وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نبيل عمرو يكتب لمعا: ما هكذا يا سيد اوبراين...

نشر بتاريخ: 05/09/2020 ( آخر تحديث: 05/09/2020 الساعة: 11:37 )
 نبيل عمرو يكتب لمعا: ما هكذا يا سيد اوبراين...

الكاتب: نبيل عمرو

لمن لا يعرف فالسيد اوبراين هو مستشار الرئيس ترمب للأمن القومي، أي انه من ضمن عدد لا يتجاوز أصابع اليد يجلس على مائدة القرار في الإدارة الامريكية.

هذا اذا سمح السيد ترمب لأي منهم بأن يكون له اسهام في قراراته المرتجلة. ما علينا في هذا الامر فالذي يهمني ان هذا المسؤول دعا لاستبدال القيادة الفلسطينية بسبب رفضها خطة صفقة القرن، وأعلن ان ايادي ادارته ممدودة لجيل قيادي شاب يعمل جنبا الى جنب مع اشقاءهم العرب وجيرانهم الإسرائيليين وبالطبع في حضن صفقة القرن.

وقال أشياء كثيرة خاطب بها الفلسطينيين كما لو انه يلقي درسا في محو الامية متجاهلا ان الشعب الفلسطيني في السياسة كما في العلم كما في الثقافة شبّ عن الطوق وتقدم وتفوق، ولم يبق له الا ان يحصل على دولة مستقلة تتضافر إدارة السيد اوبراين مع إدارة نتنياهو لمنع ولادتها.

فهو يطلب من الفلسطينيين بصريح العبارة ان يتنازلوا عن حقوقهم السياسية لقاء ما يصفه برغد العيش الذي ينتظرهم في المعازل البائسة التي يسميها ترمب دولة.

انتاج قيادات الشعوب لا يتم على طريقة صناعة السيارات او أي سلعة تخضع للتصميمات الامريكية ووفق مواصفات السوق الإسرائيلي، بل تنتجها الشعوب ذاتها بمحض ارادتها ومن قلب رؤيتها لمصالحها، ولمن يعبر عن هذه المصالح بأصالة وطنية والتزام مبدأي ومسلكي يراقبه الشعب الفلسطيني ويصدر حكمه على اداءه، فمن يمر من اعتبارات الوطنية الحقة يصبح قائدا في مسيرة هذا الشعب ومن يفصل نفسه على مقاس المصافي الغريبة فلا مكان له لا في اعلى الصفوف ولا في أي مكان.

ان الشعب الفلسطيني الذي يبلغ تعداده الأربعة عشر مليونا وربما اكثر والذي رغم النكبة والاحتلال والحرب على مختلف صنوفها واسلحتها ادار بكفاءة عملية مزدوجة اثبت من خلالها قدرته على مواجهة الاحتلال وبناء حياته ومقومات تقدمه في كافة المجالات ولولا الاتحاد الأمريكي الإسرائيلي الذي لا هم له سوى منع ولادة دولة فلسطينية حقيقية حديثة وحرة ومستقلة، لكانت دولته من افضل دول المنطقة ولصارت مجمع كفاءات نشرت ابداعها على مستوى العالم كله حتى في أمريكا ذاتها.

نعم يا سيد اوبراين، الشعوب دائما في حاجة الى تجديد قياداتها الوطنية وبحاجة الى ان يتم هذا التجديد بارادتها والياتها وخياراتها الحرة، وحين يعتمد الفلسطينيون وقد فعلوا ذلك مرات عديدة صندوق الاقتراع الوطني كأساس لبناء نظامهم السياسي فهم يسيرون في الاتجاه الصحيح ولا يحتاجون لتطفل من احد اما اذا كان التجدد والتقدم وفق وصفة اوبراين وترمب قائما على مبدأ الحياة مقابل لقمة العيش فلينسى ما يفكر به وما يعرضه على الفلسطينيين ، واذا كان يغازل الشباب الفلسطيني ويعمل على رشوته بوعود بائسة فهذا يندرج تحت بند النفاق التقليدي المخادع ، فليعلم ان شباب هذا الشعب اكثر تمسكا بحقوق شعبهم السياسية وعنوانه تقرير المصير والعودة وإقامة الدولة المستقلة على ارض الوطن.

أخيرا ان ما قاله السيد اوبراين لن يجد آذانا صاغية عند كافة فئات الشعب الفلسطيني التي لا ترى غير الانتخابات الحرة النزيهة من ينتج تجددا طبيعيا وصحيا للقيادة، وليعرف السيد اوبراين ان الانتخابات في بلادنا تنتج دائما قيادات وطنية وليس مركبات وفق التصميمات الامريكية.