وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

غور الأردن في النظرية الأمنية الإسرائيلية...بقلم خليل التفكجي

نشر بتاريخ: 16/02/2006 ( آخر تحديث: 16/02/2006 الساعة: 23:32 )
بيت لحم- معا- الخبير الفلسطيني خليل التفكجي - يحتل غور الأردن مكانة استراتيجية في النظريات الأمنية الإسرائيلية ، فمنذ حرب عام 1967، وحتى اليوم كان لغور الأردن أهمية قصوى في المشاريع المطروحة في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي .

ومباشرة بعد عام 1967 وتحديداً في 28/تموز 1967 تم طرح خطة ألون ، التي تقضي بإرجاع الضفة الغربية للأردن ، عدا منطقة غور الأردن والقدس ، وغوش عتصيون ، ثم تتالت النظريات والمقترحات والمشاريع الإسرائيلية التي تستثني غور الأردن ووضعها تحت السيطرة الإسرائيلية.

وجاء مشروع يوسي الفر ، ومشروع شارون ، وقبله مشروع متتياهو دروبلس . والطريق الثالث وحزب كديما الجديد التي أكدت على أهمية وادي الأردن من الناحية الامنية وايجاد مجال حيوي للدفاع عن الحدود الإسرائيلية, فأقيمت المستعمرات الإسرائيلية في غور الأردن بداية، وانتشرت في فترة حزب العمل من الشمال الى الجنوب وتم دعمها بالأموال والدعم الحكومي ، لإيجاد تواجد سكاني إسرائيلي بالمنطقة فأقيم ما يزيد عن 20 مستعمرة إسرائيلية منها (الكيبوتس ، الموشاف ، ناحل ، المدن) لكن هذه المستعمرات أثبتت فشلها من النواحي الاقتصادية فأصبحت عبء على الدولة مما أدى إلى هجرة يهودية معاكسة على الرغم من أنها تعتبر مناطق ذات أفضلية "أ"من جميع النواحي:باعتبارها مناطق حدودية ، الإعفاء من الضرائب2. قروض بدون فوائد .

ومنذ عام 1967-2005 بلغ عدد السكان حسب آخر الإحصائيات الإسرائيلية بحوالي 4146 نسمه .

ويعني الغور الأرض الهابطة ، وهي تسمية محلية لوادي الأردن الأدنى الذي يعد من اكثر أماكن فلسطين انخفاضاً عن مستوى سطح البحر .

ويقتصر الحديث في هذه الدراسة على الجزء الممتد من بحيرة طبريا شمالاً والبحر الميت جنوباً ، ويبلغ طول غور الأردن 115 كم (طبريا ، البحر الميت) بفارق ارتفاع قدره 180 م .

ويبلغ عرض وادي الأردن ما بين 20-5كم في الغور الغربي بالقرب من البحر الميت (غور أريحا) ونحو 5 كم في الشمال القريب من بحيرة طبريا . ويضيق قاع الوادي في الوسط فيصبح 3 كم (قرن الحمار) ويظهر مستويان رئيسان لأرض كل جانب من جانبي وادي الأردن .

المستوى الأول الزور والذي يتم غمره في فترة الفيضان) والأعلى/ الغور ، وبلغ الارتفاع ما بين الزور والغور ما بين 20-40 م وتفصل بينهما مجموعة من الأرض الوعرة المتخددة
يطلق عليها اسم (الكتار).

يصب في غور الأردن مجموعة من الأودية والأنهار - تهبط إليه من الهضبة الفلسطينية (جالود ، الفارعه ، المالح، العوجا، القلط ) والأردنية (اليرموك، الزرقاء، الموجب، شعيب، وحسبان، الكفرين) . وبعض هذه الأودية جاف أو دائمة الجريان.

وهذه الروافد تقسم الى ثلاثة أقسام : روافد رئيسية .وهي (اليرموك، الزرقاء، زقلاب ، الفارعه، عين جالود), روافد ثانوية .وهي (اكثر عدداً واقل ايراداً من الفئة السابقة وهي اوديه جافه في معظم ايام السنة ولا تفيض الا بسيول الشتاء باستثناء القليل مما تغذيه مياه العيون (وادي القلط، النويعمه)المجموعة الثالثة عبارة عن جداول وغدران صغيره.

اما المشاريع الإسرائيلية : مشروع الوناستندت المرحلة الأولى في الاستيطان الإسرائيلي على المفهوم الاستراتيجي والسياسي الذي تجسد في مشروع ألون الشهير وقد قُدم المشروع إلى مجلس الوزراء في شكله الأول في تموز 1967 وأقر في حزيران 1968 كاستراتيجية للاستيطان وليس كخطة رسميه للتسوية السياسية الإقليمية.

ورأى ألون أن حدود إسرائيل الدائمة يجب أن تكون قابلة للدفاع من وجهة النظر الاستراتيجية ويجب أن تعتمد على عوائق طبوغرافية دائمة تستطيع أن تقاوم أي هجوم للجيوش البرية الحديثة ، وتساعد في شن هجمات مضادة واسعة .

وأضاف أن مثل هذه الحدود الأمنية يجب أن تكون حدود سياسية أيضا . وستكون هذه الحدود سياسية إذا وجدت المستعمرات اليهودية على طولها .

وحسب الون فقد اقترح المشروع التسويات التالية : مشروع الون1 والذي يحدد الحدود الشرقية لإسرائيل بنهر الأردن والخط الذي يفصل البحر الميت على طوله , قطاع بعرض 15 كم من غربي الأردن يضم إلى دولة إسرائيل ويشكل جزء لا يتجزأ منها .

اما في منطقة صحراء الخليل (يهودا ) يصل عرض القطاع إلى 25كم وهو يصل حتى منطقة الخليل (جنوب شرق يطا), و في منطقة أريحا يكون هنالك ممر من الضفة الشرقية للأردن إلى الضفة الغربية حيث يكون هناك ممرين الضفة الغربية وقطاع غزه .

بالنسبة لمنطقة القدس تضم جميعها لإسرائيل وبالنسبة للحدود يتم اجراء تعديلات ضرورية .

اما المناطق المأهولة بكثافة من قبل العرب في الضفة الغربية وقطاع غزه تجري مفاوضات بشأنها بين دولة إسرائيل والسكان ودول عربية وتحدد فيها سلطة متفق عليها.أنشئت مستعمرات الناحل في هذه المنطقة (أواسط 1968). حتى قبل أن يوافق بشكل رسمي على مشروع ألون الاستيطاني.

وبحلول سنة 1971 ، ارتفع عدد المستعمرات في الغور إلى عشره مستعمرات , وفي سنة 1975 أقيم سلسلتان من المستعمرات واحدة في قاع غور الأردن والأخرى على المنحدرات الغربية وأنشئت كذلك طريق ألون وهي طريق للدوريات تم تعبيدها فيما بعد ، حيث حددت هذه الطريق الحدود الغربية لمنطقة الاستيطان فاصلة إياها عن القرى العربية المسكونة على أبواب الصحراء .

ومنذ تلك الفترة نقشت في وعي مواطني إسرائيل الأهمية الأمنية لغور الأردن واليوم في الوقت الذي يتم فيه التفاوض حول التسوية الدائمة فإن الرأي السائد بين الأوساط الواسعة من الجمهور الإسرائيلي هو انه في إطار التسوية الدائمة مع الفلسطينيين ستكون هناك ضرورة للسيطرة الإسرائيلية على غور الأردن، ووضع قوات كبيره في هذه المنطقة ،ومنهم من يقول بأنه ثمة ضرورة لضم الغور إلى دولة إسرائيل, وهذا المفهوم تحول إلى عنصر مركزي في برنامج حزب الطريق الثالث الذي حظي كحزب جديد دعماً، لا باس به في انتخابات عام 1996 ولكنه لم يتجاوز نسبة الحسم في انتخابات 1999 .

وفيما يتعلق بمشروع العمود الفقري المزدوج " الذي طرحته " الطريق الثالث تبني أفكار مشروع ألون بصدد غور الأردن اضيف إليه اقتراحاً لضم مناطق على طوال الخط لاخضر في الحدود الغربية للضفة الغربية .

لقد اعد مشروع ألون في مرحلة كانت مزاياها تختلف تماماً عن المرحلة الحالية والواقع الدولي والإقليمي في كل المجالات (السياسي، الاستراتيجي والاقتصادي والعسكري).

مشروع يوسي الفر :في عام 1994 تم نشر دراسة حول مسألة التسوية الدائمة بين إسرائيل والفلسطينيين .

ويعتبر يوسي الفر من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وقد قام ببحثه خلال 3 أعوام قام خلالها بأجراء مقابلات مع وزراء وأعضاء كنيست من كافة الفئات والسياسة ومع مسؤولين وخبراء في أجهزة الأمن ، ومع شخصيات في منظمة التحرير ومسؤولين في الإدارة الأمريكية .

وقد عرض يوسي في بحثه ثلاثة بدائل للتسوية النهائية : اولها الانسحاب المطلق من المناطق المحتلة, و التسوية الإقليمية المعتدلة وتطبيق مكانة (وضع خاص ) على المناطق المحتلة (لتقسيم وظيفي للملكية والسيادة) , و قبول سيادة مؤقتة لأحد الأطراف.

وقد ظهر اهتمام كبير بالبديل الثاني والذي يستند على ضم نحو 11% من مساحة الضفة الغربية وتشمل هذه المساحة المناطق التي تعتبرها إسرائيل حيوية وضرورية لأمنها .

وهذه المناطق الاستيطانية المأهولة بالسكان اليهود والواقعة على امتداد خط الحدود والمحاذية للخط الأخضر .

وتتحدث الخطة عن زحزحة الخط الأخضر إلى الشرق بعمق يتراوح ما بين خمسة إلى ثمانية كم ، ومن خلال بذل جهود لتجنب ضم التجمعات السكانية الفلسطينية الموجودة في المنطقة (طولكرم، قلقيلية)..

منطقة اللطرون تشتمل على أراضى القرى العربية الثلاث التي هدمت عام 1967 (يالو، عمواس، بيت نوبا) واكبر مستوطناتها مودعين عيلليت, ومنطقة غوش عتصيون الاستيطانية الواقعة جنوب غرب بيت لحم ، وتشمل على اكثر من 18 مستوطنة بلغ سكانها عام 2004 (10.097 نسمه)( افرات7273 نسمه) واكبرها بيتار عيلليت(24895), منطقة معاليه ادوميم الواقعة شرق مدينة القدس وتمتد من منطقة الخان الاحمر وتشمل مستعمرات : (نفي ابرات، متسبية يريحو،الون،علمون، كفار ادوميم، كيدار ، معالية ادوميم اكبرها وعدد سكانها 28923) .

أما من الناحية الأمنية فإن لإسرائيل الحق بالاحتفاظ بمحطات للإنذار المبكر فوق سفوح الجبال بالضفة الغربية (جبل عيبال ، العاصور،الخليل).كذلك استخدام المجال الجوي فوق الضفة الغربية والسماح لإسرائيل باستخدام قوة عسكرية ثابتة أو متحركة في منطقة وادي نهر الأردن .وعلى السفوح الشرقية لسلسلة الجبال الواقعة في منطقة الحكم الذاتي وستكون هذه القوة استكمالاً للتدريبات الأمنية على امتداد نهر الأردن .

وبالنسبة للمزايا التي ستحصل عليها إسرائيل بموجب هذا الاقتراح هو تعزيز قدراتها الدفاعية في منطقة وادي الأردن وشمال الضفة الغربية و تعزيز شبكة دفاعها في منطقة القدس والسيطرة الجزئية على مصادر المياه بالضفة الغربية .

وبخصوص المزايا التي سيحصل عليها الفلسطينيون بموجب هذا الاقتراح هو الحصول على طريق إلى الحدود المصرية و الأردنية .والحصول على ساحل البحر الميت والسيطرة المشتركة على مصادر المياه والحصول على توزيع عادل للمياه.

ثالثاً :-مشروع شارون:

يعتبر رئيس الوزراء الحالي اكثر الوزراء الإسرائيليين تشدداً من النواحي الأمنية والايديولوجية والسياسية، وذلك بسبب مجيء شارون إلى الحكم من المؤسسة العسكرية، ولأنه من ثلاثة أشخاص يملكون رؤية مستقبلية للحل بالمنطقة على عكس الأوساط السياسية الأخرى والتي تعتبر خارطة شارون خارطة متبلورة للتسوية الدائمة مع الفلسطينيين حيث يحتفظ في أحد مكاتبه بخارطه كبيرة اعتاد على عرضها على زواره وحملها لدى تجواله في الضفة الغربية برفقة أوساط مختلفة.

واعد شارون التوجيهات الرئيسية للخارطة برفقة اثنين من رؤساء المستوطنين (زئيف حيبر ) سكرتير الحركة الاستيطانية (أمناه ) وتسبيكي بار-حي) رئيس المجلس الاستيطاني في جبل الخليل.

والذي ساهم في إعداد الخارطة بدرجة اكبر منهما (شمعون فار هانغ) رئيس قسم التنظيم في الأشغال العامة في مطلع التسعينات والذي انتقل بعد ذلك للعمل في إدارة الشوارع تحت إمرة شارون اضافه لمبادرته عام 1983 بتحديد مخطط شبكة المواصلات في الضفة الغربية الذي شكل أساسياً فيما يعرف بفكرة الشوارع الالتفافية وهو أول من عرض فكرة الشوارع المزدوجة.

وتنص خارطة التسوية الدائمة لشارون على اقامة دولة فلسطينية على 42% من مساحة الضفة الغربية والخطوط العريضة لمشاريع شارون وهي القدس الموحدة عاصمة دولة إسرائيل، وبقاء غور الأردن تحت السيادة الإسرائيلية وعدم إعادة اللاجئين (شطب حق العودة) واقامة دولة فلسطينية على 42% من الضفة الغربية, والمناطق التي تضاف إلى 40% ستكون في مناطق الواقعة الآن تحت السيطرة الإسرائيلية لإعطاء امتداد إقليمي .

مشروع شارون التفصيلي ينص على إقامة حزامين أمنيين طوليين: اولهما الحزام الأمني
الغربي على طول الخط الأخضر بعمق يتراوح ما بين(5-10كم) وقد بدأ بتنفيذ هذا القرار عندما تم الإعلان قبل سنوات بموجب الأمر العسكري رقم 01/01/س (منطقة التماس) والإغلاق العسكري لمنطقة شمال وغرب جنين.

ثانيهما حزام شرقي ويشمل غور الأردن بعرض 15-20كم.2.إقامة خمسة أحزمة عرضية بين الحزامين الطوليين العرضيين وممر بين منطقة جنوب طولكرم حتى منطقة نابلس - منطقة زعتره - غور الأردن اضافقة لشارع عابر السامرة (شارع رقم 5) بين راس العين - غور الأردن وشارع رقم (45) منطقة اللد - اللطرون ،شمال القدس , الغور .د. شارع غوش عتصيون - غور الأردن (عابر صهيون).و.شارع رقم 35 - شمال الخليل - غور الأردن .

واوضحت النتائج : أربع كتل فلسطينية ، بالإمكان إقامة دولة عليها وهي كتلة جنين نابلس و كتلة رام الله وكتلة بيت لحم وكتلة الخليل حيث ترتبط هذه الكتل بشوارع مزدوجة منفصلة بعضها خاص بالفلسطينيين ، والبعض الآخر خاص باليهود ويحصل الفلسطينيون على ممرات آمنة شمال الضفة الغربية وجنوبها وبين الضفة الغربية وقطاع غزه وتتخذ الممرات شكل تحولات من الشوارع القائمة أو أنفاق تحت الشوارع الاستراتيجية .

النتائج حسب الرؤية الإسرائيلية:
تمكين الفلسطينيين من تطبيق رغبتهم الوطنية بإقامة دولة والحفاظ على الأمن والمستوطنات اليهودية في جميع الضفة الغربيةو التهديد الدائم للفلسطينيين (إذا لم تحسنوا التصرف بأماكننا إغلاق الشوارع أمامكم) .

وتبلغ تكاليف هذا المخطط 1.5 مليار شيكل (400 مليون دولار).

الفرضية الأساسية لمشروع ألون : إعادة تقييم فرضيتان في مشروع ألون تظهران من زاوية عام 2005 ،بأنهما مثيرتا للمشاكل: وهما الافتراض بأن الحفاظ على ما يسمى بالتواصل الجيوستراتيجي " أرض إسرائيل" يمكن من حدود ثابتة والامتناع عن الحرب في المستقبل ، هذا الافتراض ثبت خطأه من خلال التطورات التي طرأت منذ حرب حزيران حيث أن الحدود القابلة للدفاع لم تمنع حرب تشرين عام 1973 , ويبدو أن السعي إليها ساهم في نشوب الحرب ..

اتفاق السلام مع مصر والذي يقضي بالتنازل عن الحدود تعتبر قابلة للدفاع، ضمن الهدوء في الحدود الإسرائيلية المصرية, كما أن الانسحاب من جنوب لبنان ضمن الهدوء في الحدود الشمالية وقد صمد الهدوء بالجبهة المصرية طوال 23 عامًا وسقوط العراق تحت الاحتلال الامريكي وحل الجيش العراقي ادى الى انهيار الخط الشرقي .

أن الاعتبارات الأمنية المرتبطة بغور الأردن تقسم إلى:

اعتبارات الأمن الخارجي واعتبارات الأمن الداخلي واعتبارات الأمن الخارجي تجابه بسؤال ما هو الرد الأفضل لخطر هجوم قوة برية كبيرة من الأردن . (التفكير العسكري أن مثل هذه القوة ستستند على جبهة شرقية عربية مناهضه لإسرائيل . عنصرها الأساسي هو" الجيش العراقي ".

واعتبارات الأمن الداخلي تناول سؤال كيفية ضمان أن لا تتحول الدولة الفلسطينية إلى مصدر للإرهاب وحرب العصابات ضد إسرائيل ومواجهة المخاطر العسكرية من الشرق في حالة هجوم بري عربي من الشرق فإن رد الجيش سيقوم على عنصرين :

العنصر الأول :جهود المواجهة عن بعد بواسطة استغلال تفوق سلاح الجو الإسرائيلي وضرب القوات الداخلية إلى الأردن كما حصل عام 1967 ونقل الحرب البرية إلى داخل الأردن وإنشاء حالة تكون فيها نقطة الالتقاء في غور الأردن "الإنذار المبكر" للهجوم واستغلال هذه الوسيلة.وشبكة دفاعية تعتمد على منطقة شارع ألون .

أن نهر الأردن لا يشكل عقبة كبيرة ومنطقة الغور ذاتها هي منطقة منخفضة جغرافياً ، وقد تستخدم كشرك موت للقوة المتواجدة فيه ، لذلك فإن شبكة الدفاع يجب أن تستند إلى المناطق الواقعة غربي الأردن والتي يمكن منها السيطرة عليه طبوغرافياً حيث أن حدوث تعقيدات استراتيجية بالمنطقة إلى جانب الطابع الذي تجري فيه الحروب الحديثة رفعت من وزن الحرب عن بعُد بالمقارنة مع الدفاع القريب .

العنصر الثاني: معاهدة السلام مع الأردن ألزمت الأردن بعدم السماح باستخدام أراضيها من قبل قوات معادية لإسرائيل وعدم الانضمام لأي ائتلاف مناهض لإسرائيل ومعنى ذلك اصبح الأردن خط فاصل يحمي إسرائيل من الشرق وإذا دخلت القوات الإسرائيلية إلى الأردن سواء بسبب انتهاك الاتفاق من جانبها أو بسبب عدم قدرتها على منع ذلك ، سيكون لإسرائيل شرعية للعمل في أراضي الأردن ضد هذه القوات ومن هذه الناحية ليس غور الأردن بل الأردن كله مجال الأمن الإسرائيلي .

وكان لحرب الخليج والمواجهات المحدودة في العقد الأخير الذي مر منذ هذه الحرب أكدت التغيير بل (ثورة ) في الطريقة التي تجري فيها الحروب التقليدية حيث اكتسبت قدرة الإصابة بنيران دقيقة من مسافات بعيدة ،وزناً كبيراً . لعل دمج قدرة تشخيص الأهداف في اللحظة الحقيقية ومن مسافات بعيدة ،مع أسلحة موجهة بدقة عن بعد وشبكة سيطرة ورقابة تمكن من توجيه الأسلحة نحو أهدافها بسرعة .

كل هذه تمنح القدرة على ضرب قوات آلية ومدرعة قبل أن تصل إلى نقطة الالتقاء (تعتبر إسرائيل من الدول القليلة المتطورة من حيث التكنولوجيا الحديثة لفعل ذلك".

السيطرة على غور الأردن والدولة الفلسطينية :

أن اللذين يتبنون شعار السيطرة الإسرائيلية على غور الأردن يدعون إن ثمة ضرورة لهذا التواجد من اجل السيطرة على نهر الأردن الذي يفصل بين الدولة الفلسطينية والأردن وحسب نظريتهم فأن لهذه السيطرة هدفان:

الفصل بين الأردن والدولة الفلسطينية من اجل منع التأثير، غير المرغوب فيه،للدولة الفلسطينية على الأردن ومنع علاقات غير مرغوب فيها بين الضفتين.

منع إدخال وسائل قتالية وأشخاص غير مرغوبين إلى الدولة الفلسطينية بسبب الخوف إن يؤدي غياب الرقابة إلى تمكين الدولة الفلسطينية من انتهاك القيود المفروضة على قواتها المسلحة وكذلك التسهيل على المعارضة بتنفيذ عمليات ضد إسرائيل .

خلاصه :

بعد هذا العرض نلاحظ بأن التواجد الإسرائيلي في غور الأردن لاسباب عسكرية قد سقط للأسباب التالية:

معاهدة السلام مع الأردن وبالتالي اسقط وجود عدو من الناحية الشرقية و الحظر المفروض على العراق منذ عام 1991 وسقوط العراق تحت الاحتلال الامريكي و حل الجيش العراقي والتغيرات التي طرأت على النظام العالمي والإقليمي ، قلصت درجة خطر هجوم بري واسع من الجهة الشرقية باتجاه إسرائيل والضعف العسكري النسبي (للأردن ، سوريا ) في إيجاد مصادر تمويل لتجديد جيوشهما نتيجة لانهيار الاتحاد السوفيتي والاقتصاد القومي الضعيف للدولتين وقلة المساعدات الاقتصادية المقدمة من دول النفط ، بسبب الأزمة الاقتصادية التي جاءت في أعقاب التبذير في السنوات التي كانت فيها أسعار النفط عالية كذلك وعي هذه الدول للاحتياجات الكبيرة لسكانها (حرب الخليج أخرجت جميع الدول العربية وأصبحت مديونة بمبالغ طائلة وصلت إلى (140) مليار دولار للسعودية فقط وتمتع الولايات المتحدة بالشرق الأوسط بمكانة وتأثير لا سابق لهما وسوف تعمل على منع خلق جبهة شرقية .

انتهاء أيدلوجية الوحدة العربية وميل العالم العربي الآن إلى التشرذم وليس إلى الوحدة و تركيزمعظم الدول العربية على شؤونها الداخلية وتحقق مصالحها الشخصية .(مؤشرات الدول العربية الأخيرة التي جاءت بعد انتفاضة الأقصى تؤكد صحة الادعاء".

تأثير السيطرة الإسرائيلية على غور الأردن على الدول الفلسطينية:

غور الأردن ومنطقة البقيعة حتى الجزء الجنوبي الشرقي من الخليل ، هم ، احتياطي الأرض الوحيد الذي يتوفر للدولة الفلسطينية ، والسيطرة الإسرائيلية على هذه المنطقة سيعتبر عاملاً معرقلاً لتطور الدولة الفلسطينية ويخلق ضعفاً دائماً لتغيير الاتفاق وسيمس باستقراره .و كل حل معقول لمشكلة اللاجئين يلزم إعادة بعضهم إلى منطقة الدولة الفلسطينية وبدون هذه المناطق لن يتوفر مكان لتوطينهم تبلغ المساحة(1/3) الضفة الغربية كذلك القدرة على بناء مدن جديده على السفوح الغربية لغور الأردن .

كما أن غياب حل مشكلة اللاجئين سيمس استقرار الاتفاق وشبكة العلاقات بين البلدين وتواجد الجيش الإسرائيلي وحركة قواته في هذه المنطقة سيؤدي الى احتكاكات مع السكان الفلسطينيين ولن يساهم في دفع العلاقات بين الطرفين .اضافة لتجميد الدولة الفلسطينية في إطار طوق إسرائيلي يحيط بها من كل جانب يخلق الإحساس بالحصار . مما يعيق إقامة علاقات طبيعية بين الدولتين .

التأثير الإيجابي:-للتواجد الإسرائيلي بالغور (من وجهة نظرإسرائيلية) تأثير ردعي اتجاه العراق ، سوريا ، إيران ورغبة الأردن بالسيطرة الإسرائيلية على غور الأردن من اجل تقليص الصلة المباشرة والتأثيرات السلبية بين الدولة الفلسطينية والأردن3.السيطرة الإسرائيلية على الغور من شانها أن تستجيب للمصلحة المشتركة بين إسرائيل والأردن .

وهكذا فإن المفهوم الكامن بالمشاريع الإسرائيلية بالسيطرة على غور الأردن أو ضمه قد سقط أمام التطور الإقليمي والدولي ، وذلك لآن الفائدة الأمنية الهامشية النابعة من السيطرة غور الأردن تتقزم أمام الواقع الاستراتيجي الذي ينشأ على توقيع اتفاق دائم وعادل مع الفلسطينيين .