|
ذوو الشهداء المحتجزة جثامينهم داخل إسرائيل يطالبون بفتح ملفهم وبإدراجه على سلم أولويات السلطة
نشر بتاريخ: 15/02/2006 ( آخر تحديث: 15/02/2006 الساعة: 12:58 )
غزة- معا- قرابة مائة أسرة في قطاع غزة تتلهف اشتياقا لاحتضان جثامين أبنائها المحتجزة داخل الثلاجات ومقابر الارقام الإسرائيلية منذ سنوات وتتطلع أملا في إلقاء النظرات الأخيرة عليهم, وتشييعهم وسط عوائلهم ودفنهم إلى مثواهم الأخير على الطريقة الإسلامية.
88 جثة شهيد من قطاع غزة ترقد في الثلاجات والمقابر الإسرائيلية منذ سنوات عدة, حيث أن أقدم جثة تعود إلى عام 1985, عدا عن جثث شهداء الضفة الغربية والدول العربية التي تستخدمها إسرائيل كوسيلة ضغط وتعذيب للشعب العربي الذي يرفض الاحتلال الإسرائيلي الانسحاب من أراضيه التي احتلها. المستشار القانوني لتجمع أهالي الشهداء في قطاع غزة قال بأنه تقدم بإخطار في الخامس من شهر مايو الماضي بناءً على توكيل من أهالي الشهداء ووفق ما طالبه به التجمع يحتوي على 30 اسم شهيد محتجزة جثثهم داخل إسرائيل لوزارة الجيش الإسرائيلية وللجيش نفسه من اجل الإفراج عنه, إلا أنه وحتى هذه اللحظة لم تصله أية ردود على ذلك. وتابع قائلاً لـ"معا": رغم أنه من المفترض أن ترد الجهات الإسرائيلية على الإخطار إما بالقبول أو بالرفض بعد شهرين من تقديمه إلا أن أحدا لم يستجب. وأضاف أن أهالي الشهداء الذين يتوجهون إليه لا يعرفون مكان جثث أبنائهم ولا يعرفون مصيرها, موضحاً أن إسرائيل تعمل على احتجاز الجثث في ثلاجات ومقابر تسمى بمقابر الأرقام تتخذ من الأرقام أسماء للشهداء إذ أن كل شهيد يحمل رقماً معيناً. وأرجع مهنا عدم الرد على الإخطار إلى رغبة إسرائيل الكبيرة في تعذيب ذويهم, إضافة إلى أنهم يعتبرون احتجاز جثث الشهداء بمثابة رادع للشعب الفلسطيني لمنعه من مقاومة الاحتلال الذي فرض نفسه على الفلسطينيين منذ قرون, منوهاً أن قضية الجثث المحتجزة لا تنتهي بانتهاء تسليم قوات الاحتلال الإسرائيلي لجثثهم, قائلاً :" في حال وافق القضاء الإسرائيلي بعد ذلك على الإفراج عن الجثث, يتطلب الأمر عمليات تحليل طبية تستدعي فحص الجثث لمعرفة ما إذا كانت تطابق الأسماء, وذلك بسبب تغير معالم الجثة خاصة وأن هناك جثث تعود إلى عدة سنوات مضت "مضيفاً أن تكلفة تحليل الجثة الواحدة تتطلب عشرة آلاف دولار مما يتطلب تكاثف أكبر من عدة جهات لهذا الموضوع. وطالب مهنا الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية والحكومة القادمة بضرورة تفعيل ملف الجثث المحتجزة داخل إسرائيل لما لها من أهمية كبيرة خاصة على صعيد ذويهم الذين يتعذبون يومياً جراء ذلك, رغم إيمانهم بأن ذلك قضاءً وقدرا وأن المسلمين يتطلعون إلى ذلك باعتبار أن أبناءهم شهداء وأن أرواحهم صعدت إلى خالقها. من ناحيته قال المنسق العام في تجمع أسر الشهداء ياسر العرعير أن التجمع يعمل للإفراج عنها بالطرق القانونية إذ أنه عمل على توكيل محامون من القطاع لمتابعة هذا الملف بالتعاون مع محامون داخل أراضي 48, متابعاً أن ملف الجثث المحتجزة يلقى الدعم المادي من جهات معينة في السلطة, إلا أنه لم يلقى الدعم الكافي سياسياً مما يؤثر عليه بالسلب, مطالباً باعتباره ملف سياسي لا يقل أهمية عن ملف الأسرى والمعتقلين والجدار الفاصل. وأشار العرعير إلى الهجمة الشرسة التي يتعرض إليها التجمع من الجهات الإسرائيلية وموضحاً أن كافة أرقام حسابات التجمع قد شطبت نهائياً من البنوك منذ فترة طويلة, وذلك حتى لا يصلهم دعماً خارجياً من أجل إيقاف مساعدته لأهالي الشهداء وللتخلص من فتح هذا الملف, خاصة وأنه لم يلقى الاهتمام الكافي على كافة الأصعدة. وتابع العرعير أن التجمع يعتمد حالياً على الدعم الداخلي من عدد من المؤسسات وأصحاب رؤوس الأموال, مطالباً الجهات المعنية وكافة الشرفاء أن يهتموا بهذا الملف لمساعدة ذويهم وأسرهم وتحقيقاً لرغباتهم في دفن أبناءهم وفقاً للشرعية الإسلامية, واعدا إياهم بعدم التخلي عنهم حتى الإفراج عن أخر جثة محتجزة مطالبا الحكومة القادمة بأخذ ملف الجثث بعين الاعتبار ووضعها على سلم أولوياتها. وعن حال أهالي الشهداء المحتجزة جثثهم قال نعيم عبد المجيد كلاب شقيق المفقود عبد الله كلاب الذي فقد بتاريخ 7/3/1988 أثناء تأديته لمهمة عسكرية برفقة اثنان من زملائه هم محمد عبد القادر أبو الزلف, ومحمد الحنفي وجميعهم من مخيم رفح وينتمون لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح, أن عائلتهم لا تعرف أية معلومات عن عبد الله ولا يعرفون ما إذا كان على قيد الحياة لما سمعوه عن نجاة أحدهم أم أنه قد استشهد, متابعاً أن عبد الله وزملاءه قد كانوا في مهمة عسكرية تستهدف اختطاف حافلة تعود إلى العاملين في مفاعل ديمونة بمنطقة النقب, إلا أنه تم استهدافهم على بعد 7 كيلو مترات من المفاعل. وأضاف كلاب أن عبد الله كان في العشرينات من عمره هو وزملائه, متابعاً أن العائلة استعانت بوزارة الأسرى من أجل البحث عن عبد الله عندما سمعوا عن أن أحدهم على قيد الحياة ومعتقل في السجون الموجودة تحت الأرض الإسرائيلية, إلا أن نتائج البحث لم تجدي نفعاً, مضيفاً أنهم يسعون بشكل مستمر مع تجمع أسر الشهداء لمعرفة مصير ابنهم المجهول, حتى وان كان مصيره الشهادة. وطالب كلاب بالعمل السريع على فتح تلك الملف قائلاً أنا لا أطالب بمعجزة, بل أطالب بخبر يوصلني إلى معرفة مصير شقيقي, كما وأطال كل من يمتلك ضمير حي أن يعمل على هذا الملف لنصرته لمساعدة ذويهم وأسرهم. وحال الشهيد فادي أحمد العامودي (22 عاما) الذي استشهد بتاريخ 17/4/2004 اثر تنفيذه لعملية استشهادية في معبر بيت حانون " ايرز" لا يقل ألماً وحسرة عن حال سابقيهم, فيقول محمد العامودي شقيق الشهيد فادي أن عائلته لم تتوانى عن المطالبة بجثة شقيقه, موضحاً أنهم لجئوا إلى كافة مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان, والى اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل استرداد الجثة إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك, بسبب رفض الاحتلال الإسرائيلي الإفراج عن الجثة, موضحاً أنهم لا يعرفون أين ترقد جثة الشهيد. وتابع العامودي: " أعرف أن روح أخي صعدت إلى خالقها وأحتسبه عند الله تعالى شهيداً, ولكنني أطالب بأن ألقي نظرة الوداع على جثته, وأطالب بأن يدفن بالقرب مننا حتى نتمكن من زيارته, وليس كما هو الحال يدفن في مقابر إسرائيلية وان كانت إسرائيل هي أرض مقتطعة من أرض فلسطين" مناشداً الأمم المتحدة وكافة الدول الشريفة في العالم بإعادة جثث الشهداء إلى أهاليهم وأسرهم. بالفعل انه صحيح ما يتبادر إلى كل من يقرأ هذا الموضوع, أن هناك أناس يتألمون دون أن نشعر بهم, نعم إنهم يتألمون بل يعتصرون ألماً لأنهم ليسوا فقط فقدوا أعز ما يملكون بل إنهم لا يستطيعون إلقاء النظرات الأخيرة عليهم, أو حتي يشيعونهم وسط أصدقائهم وعوائلهم, أو دفنهم على الطريقة الاسلامية, في حين أن أناس آخرون لا يقدرون على فراق أبنائهم لأيام معدودة. |