وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

علامات على الطريق/اختطاف حسام أم اختطاف القضية ؟؟! بقلم:يحيى رباح

نشر بتاريخ: 11/02/2006 ( آخر تحديث: 11/02/2006 الساعة: 19:59 )

الحمد لله كثيراً, على أن قضية الدبلوماسي المصري حسام الموصلي, المستشار في سفارة مصر في غزة, قد انتهت بسلام, بدون مضاعفات خطيرة تتعلق بحياته الشخصية, وأن الخاطفين قاموا بعد قرابة اثنتين وسبعين ساعة امتلأت بالتوتّر على حدوده القصوى, بالإفراج عن الدبلوماسي, الذي شكّلت عملية اختطافه يوم الأربعاء الماضي صدمة عنيفة للرأي العام الفلسطيني, وإحراجاً ما بعده إحراج للسلطة الوطنية, وأجهزتها الأمنية, والفصائل الفلسطينية قاطبة, التي تلجأ إلى الشقيقة مصر كلما وصلت العلاقات الداخلية الفلسطينية إلى نقطة الاستعصاء, ولكنها وقفت جميعها عاجزة عن رد الجميل عندما قامت جهات أطلقت على نفسها اسم كتيبة الأحرار !!! بعملية الاختطاف, في وقت كانت فيه القاهرة تستضيف عدداً كبيراً من القيادات الفلسطينية, ومن بينها قيادة حركة حماس الفائزة في الانتخابات الأخيرة, في مبادرة نوعية راقية من الشقيقة مصر لاستيعاب القلق, والمخاوف التي نجمت عن نتائج الانتخابات, في محاولة لامتصاص ضغط الاشتراطات الإقليمية والدولية الصاخبة التي واجهت فوز حماس, وفي محاولة لمساعدة حركة حماس نفسها على أن تتبين مواضع أقدامها وسط هذا الصمت, فلا تنزلق ضمن مشاعر الفوز, أو المكابرة, أو عمليات التشجيع الضارة لها, إلى حافة المنحدرات التي تعصف بكل المكتسبات الفلسطينية.

إن عملية الاختطاف التي تعرّض لها الدبلوماسي المصري حسام الموصلي تعتبر ذروة التصعيد في عمليات الخطف والاحتجاز التي سبق وأن تعرّض لها صحفيون أجانب, ومواطنون فلسطينيون وعاملون في هيئات دولية, لأسباب كان يعلنها الخاطفون, لم نقتنع بها على الإطلاق !!! ولكن عملية اختطاف حسام الموصلي مثّلت نوعاً من الصدمة, لأنها وجّهت رسالة رعناء, ولكنها خطيرة ضدّ الدور المصري المطلوب والمرحّب به فلسطينياً من مختلف الأطراف, ولأن عملية الاختطاف لم تجد لها غطاء من أي نوع, ولأن الجهة التي وصل اسمها لوسائل الإعلام, وهي كتيبة الأحرار, لم يكن هناك علامة واحدة تدل على وجودها من قبل, مما يضع علامات استفهام كثيرة عن جدوى وحوافز عملية الاختطاف, هل هي اختطاف لحسام الموصلي, أم اختطاف للقضية الفلسطينية ؟؟؟

وأعتقد أن هذا السؤال مطروح اليوم بإلحاح كبير على جميع الأطراف, فقد مضى أكثر من أسبوعين على انتهاء الانتخابات, وإعلان النتائج, وآن للمياه الفائرة أن تهدأ وتستقر, وأن نعود إلى ذاتنا الوطنية, وإلى ضغوط الأجندة الوطنية الداخلية, لأن الأضواء التي تخطف الأبصار قد تخطف منّا القدرة على التركيز, وقد تخطف منّا الاتجاه السليم الذي يجب أن نذهب إليه, وقد نجد أنفسنا وقد تم استخدامنا في الألعاب الإقليمية والدولية التي تتقاطع إلى مستويات خطيرة جداً, وأن العواصم كلها تريد أن تتنافس على تذوّق الدم الجديد, أنظروا مثلاً إلى دعوة الرئيس بوتين المفاجئة, وإلى رد الفعل الإسرائيلي المبالغ فيه, وإلى العرض الإيراني المغري, وإلى ما أشيع عن وساطة تركية محتملة, ونصائح إقليمية متتالية !!! فهل نظل في الحالة, أم نخرج منها, ونعود إلى ذاتنا, وننظر في المرآة بشجاعة وصدق ؟؟؟

ويقتضي الواجب أن نتوجّه بالشكر العميق إلى أشقائنا المصريين, الذين تصرّفوا خلال الساعات الطويلة للمحنة بكل الشعور العالي بالمسؤولية, وبكل ميراث المحبّة التي تربطهم مع أشقائهم الفلسطينيين, وبكل متطلبات الواجب الذي يدفع هذه الشقيقة العربية الكبرى مصر أن تتحمّل دائماً العبء لمساعدة الشعب الفلسطيني في مشواره الطويل والصعب والمليء بالألغام.

فشكراً لمصر على صدرها الواسع, وقلبها الكبير, وإيمانها العميق بأن الشعب الفلسطيني يكنّ لها المودة العريقة, والوفاء العميق, أمّا نتائج هذه الألعاب الإقليمية التي يقبل الناس أن يكونوا أداة عمياء فيها, فهي ليست سوى خبث عابر, يذهب جفاء, ولا يبقى في النهاية إلاّ مصر وفلسطين إلى الأبد.



[email protected]