وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

علامات على الطريق/حماس والحكومة والمشاورات!!!/ بقلم: يحيى رباح

نشر بتاريخ: 22/02/2006 ( آخر تحديث: 22/02/2006 الساعة: 18:57 )

الإجراءات الدستورية بخصوص تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، تسير حتى الآن في طريقها الصحيح، فبعد تنصيب المجلس التشريعي الجديد، " المجلس الثاني" وخطاب الرئيس الواضح والدقيق بمستواه السياسي الراقي، جاء دور كتلة الأغلبية حركة حماس لترشح من بين أعضائها في المجلس من تريده لتشكيل الحكومة، وهذا ما فعلته حماس بترشيحها للأخ إسماعيل هنية، الذي بدوره تلقى كتاب التكليف من الرئيس محمود عباس، وبطبيعة الحال فإن كتاب التكليف سيتضمن النقاط الجوهرية في خطاب الرئيس التي سمعها الجميع محلياً وإقليمياً ودولياً، ومعروف أن حركة حماس قامت منذ اللحظات الأولى لإعلان فوزها في هذه الانتخابات بجولات لاستطلاع الأفق على الصعيد المحلي، على مستوى الكتل والفصائل، وعلى الصعيد الإقليمي من خلال رحلات الأخ خالد مشعل رئيس الحركة إلى العديد من الأقطار العربية، وكذا زياراته لتركيا - بوابة إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وإيران "بوابة الحلف الآخر المتمرد"، وموسكو "التي تريد استعادة الدور المفقود شرق أوسطياً"، وأعتقد أن استطلاع الأفق سوف يستمر فترة أطول، لأن الحسابات من ورائه دقيقة وصعبة للغاية، ولكنها ليست مستحيلة على الإطلاق.

فمن جهة أولى مطلوب من حركة حماس تعزيز فوزها في الداخل الفلسطيني، بأن تخلق أجواء واسعة من التصالح الوطني، وأن تخفف من الروح الفصائلية إلى أفق وطني أوسع، وأن تتسم بالمرونة التي لا تزيد الهوة في نسيجها الداخلي ولا تحالفاتها الإسلامية الأخرى، وفي هذا الكلام البسيط تبرز زوايا حادة جداً، ولا نريد أن نتطرق إلى التفاعلات داخل حماس نفسها، فهذه مسألة تخصها وحدها ولكن يكفي أن مشاركة كتل أخرى مع حماس في حكومة واحدة هو احتياج ضروري وملح لحركة حماس، وبالتالي فإن عليها أن تدفع ثمناً مناسباً لذلك، فهل هي على استعداد لدفع هذا الثمن، ربما بحجم حقائب وزارية أكثر، فقد تردد - وربما يكون ليس صحيحاً - أن الجبهة الشعبية ذات الثلاثة مقاعد تطلب أربعة حقائب!!! فكيف بالآخرين؟؟؟

ومن جهة ثانية فإن فوز حماس في تشكيل أول حكومة هو بمثابة انجاز تاريخي للقوى والحركات والتيارات الإسلامية في المنطقة، وهذا الانجاز يجب المحافظة عليه، ولكن، ما هو النموذج الذي سيأخذه هذا الإنجاز، وهل هو نموذج الإسلام التركي والحكومة التركية الحالية أم النموذج الإيراني أم نموذج آخر جديد؟؟؟

وهذا أمر في غاية الأهمية لأن نسق التحالفات إن كانت إيجابية أم سلبية سيتحدد بناءً على ذلك!!!

ومن جهة ثالثة فهناك إسرائيل المتربصة في كل الأحوال، وهي تريد من وراء هذا التربص أن تحافظ على نسقها العدواني، وأن تتخلص من أي ضغط محتمل، بدعوى أن الطرف الفلسطيني الذي يقابلها لا يمكن التعامل معه، وبالتالي تظل يدها مغلولة في نهجها الأحادي، وأحد أخطر حلقاته اليوم هي الإجراءات في منطقة الأغوار، والحصار الاقتصادي، وبقية مسلسل العقوبات الجماعية، ومع أن هذا الموقف الإسرائيلي موجود ومطبق قبل مجيء حماس، ولكن حماس تفضل - وهذا حقها - أن لا تتحمل وحدها المسؤولية عن تداعيات هذا السلوك الإسرائيلي، وخاصة على صعيد ضغوط الحياة اليومية التي هي أصلاً تمر بحالة اختناق.

أتمنى شخصيا أن تجري مشاورات حركة حماس مع بقية الأطراف في الداخل، بأقل قدر من المناورات السياسية المعهودة في مثل هذه الحالات، وهذه الأمنية ليست موجهة إلى حركة حماس وحدها، بل إلى جميع الأطراف الفلسطينية لأنه ما فائدة الشطارة مع بعضنا أو ضد بعضنا، إذا كنا جميعاً بين الأنياب المفترسة للاحتلال!!!

وما فائدة تحقيق أكبر قدر من الابتزاز بين بعضنا، إذا كانت القوى الدولية ومن خلال اشتراطاتها تنفذ سياسة ابتزاز شاملة للموضوع الفلسطيني برمته.

نريد حكومة لتنجح ولا نريد حكومة بعناوين كبيرة وعجلات مكسورة!!!

فالنجاح هو اليوم المطلوب للفلسطينيين، وللقضية الفلسطينية، وللمشروع الوطني الفلسطيني، أما النجاحات الجزئية الفصائلية، أو صدى الأحلاف الخارجية، ليس هذا وقته أو مكانه المناسب.

[email protected]