إلى السياسيين والمحللين توقفوا عن قول "خطة الضم" وقولوا "مشروع السلخ"
نشر بتاريخ: 07/06/2020 ( آخر تحديث: 07/06/2020 الساعة: 19:04 )
الكاتب: أحمد البديري
حرب الوعي لا تقل شراسة عن حرب الشوارع فطلقة الوعي أكثر ضراوة لأنها تصيب الشعوب وليس فردا بعينه أصيب برصاصة البندقية. المؤسسة الإسرائيلية الأمنية محترفة في حرب الوعي وقد استبسلت في حرب الكلمات والاصطلاحات طوال عقود. أخر تلك الحروب السرية الباطنية " عملية الضم " التي باتت تلخص النوايا الإسرائيلية بسلخ مناطق جغرافية غير واضحة المعالم في الضفة الغربية المحتلة عموما.
الأقرب أنه " مشروع السلخ " فسلخَ بالمعاجم هو الكشط والنزع بقوة وتقال لنزع الجلد ومن هنا يبرز المعنى الأقرب للمراد وهو نزع الأراضي بالقوة وهي أفصح من كلمة فك أو كشط أو شتت أو نزع. فمشروع السلخ المضاد اصطلاحا لعملية الضم هو المراد في الحقيقة. مرة أخرى حرب الوعي تتمثل بالجهل والقبول استسلاما لصاحب المشروع والمبادرة وهنا الحكومة الإسرائيلية اخترعت المشروع واسمه معا والتي روجت للمصطلح أعجميا وعربيا وكأنه أمرٌ يسير لا قوة به ولا حول له ولا نزاع فيه.
مشروع السلخ هو تماما كسلخ جلد الدواب فعند نزعه بقوة تترك أثراً لجلد متمزق إن لم تتقن السلخ كجزار ماهر. أي الاحتلال سينتزع أراضي ويترك أراضي ليشوه الخارطة التي فرضت قصرا بعد حرب سبعة وستين ليبقى فتات جلد أي فتات أرض. يذكرني ذلك بمصطلح فك الارتباط عن قطاع غزة والذي انسحبت بموجبه قوات الاحتلال من القطاع ولكنها لم تفك أبدا الارتباط ببقاء الاحتلال حول القطاع ومتى شاء حلق فوق سماه قاصفا أو مستطلعا أو مستفزا. وأيضا عملية السور الواقي والرصاص المصبوب وحتى درع الشمال أو عملية سلامة الجليل فكلها حرب الوعي لِكي الوعي وحرب المعاني فالمراد التدمير والقصف والقتل بعمليات عسكرية قاسية دامية.
مشروع السلخ يراد منه انهاء أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية بل حتى انهاء الحلم نفسه الذي بات أبعد مما نظن. المشروع الذي جاء بعد سنوات من الجهود الدبلوماسية والسياسية لنتنياهو والذي حتى في الدوائر الأمنية والعسكرية الإسرائيلية يعارضونه لخطورته سواء على المدى المنظور أو بعيد الأمد كخطر الصدام مع المملكة الأردنية الهاشمية التي توعدت بالرد لما يشكل خطرا عليها وعلى مشروع حل الدولتين.
أخيرا فإن الاستمرار في استخدام مصطلح " عملية الضم " يخدم التطمينات الإسرائيلية للمجتمع الدولي فما يفعله هو الضم كمن يضم حبيبه أو يضم الازهار. الاصطلاح في الصراع العربي الإسرائيلي كان ولازال وسيبقى من المعارك المستمرة حتى في ظل هدوء أصوات الجبهات. فحرب الأيام الستة وحرب الاستقلال باتت مصطلحات تستخدم في الأوساط الإعلامية والسياسية الأوروبية والأمريكية فقط لان أحدهم في العالم العربي أخطأ وسماه كذلك أو لان المنظومة الإعلامية الإسرائيلية روجت لها لسنين فأضحت واقعا ومن ينتقد المصطلح وكأنه يغرد خارج السرب وهو الغريب الذي لا يتقن فن الكلام ليقلل من شأن الخطر الاصطلاحي الترويجي.
* اعلامي فلسطيني