وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

العطاء شعور وممارسة حتى في زمن الكورونا

نشر بتاريخ: 26/04/2020 ( آخر تحديث: 26/04/2020 الساعة: 14:45 )
العطاء شعور وممارسة حتى في زمن الكورونا
الكاتب: رولا سلامة

في زمن الكوارث والحروب تزداد المبادرات وتقوى العلاقات بين الناس ، ويبدأ كل شخص يفكر بطريقة ما ليساعد ويساند مجتمعه ،كثيرة هي قصص النجاح التي سمعنا عنها خلال جائحة كورونا ، سمعنا عن أصحاب بنايات أعفوا السكان من دفع الايجارات وأخرون أمهلوهم بعضا من الوقت لحين تفرج امورهم ، وهناك في بيت لحم ايضا من قرر أن يمسح الديون عن زبائنه فكانت مبادرة مقدرة تدل على انتماء وشجاعه ، وهناك من قرر أن يشتري الخضار والفاكهة من المزارعين ليدعمهم ويوزعهم على الأسر التي تعيش ظروفا غاية في الصعوبة ، وهناك من قرر أن يدفع ديون الصيدليات لمن اشترى دواءه ولم يسدد ثمنه وتكررت هذه المبادرات في محافظات عديدة ، وبدأ الناس في التفكير في مبادرات جديده هدفها دعم المجتمع وزيادة الترابط الاجتماعي ودعم الأسر الفقيرة وايصال المساعدات لمستحقيها ، والتخفيف من معاناتهم . وكما هو الحال في كل مناحي الحياة ، هناك نجاح وهناك اخفاق ، فكما سمعنا عن نجاحات لمبادرات ، سمعنا كذلك عن اخفاقات أو اهمال أو حتى ظلم لبعض الناس فكميات كبيرة من المساعدات وصلت للمحافظات المنكوبة ، ليتم توزيعها على الأسر المستوره وليستفيد منها من يعيش في ضائقة ، فالعمال تقطعت بهم السبل والأسر التي تعتاش من وزارة التنمية الاجتماعية تعيش باستمرار في ضائقة كبيرة ، وأسر كثيرة اعتاد ابناؤها العمل بنظام المياومة ومع كورونا وما أحدثته من مأسي كثيرة توقف عملهم وباتوا بحاجة لمن يقف معهم في محنتهم ، كلنا يعرف قرية الولجة في محافظة بيت لحم ، فقد استوقفني ما قاله صديق لي منذ أسابيع قليلة ، ونحن نتحدث عن وضع القرية بعد أن منع العمال من الخروح للعمل في الداخل المحتل بسبب انتشار فيروس كورونا هناك ، أخبرني أن القرية لم تستلم طردا غذائيا واحدا منذ بدء الاغلاق وأنهم ناشدوا كثيرا وتابعوا الأمر ولكن لم يستمع لمناشدتهم أحد ، أخبرني أن الأسر المتعففه قليلة في القرية وأنهم يعيشون في ضائقة ، فكيف لهذا الأمر أن يحصل والكل يعلم تماما أن ما وصل من مساعدات من مختلف الجهات لمحافظة بيت لحم يزيد عن احتياجها ، فماذا حصل وكيف وزعت المساعدات ولمن وزعت ، وهل كان نصيب للفقراء منها ، وأنا لا أخص هنا محافظة بيت لحم لوحدها ، فالقضية مشتركة مع العديد من المحافظات ، وعلني أضع هذا الملف أمام اولي الأمر لمتابعته .

فالسؤال في بالي يدور، من يشرف على جمع التبرعات وتوزيعها ، ولماذا لا تصل لمستحقيها ، ولماذا على الفقير أن يعاني باستمرار ، فلماذا لا نأخذ بالحسبان قوائم الأسر الفقيرة في كل حي وحارة وشارع ، ولماذا لا نستعين بكل هيئة وبلدية وتجمع ونتابع معهم توزيع المساعدات ولا نتركهم للتفرد والانتقاء على أهوائهم ، ولا نريد أن يتم توزيع المساعدات بناء على الانتماء السياسي أو القرابة أو الصداقة وغيرها ، فنجد اسرة يتكرر اسمها في كل القوائم وتحصل على طرود كثيرة واسرة اخرى لم تحصل على طرد أو مساعده علما أن وضعها صعب للغاية. فالقضية ليست طردا يوزع أو كوبونة مساعده تعطى لمن هم بحاجة لها ، بل هي علاقة تربط المجتمع بعضه ببعض وبالتحديد في هذا الشهر المبارك والذي تكثر فيه الصدقات والتبرعات ، ويشعر فيها كل واحد بمسؤولية أخلاقية تجاه الأخر ، فالعطاء يقرب الناس لبعضهم البعض وينشر الأمن والأمان ولا يشعر الفقير أنه ترك وحيدا .

فهناك عشرات المناشدات تصل من قرى الخليل يقول أصحابها أنهم تواصلوا مع الجهات المعنية ولجان الزكاة ومؤسسات القرية والكثيرمنهم يشكوا قلة المساعدات وغياب المبادرات ، فمئات الأسر تناشد وتقسم أنها لم تحصل على قوت يومها ، ونسمع عن مبادرات ومبادرات من شتى الفئات ، فالصورة في بعض الأحيان مظلمة وأحيانا اخرى نجد من يتعب قليلا ليبحث عن من هم بحاجة للمساعدة في هذه الظروف الاستثنائية .

فها هي محافظة سلفيت تعلن عن استقبال التبرعات لدعم الأسر المحتاجه ولترميم المنازل والمساهمه في دعم طلبة الجامعات من الأسرالفقيرة ، فنجد القاصي والداني يتواصل ويدعم ويتبرع ويخصص من أمواله ما يدعم به محافظته لتسطر نموذجا حيا وجميلا وفريدا من نوعه في جمع التبرعات والمساعدات ، وباعتقادي أن هذا النموذج ان تعمم فسنجد أن كل محافظة ستحمل وتساعد وتشد من أزر أبنائها ممن هم بحاجة للمساعده والدعم ، ويحصل الترابط ويسود الأمن وتنتفي الجريمة القائمة على الحاجة .

الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا .

المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن الكورونا وتأثيرها بالمجتمع الفلسطيني .