الفرق بين القوة والمال والحكمة والإرادة في مواجهة كورونا
نشر بتاريخ: 11/04/2020 ( آخر تحديث: 11/04/2020 الساعة: 17:14 )
الكاتب: ربحي دولــة
لعل ما حل بالعالم من أمراض جنون البقر وما ادى أنذاك من مقاطعة لحوم البقر او منتجاته وكافة أشكال الألبان وبعد مخاض طويل غادر هذا المرض ولم نعد نسمع عنه ، وبعدها حل إنفلونزا الطيور ثم إنفلونزا الخنازير، وعلى الرغم من ظهور تلك الأمراض وانشغال العالم بها وبحجم الأضرار التي احدثته، إلا أنها اختفت إما بايجاد العلاج لها او بالخلاص منها ولم تعد موجود.
أما ما اجتاح العالم في هذه الأيام وما أطُلق عليه فايروس كورونا والذي بدأ في الصين ذات الكثافة السُكانية العالية والذي انتشر بها بسرعة كبيرة وعلى الرغم من ما تملكه الصين من امكانيات مالية وبشرية وتصنيعه، إلا أنها في البداية واجهت صعوبة كبيرة في مواجهته ووقف انتشاره، ففتك هذا الفايروس ببضعة آلاف وأصاب عشرات الآلاف، ووقف العالم مذهولاً لما يجري هناك.
صحيحٌ أن الصين أعلنت بعد عدة أشهر سيطرتها على انتشاره، إلا أنها لغاية اللحظة لم تُعلن انتهاء وجوده، وسرعان ما انتقل هذا الفايروس إلى الدول الغنية والمتقدمة اقتصادياً وعسكرياً والى الدول الضعيفة والتي لا تملك امكانات تمكنها من العيش حياة كريمة لا ان وتواجه هذا الوباء المُستجد.
في أوروبا كانت إيطاليا تتصدر المشهد بحجم الإصابات والوفيات نتيجة هذا المرض وكذلك اسبانيا وألمانيا ومعظم الدول الأوربية، وبعدها انتقل إلى الولايات المتحدة التي تُنصب نفسها سيدة العالم في كل النواحي والتي تُعتبر الدولة الأولى من حيث القوة الاقتصادية والعسكرية بل هي من تحكم العالم بأسره ، وقد شاهدنا كيف تعامل ترامب بتعالي مع هذا المرض فكانت النتيجة انتشاره سريعاً في كل الولايات المتحدة، وتصدرت المشهد أيضاً في هذا الوباء وكانت أيضا الأولى عالمياً من حيث عدد الوفيات التي تسجل يوميًا وكذلك الإصابات.
في فلسطين كان التعامل مع هذا الوباء مُختلفاً عن كافة دول العالم، فمنذ اللحظة الأولى الذي انتقل فيها الفايروس عبر وفد سياحي يوناني كان في زيارة إلى مدينة مهد السيد المسيح بيت لحم والذي نقل العدوى إلى بعض العاملين في الفنادق هناك، على الفور تحركت القيادة الفلسطينية وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس، وأعلنت حالة الطوارئ في البلاد وتم إغلاق منطقة بيت لحم بالكامل محاصرته، ولم ينتشر إلا عبر العمال الذين يعملون بالداخل بعد انتشار هذا المرض داخل دولة الاحتلال بشكل كبير فانتقل هذا الفايروس إلى عدة مدن وقرى فلسطين وسجلت حالة وفاة واحدة لسيدة في الستينات من عمرها واشارت التقارير الصحية أن المصابين غالبيتهم بحالة مُستقرة.
نعم فلسطين تفتقر إلى كل الإمكانيات المالية بفعل الاحتلال الذي يُسيطرُ على كل مواردنا الطبيعية ومحاصرته، إلا أننا نمتلك العقول الفلسطينية النيرة ونمتلك قيادةً حكيمةً مكنتها حكمتها من السيطرة على هذا المرض فكانت الدولة الأولى في العالم في اتخاذ الإجراءات السليمة في مكافحة انتشار الفايروس ومحاصرته ومازالت القيادة تقود هذه المعركة بقيادة الرئيس حكيمنا الاول والذي يُتابع عمل الحكومة والتي كلفها باتخاذ كل الإجراءات من أجل مكافحة كورونا والتخلص منه، فكان رئيس الوزراء د. محمد اشتية خير من قاد المعركة وحكومته وكل الطواقم الطبية وقادة الأجهزة الامنية واعلامنا الرسمي، وكان محافظينا على درجة عالية من المسؤولية والذين شكلوا لجان الطوارئ في كل المواقع وهنا أيضاً لابد من الإشارة إلى دور المجالس البلدية والقروية في تحمل الأعباء الكبيرة في هذه المرحلة، حيث أبقت هذه المجالس على عملها في تقديم الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن وقادت عمليات الإغاثة لأبناء شعبنا الذين تأثروا نتيجة هذه الحالة التي نعيشها والتي فقد الآلاف لمصادر رزقهم نتيجة حالة الإغلاق التي تعرضت لها أماكن عملهم استجابة للقرارات الحكومية.
فلسطين لا تملك المال لكنها تمتلك قيادة حكيمة وشعب ذات إرادة وعزيمة مكنتهم من محاصرة هذا الفايروس ولم ينتشر بشكل كبير وكان عدد الإصابات قليل مقارنة مع ما أصاب العالم.
هنا انتصرت الحكمة والإرادة على القوة والمال وسننتصر على هذا الفايروس بشكل نهائي بفعل إرادة شعبنا وحكمة قيادته وستعود الحياة إلى طبيعتها وسننتصر على الوباء الأكبر الاحتلال البغيض وسنعيش بحرية وكرامة في كنف دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف والخالية من كل الأمراض.
• كاتب وسياسي / رئيس بلدية بيتونيا