وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الدولة الفلسطينية استحقاق ومصلحة دولية وليس مِنة

نشر بتاريخ: 03/05/2020 ( آخر تحديث: 03/05/2020 الساعة: 18:04 )
الدولة الفلسطينية استحقاق ومصلحة دولية وليس مِنة
الكاتب: السفير حكمت عجوري

ما تم الافصاح عنه مؤخرا بخصوص موقف الاداره الاميركيه من الضم لاكثر من ثلث اراضي الدوله الفسطينيه للسياده الاسرائيليه ومفادها الزام اسرائيل بالحزمه كامله بقيام دوله فلسطينيه هو تعبير عن تراجع لادراك جاء متأخر من قبل هذه الاداره وتحديدا رئيسها ترمب بان صفقته كانت مجرد واحده اخرى من قرارات وفتاوى شخص معتوه كما عودنا على مدار فترة حكمه والتي كان اخيرها حقن الجسم البشري المصاب بالكورونا بالمعقمات الخارجيه كعلاج مدمر لفيروس كورونا وطبعا نتيجتها مضمونه كونها تقتل الفيروس بعد قتل حامله وهذه كانت اخر صيحات جنون هذا الرئيس الاميركي وهو اثبات غير قابل للطعن بصحة كل ماقيل حول قدراته العقليه الامر الذي يستدعي ليس عزله عن الرئاسه وانما الحجر عليه في مصحه عقليه وربما تحميله المسؤوليه الكامله عن الاف ضحايا الكورونا في بلاده خصوصا وانه تسلم تقريرا استخباريا عن هذا الفيروس في الاسبوع الثاني من نوفمبر الماضي لم يعره اي اهتمام ومع ذلك فهذا شأن خاص بالشعب الاميركي بالرغم من تربع البيت الابيض على راس الهرم الدولي وتحكمه بمفاصل الشرعيه الدوليه.

ولكن ما يعنينا كفلسطينيين من كل ذلك في هذه الاونه ليس تجميد هذا الرئيس لكل المساعدات الماليه للشعب الفلسطيني وانما ضرورة شطب دولي لكل ما يتعلق بما اطلق عليه صفقة القرن بداية بالقدس ونهاية بالضم بعد ان اتضح وبما لا يقبل مجالا للشك على انها جريمة وليس صفقة العصر وبامتياز خصوصا وان ترمب يزعم انه تبنى تلك الصفقه واعتمدها بعد ان استمع ولمدة خمس دقائق لدرس في التاريخ المزور الذي كتبته الحركه الصهيونيه لخدمة هدفها الاساس وهو اقامة كيان اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل والتي يبدو انها ستتمدد جنوبا بمساعدة المتصهينين الجدد هناك.

قرار الضم للسياده الاسرائيليه لاكثر من ثلاثين بالمائه من اراضي الدوله الفلسطينيه المحتله استنادا لصفقة ترمب ، وهو ما اتفق عليه رئيسي حكومة الضم الصهيونيه النتن وغانتس ، اصبح قرارا جاهزا للتطبيق في شهر يوليو/ تموز القادم وذلك بالرغم من ما ذكرناه وما صدر عن ادارة هذا الرئيس مؤخرا بخصوص اعتبار الضم مشروطا بقيام دوله فلسطينيه.

نقول ذلك لسببين الاول ان قرار الضم هذا ياتي تحسبا لعدم اعادة انتخاب ترمب في نوفمبر القادم كونهم بحاجه له ليس كَمُشَرِع فهو ليس كذلك وانما حاجتهم له كشاهد زور والسبب الثاني ان ما اطلق عليها صفقة القرن التي تم بلورتها في عهد ترمب هي في الواقع ثمره سامه لبذور صهيونيه زرعها مجرم صبرا وشاتيلا ، شارون في سنة 1973 باطلاقه للمشروع الاستيطاني وهو ما افصح عنه برساله بعثها للصحفي ونستون تشيرشل الثالث في تلك السنه يخبره فيها بانهم في دولة الاحتلال سيشروعون " ببناء بؤر استيطانيه وزرعها بين البلدات والقرى والفلسطينيه لتجعل من قيام دوله فلسطينيه بعد 25 سنه امرا مستحيلا حتى لو ارادت ذلك اميركا اوالامم المتحده" . ومن اجل ذلك فقد تم اغتيال رابين ( نوفمبر سنة 1995 ) بسبب اعاقته لهذا المخطط بسبب موافقته على اعلان قيام الدوله الفلسطينيه في سنة 1999.

طبعا لا احد ينكر باننا في الايام الاخيره ومنذ الاعلان الصهيوني عن قرار الضم هذا شهدنا ردود فعل دوليه متعدده منها اوروبيه من قبل دول الاتحاد الاوروبي ممثلا بمهندس خارجية هذه الدول جوزيف بوريل ومن سفراء دول اوروبيه في اسرائيل القوة القائمه بالاحتلال اضافة لردود فعل دوليه ممثلة بمجلس الامن وبالطبع كلها كانت مواقف ايجابيه مشكوره ومثمنه فلسطينيا خصوصا وانها جاءت متطابقه مع قرارات الشرعيه الدوليه بعدم اعترافها بهكذا خطوه صهيونيه مدمره لحل الدولتين الذي اعتمده المجتمع الدولي حلا للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني.

الا ان ما قامت به دولة الاحتلال على مدار السبعه واربعين سنه الماضيه من اجل منع قيام دولة فلسطينيه بسبب مشروعها الاستيطاني الذي اعلن عنه شارون كما اسلفنا والذي تحولت خارطة دولة فلسطين بسببه الى جبنه سويسريه كما وصفها الرئيس بوش الابن يستدعي وبالحاح وقفة دوليه اكثر من ردود الاستنكار والرفض واستعطاف دولة الاحتلال لعلها تعود الى رشدها وهو ما لم تعره اسرائيل اي اهتمام واثرت وعلى ما مدار تلك السنين ان لا تستجيب لاي من ذلك لا في مجال النشاط الاستيطاني الذي لم يتوقف يوما بالرغم من تناقضه مع السلام في الشرق الاوسط وخرقه للقانون الدولي وتحديه الفج لمئات قرارات الشرعيه الدوليه .

ولا بما يمليه عليها واجبها كدولة احتلال ولا بشروط عضويتها في المنظمه الامميه بامعانها بممارسة جرائم حرب وجرائم ضد الانسانيه بحق الشعب الفلسطيني تحت احتلالها وهو ما يؤكد على ان اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال هي دوله مارقه ولن تصلح الا بالشده تماما كما كان الامر مع نظام الفصل العنصري الغائر في جنوب افريقيا الذي اقر قادته بانهم توأم عنصري لهذا الكيان الصهيوني .

على الجانب الاخر من الصراع وعلى النقيض تماما نرى كما ويرى العالم اجمع ان قيادة الشعب الفلسطيني ما زالت باقيه على عهدها بالالتزام كاملا بالقانون الدولي والشرعيه الدوليه و بكل ما يصدر عنهما.

ختاما نقول بان معظم الدول الوازنه في العالم هي التي انشأت اسرائيل كحل للمشكله اليهوديه علما بان هذه الدول تعرف يقينا انها لم تتسبب بخلق هذه المشكله حتى تحلها وانما هي الحركه الصهيونيه التي تسببت بخلقها ولاهداف ذكرناها انفا والتي لم تعد تتساوق لا مع القيم ولا حتى مع المصالح الغربيه اذ ليس من مصلحة اي دوله بما فيها اميركا قيام كيان عنصري صهيوني من الفرات الى النيل لما فيه من تهديد حقيقي ودائم للامن والسلم الدوليين وهو ما يشجعنا على الاضافه بالقول بانه قد اصبح واجبا اخلاقيا وانسانيا على كل تلك الدول التي ساهمت بحل المشكله اليهوديه بان تصلح ما افسدته وان تعمل على حل المشكله الفلسطينيه كاستحقاق دولي وذلك بالاعتراف بدولة فلسطين وحمايتها ارضا وشعبا وذلك ليس منة من هذه الدول لانها هي المسؤوله اساسا عن خلق هذه المشكله التي تاخر كثيرا اوان حلها.

ان التنازل التاريخي الذي قدمه الفلسطينيون بقبولهم دوله على اقل من ربع ارضهم التاريخيه وقبل ان يصبح قابل للطعن، يجعل من حل المشكله الفلسطينيه من خلال هذه الدوله ذات السياده على حدود الرابع من حزيران سنة 67 مصلحه دوليه بالمقام الاول بقدر ما هي مصلحه فلسطينيه.