وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لبنان.. إسعافات بلا حل

نشر بتاريخ: 12/08/2020 ( آخر تحديث: 12/08/2020 الساعة: 20:00 )
لبنان.. إسعافات بلا حل

الكاتب: نبيل عمرو

يستحق لبنان وبوجه خاص عاصمته العظيمة بيروت، ان تسير له جسور حوية لنقل مساعدات عاجلة لاعانته على معالجة الكارثة التي نجمت عن اكبر تفجير تعرضت له في تاريخها.

ويستحق كذلك حملة تضامنية عالمية بدأت بالزيارة المؤثرة للرئيس الفرنسي ماكرون، ومن تلاه وسيتلوه من شخصيات تمثل دولا عادية وكبرى.

وفي لبنان ينتظرون الزيارة الثانية لماكرون وقبلها زيارة وكيل وزارة الخارجية الامريكية، وسيظل الحبل على الجرار من هنا حتى اشعار آخر.

غير ان ما يثير القلق مفارقة تدعو الى الحذر دون ان أقول القلق وهي ان اتساع فعاليات التضامن والدعم الخيري ربما تخفي تحتها عجزا عن مساعدة هذا البلد فيما يحتاج اليه فعلا من مساعدات توفر له قدرات جدية على الخروج من ازماته المستفحلة، والتي وصلت حد ايصاله الى واقع دولة فاشلة قبل الانفجار المروع.

المثير للحذر هو الحسابات الدقيقة للقدرات التي تتمتع بها الدول صاحبة الجسور الجوية والزيارات التضامنية على اخراج هذا البلد من ازماته، وليس اكثرها الحاحا نظامه السياسي مع الإقرار بفداحة تأثيره على البلد وأهله وإقرار وان بدرجة اقل بأنه قابل نسبيا للإصلاح.

الأكثر الحاحا والذي يتقدم على كل الازمات هو وجود ظاهرة غير موجود مثلها في أي مكان وهي تفوق المليشيا المسلحة الوحيدة من حيث القوة والنفوذ على الدولة الشرعية التي يعترف بها العالم ويتعامل مع شرعيتها الدستورية كل اللبنانيين ، وحزب الله لا يتعامل مع نفسه ومع الاخرين كميليشيا لبنانية تمثل طائفة او حتى اتجاها سياسيا فهو كما لا يكف زعيمه السيد حسن نصر الله على الاعتراف بأنه جزء لا يتجزأ من الدولة الإيرانية وعقيدته لا تحيد قيد انملة عن ولاية الفقيه ، وحزب الله ومن خلال دهائه في طرح القضايا الوطنية والقومية وقدراته المثبتة على تجنيد اذرعة ذات وزن شعبي في المعادلة اللبنانية، مخترقا بالتحالفات والخدمات قوى من كل الطوائف، حزب الله والحالة هذه لم يعد معضلة بالنسبة لمعارضيه اللبنانيين بل هو اكثر من ذلك بالنسبة للقوى الإقليمية والدولية التي ترغب في مساعدة لبنان الا انها لا تعرف كيف ... اذا لا تستطيع .

وحزب الله الذي لم يأبه بسيل الاتهامات التي تعرض لها وفحواها انه المتسبب في انفجار المرفأ والمتسبب قبل ذلك بايصال البلد الى واقع دولة فاشلة لا يخفي قدراته على توظيف المأساة لمصلحته فقد طمأن اذرعته اللبنانية التي تسمى بالحلفاء الى ان لا يلحق بهم وبنفوذهم أي اذى، بل عليهم الاستبشار خيرا بما حدث كعامل لتخفيف الحصار واستبداله بتهافت دولي على المساعدة.

واذا كان عنوان المساعدات العاجلة اسعافيا او خيريا الا ان حزب الله يراه سياسي ورئيس الدولة الشرعية يحذو حذوه وان بصورة اكثر مباشرة في هذا الاتجاه .

الانفجار غير المسبوق الذي زعزع كل بيروت ولبنان لا يقوّم بما احدث من اضرار مادية وبشرية وانما بما خلق وسيخلق من تداعيات تمس حياة مستقبل لبنان وأهله، هذا الانفجار سوف يُنسى كحدث قائم بذاته، وحتى لو تشكلت لجنة تحقيق دولية فلن تؤثر مخرجاتها مهما كانت على مجريات الازمات المستفحلة التي ظهرت قبل انفجار المرفأ فحزب الله واذرعته وخصوصا اللبنانية منها تملك قدرة على التشكيك في المخرجات تماما مثلما حدث ويحدث مع جريمة اغتيال الحريري، التي تزامن النطق بقرارات محكمتها مع الانفجار المروع ما أدى الى تأجيله.

اللبنانيون قبل الانفجار وبعده سوف يواجهون سيناريوهات ليس منها واحد طيرح حلا جذريا أولها ترميم النظام السياسي بانتخابات جديدة وحكومة خيالية بمعزل عن تأثير القوى السياسية وتحديدا حزب الله واذرعته وهذا السيناريو سيكون بمثابة استنساخ للنظام الذي يراد ترميمه وهنالك سيناريو آخر ربما يعتمده المساعدون الخارجيون وهو الإقرار بنفوذ حزب الله واقعيا وموضوعيا ومحاولة التخفيف من سطوته على الدولة، وليس لدى هؤلاء غير ربط مستقبل نفوذ الحزب بمستقبل النفوذ الايراني في المنطقة، وهنا لا مناص من دخول المؤثر الإسرائيلي الذي افصح نتنياهو عن حدوده" عدم تخزين سلاح حزب الله في الأماكن السكنية"ونتنياهو يعرف اكثر من غي ه سذاجة هذا الطلب واستحالة تلبيته .

اكثر من سؤال أخير على اللبنانيين إيجاد الأجوبة عنها، ما هي قدرة فرنسا ووراءها الاتحاد الأوروبي على الحل؟

وما هي قدرة أمريكا؟ ثم ما هي قدرة العرب؟ ثم ما هي قدرة الخصوم على الاعتراض والتعطيل ؟.

المواقف شيء والقدرات شيء آخر الا ان ما يخيف حقا هو ان يصل اللبنانيون الى حالة من اليأس تدفعهم الى خيارات تنطوي على مجازفات كأن تعود دورات العنف الى العمل.