جدد، لا يجوز الإبقاء على رموز الفساد في أي من مؤسسات السلطة ولا بد من محاكمتهم فوراً واسترجاع ما نهبوا إلى خزينة الدولة، وإلاّ فإنّ خطوات أبو مازن ستبقى موسمية تراوح مكانها ومن دون أي انعكاس مادي على الأرض. نثمّن عالياً جهوده ودوره.
وباعتقادي أن المجال مفتوح للأخ أبو مازن كي يسجل في تاريخنا ما عجز عنه عرفات وهو بناء مؤسسة قيادية حقيقية وغرس أسس سلطة وطنية فلسطينية شريفة ونظيفة تحتكم لسلطة القانون بعيداً عن التنمية العشوائية والارتجال وردات الفعل والاحتكام لمراكز القوى الدولية والعربية والداخلية في بناء مؤسسة السلطة.
أبو مازن سيدخل تاريخ شعبنا كأحد ابرز الخالدين إذا ما نجح في إنجاز آمال المواطن الفلسطيني وطموحاته في استخدام رموز طاهرة نظيفة وطنية ومهنية شريفة. لا بد من إعادة ترتيب البيت الفلسطيني في ظل الحفاظ على الثوابت والأهداف العليا والأساسية لشعبنا العربي الفلسطيني.
إنّ الأخ أبو مازن هو عقد الرجاء لإخراجنا من مرحلة الوحل التي مرت بها السلطة وعاشتها طوال سنواتها الماضية في ظل الاحتكام لعقلية شريعة الغاب واقتسام الوطن مِن قبل ممالك أمنية ومراكز قوى نشأت على أساس المصالح الذاتية ولنهب الوَطن وَالمواطن ورهن الوطن عبر سماسرة باعوه للإسرائيليين.
* برأيك إلى أين تتجه الانتفاضة والحالة الفلسطينية؟
ـ لم يعد هناك انتفاضة، هناك هدنة بمعنى انتهاء الانتفاضة وليس لنا أن نستمر في خداعأنفسنا. الانتفاضة كفعل مقاوم وكبرنامج نضالي وطني مقاوم انتهت وتحديداً منذ مارس الماضي عندما أعلنت «حماس» نيتها المشاركة في منظمة التحرير والانتخابات السياسية والمحلية، أما هل فشلنا أو نجحنا، فهذا بحاجة إلى دراسة نقدية وقراءة تاريخية وموضوعية طويلة




عن البيان الاماراتية