الكورونا والأزمة المالية تقلب حياة موظفي مستشفى المقاصد رأسا على عقب
نشر بتاريخ: 14/04/2020 ( آخر تحديث: 14/04/2020 الساعة: 18:52 )
الكاتب: ديما دعنا
898 أسرة فلسطينية تعتاش من هذا الصرح
"منذ ثلاثة أسابيع، لم أر فيهم عائلتي، ليس فقط خوفا عليهم من المرض، وإنما أيضا لقلة الإمكانيات، ففي الشهر الماضي لم تستطع إدارة مستشفى المقاصد صرف كامل الراتب لموظفيها فقررت أن تصرف النصف فقط، مما زاد الأمر صعوبة وأكثر تعقيدا" بهذه الكلمات بدأت (م.ع) حديثها عن معاناتها وخوفها من المجهول كما تقول، مضيفة: نواجه فيروس مميت، قلب حياتنا جميعا رأسا على عقب، فأنا أعمل ممرضة منذ أكثر من 20 عاما، لم أكن قلقة يوما كهذه الأيام، ورغم أني غير متزوجة وليس لدي أطفال، لكني كرست جل حياتي لخدمة أمي وأبي الطاعنان بالسن والمريضان بأمراض مزمنة ، ولخوفي عليهم من أن أنقل لهم العدوى أثناء تنقلي من مدينة الخليل إلى القدس قررت البقاء في المستشفى بمحض ارادتي، إلا أن الأزمة المالية التي تعصف بالمستشفى زادت من خوفي عليهما أكثر كونهما يعتاشان من راتبي".
يعيش موظفو مستشفى المقاصد تخوفات كبيرة ما بين الخوف من انتشار الفيروس وتوقف الرواتب وانهيار المستشفى؛ يقول أحد موظفي المستشفى الذي رفض الكشف عن اسمه: "ليس لي مصدر دخل آخر، ولدي عائلة وأطفال ومع انتشار الفيروس وتوقف الكثير من المؤسسات أصبح من الصعب أن أجد مكانا آخر للعمل فيه، ورغم أن المستشفى تعمل على قدم وساق من أجل تجهيز الأقسام لاستقبال حالات الكورونا ومعالجتهم، ويحتم علينا كأطباء وممرضين أن نقوم بواجبنا الإنساني تجاه المرضى، لكن أقسام وأجهزة ومعدات دون أموال تغطي أدنى حقوق الموظف سيودي بالأمر إلى كارثة حقيقية"
ومن جانبها تقول سميرة:" كل موظف من موظفي مستشفى المقاصد لديه عائلة وأطفال، لذا فإن توقف رواتب الموظفين يعني كارثة حقيقية وخاصة ممن سيكونون بمواجهة مباشرة مع مصابي الفيروس من أطباء وممرضين وحتى عمال النظافة الذين يحتاجون إلى الدعم النفسي والجسدي الكافي للعمل ليلا ونهارا وأيضا يحتاجون إلى الدعم المالي ، حيث لا يمكن لأي موظف العمل وهو قلق على مصدر رزقه، بالتالي سينهار أمام الضغط النفسي الذي سيعيشه آنذاك".
مستشفى المقاصد الإسلامية الخيرية؛ هو أحد أعضاء شبكة مستشفيات القدس الشرقية الستة الذي عمل هو ومستشفى ماريوسف الفرنسي ومستشفى الأوغستا فكتوريا / المطلع على تجهيز أقسام متخصصة لاستقبال حالات الكورونا ، فبعد تفشي فيروس كورونا في البلاد أصبح امتلاء المستشفيات الإسرائيلية والمقدسية بالحالات أمرا وشيكا، مما سيقع عبئا كبيرا على كافة العاملين في المستشفيات من عامل النظافة حتى إدارة المستشفى.
وأوضح مدير عام المستشفى د. هيثم الحسن: إن كوادرنا الطبية اليوم تقود أكبر معركة من أجل الإنسانية، فلابد من شحذ همهم وتقديم الدعم اللازم لهم وليس قطع مصدر رزقهم، فكل فرد يعمل في المستشفى أشعر كأنه احد أبنائي ومن مسؤوليتي دعمه، واعرف مدى معاناة كل واحد منهم، وأتمنى أن يعود كل واحد منهم إلى أحضان عائلته وتعود الحياة إلى طبيعتها دون خسارة لا في الأرواح ولا في الأرزاق.
وأضاف: إن مستشفى المقاصد الملقب بمستشفى الانتفاضة له تاريخ عريق على مدى سنوات طويلة، فكل فلسطيني له علاقة بهذا المكان، إن كان كزائر أو كمريض أو قد يكون قد ولد فيه، فانهيار هذا الصرح يعني خسارة معلم من معالم القدس، فليس من مصلحة الشعب الفلسطيني خسارة هذا المكان لا إنسانيا ولا وطنيا ولا اجتماعيا ولا حتى سياسيا، فأكثر من 898 عائلة تعتاش من هذا المستشفى، ففي حال انهياره يعني انقطاع أرزاق 898 أسرة فلسطينية، لكن أشد على أن هذا المكان لم يغلق بابه في وجه أي مريض حتى وان لم يكن يملك المال، وباذن الله لن يغلق بدعم أهل الخير من شعبنا الفلسطيني.
وطالب د. هيثم المقدسيين بضرورة البقاء في المنازل حتى لا تضطر مشافي القدس استقبال حالات قد يزيد العبء الملقى على عاتقها مؤكدا على ضرورة التقيد بالتعليمات التي تصدر من الجهات الرسمية وألا يتم الاستخفاف بالأمر فهو ليس بمزحة فهذا الفيروس قاتل ومميت ويضرب الجهاز التنفسي ويصيب كافة الفئات دون استثناء.
يذكر أن قيمة الديون المتراكمة على السلطة حسب فواتيرهم تصل إلى 63 مليون شيكل لقاء خدمات علاج المرضى و 18 مليون شيكل من الخدمات الطبية العسكرية و 40 مليون شيكل ديون متراكمة على المواطنين أنفسهم الذين لا يستطيعون دفع فواتيرهم ويتعهدون لدى المشفى بدفعها لكن لا يلتزمون بالأمر.