|
واقعنا الفلسطيني المؤلم
نشر بتاريخ: 16/08/2020 ( آخر تحديث: 16/08/2020 الساعة: 11:21 )
لم يزعجني كثيراً ما جرى بخصوص إتفاقية السلام بين الإحتلال والإمارات على اعتبار أن هذا شيء متوقع منذ سنوات وقد تأخر وقوعه، كما أنه ليس الأول ولا الأخير، ما يزعجني هو الحالة الفلسطينية وما آلت إليه الأمور وهي سبب وليس كل الأسباب لتجرّؤ الإمارات على ما قامت به، وعلى سبيل المثال ما بين العامين 1977 و 1979 حدثت زيارة السادات للقدس وبعدها توقيع اتفاقية كامب ديفيد وبعدها معاهدة السلام، فقامت المظاهرات الرافضة في كل أنحاء العالم، وهب شعبنا الفلسطيني هبة أوجعت الإحتلال، بشكل تلقائي نزل الفلسطينيون للشوارع المحتلة، كان الإحتلال يتعوّذ من الشيطان عندما يحاول مهاجمة جموع الفلسطينيين الثائرين الرافضين، أما اليوم فالفعل هو ما نكتبه على صفحات التواصل الإجتماعي وفيه تكمن الثورة ويكمن الرفض ولذلك أسبابه أيضا، بالعودة للأمس القريب وعندما ثرنا ثورة عظيمة ضد قرار الضم الإحتلالي، جمعنا ما لا يزيد عن خمسة آلاف شخص وقام الإحتلال بإرجاع حوالي ألفيْ شخص رغم أن المواصلات مدفوعة، فهل هذه هي الجموع التي كانت ستواجه قرار الضم في مكان غير موفق بتاتاً، والأصل أن يشارك بذلك مئات الآلاف وليس عشرات الآلاف من أجل إيصال رسالة واضحة للعالم والإحتلال. في ظل هذا الواقع المخزي أنا لن أستخدم مصطلح قيادة (فللقيادة شروطها ومحدداتها ومبادئها) وأكتفي باستخدام مصطلح مسؤولين، الحقيقة أن هناك هوّة كبيرة بين المسؤولين والشعب، والحقيقة أن الشعب لم يعد يصدق أحد، والحقيقة أن الكثيرين يريدون امتيازات للقيام بعمل وطني (أجرة المواصلات، بنزين، باكت مني، وأشياء أخرى كثيرة)، الحقيقة أن البعض ينظر للوطن من فتحة الصراف الآلي والبعض من فتحة غير المستفيد والبعض من فتحة اليأس والإحباط (رموا الذمايم) والبعض من فتحة معاقبة من أساؤوا له أو آلموه دون النظر لأي وازع وطني، وبقي بعض قليل يناضلون بشكل فردي ووطني عظيم فيستشـ هدون ويُؤسرون ويُجرحون فرادى وأولئك لهم مني تحية عسكرية عظيمة وقبلة على جباههم التي لم تحنيها الإمتيازات والفوائد، وهذا كله أو معظمه سببه المسؤولين الفلسطينيين من أعلى الهرم لأسفله، فهم من أسسوا لثقافة الصراف الآلي وهم من خفضوا الوازع الوطني للحد الأدنى حتى تلاشى وهم الذين جلسوا بأبراجهم العاجية يريدون من المواطن ان يعرف وينفذ ما يدور بخلدهم وهم الذين سمحوا لبعض المسؤولين بتجاوز الخطوط الحمراء مع الإحتلال في بناء علاقات صداقة وهم الذين شاركوا بجنازات وتعازي إحتلاليين قتلة ومجرمين بحق أبناء شعبنا وهم الذين ثبتوا نظام (عظام الرقبة) وهم الذين بعثوا نظام أسياد البلد بوطن محتل، وبعد كل ذلك كيف سيؤمن بائع (البسطة) وعامل الصحة وصاحب المحل البسيط والموظف البسيط والشخص الذي منذ عشرين عام يقدم لوظيفة معلم أو غيره ولا يحصل عليها، كيف سيؤمن بأن دعوة المسؤول لقضية وطنية يجب أن تتم تلبيتها؟؟!. هانت علينا أنفسنا فهُنّا بعيون الإحتلال وبعيون من يعقدون الإتفاقيات مع الإحتلال مثل الإمارات ومن يليها، "واللي من إيدو الله يزيدو" على سبيل الإستيقاظ وليس الشماتة، فأنا ابن هذا البلد وقد حسمت أمري بعشقي العظيم للوطن العظيم ولا أقبل أن يُضام المواطن ولا المسؤول، لكن هذا أوان الإستيقاظ من وهم السلام مع الإحتلال المجرم القاتل، هذا أوان العودة للبعد الوطني الفلسطيني الصادق، هذا أوان الإرادة والحب للوطن والمواطن، وعقد العزم على التحرير بالأساليب المتعارف عليها في تحرّر الشعوب، وهذا أوان إغلاق المكاتب الفارهة وحرق السيارات الفخمة وتمزيق البدل الرسمية ونفي مناصب الكرتون الى غير رجعة الا بعد التحرير وأخذ المسؤولين أماكنهم في الميدان بين الجماهير، آنذاك نكون بالإتجاه الصحيح وننطلق القائد يحتضن المواطن ليتلقىٰ رصاصة المحتل عنه وحينها يكون قائد، وحينها نعود بخير. |