|
عندما يتغلب المال على الكرامة!
نشر بتاريخ: 11/09/2020 ( آخر تحديث: 11/09/2020 الساعة: 18:29 )
استطاعت قوة المال وسطوته من التغلب على الإرادة العربية واستطاعت تغيير مسارا رسمه حكام العرب في كيفية التعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى وكذلك وحسب مبادرة السلام العربية التي جاءت باقتراح من المملكة العربية السعودية وملكها الراحل عبد الله بن عبد العزيز بأن أي علاقة تطبيع من أي دولة عربية مع دولة "الكيان" مشروطة باحقاق الحق الفلسطيني من خلال إقامة دولته المُستقلة وعاصمتها القدس الشريف . ذلك سرعان ما أبعدت هذه الدول عن تلك المبادرة ومضمونها الكامن في تطبيقها وربطه بتطبيع كامل مع الاحتلال، وذلك بعد ان هيمنت الولايات المتحدة على مصادر دخل العديد من الدول فنهبت المال وحاصرت دول كثيرة وفرضت عليها قيود من أجل تجويع شعبوها لاركاعهم وتمرير كل المخططات الصهيوأمريكية على المنطقة هذه المخططات التي ستسقط كل المنطقة العربية بيد الاستعمار وأدواته " سايكس بيكو 2" . فبعد تبجح حكام الإمارات واعلانهم عقد صفقة مع دولة الاحتلال في تحالف أمني عسكري تجاري كأكبر اختراق تنفذه أمريكا والاحتلال معاً للموقف العربي الموحد، هذه الخطوة العلنية التي جاءت في هذا الوقت بالذات الذي تمر فيه كل الدول العربية بأسوأ حالاتها مُنذ تأسيسها ، فـ الحالة الاقتصادية المتردية لشعوب المنطقة بأسرها حيث أصبح مصير تلك الدول معلق بأمريكا " فإن رضيت أمريكا عن مواقف هذه الدول تفتح جداراً بسيطاً من الحصار وإن لم ترضى تشدد خناقها من أجل إرضاخ تلك الدول وإشغال شعوبها بالتفكير فقط بلقمة العيش وكيفية الخروج من هذه الحالة المعيشية الصعبة ويُبعدُ تفكيرهم عن القضايا السياسية والوطنية". ولعل أسوأ ما تمر به هذه الدول وأنظمتها الهشة من حالة تردي واضح هو استخدام أمريكا الأموال والمقدرات العربية لدعم مخططاتها ودعم دولة الاحتلال وتجويع شعوبنا العربية ومحاصرته. ومنذ تأسيس دولة الكيان وهي تبحث عن ثغرات للدخول الى الدول العربية لعقد اتفاقيات تؤمن وجودها وتشرعن ممارساتها بحق قضيتنا وشعبنا وقد نجحت في العديد من محاولاتها فدخلت بعض دول الخليج بشكل سري وصلت المغرب أيضاً وعقدت اتفاق سلام مع مصر والأردن ومنظمة التحرير، واتخذت من هذه الاتفاقات نقطة انطلاق نحو المزيد من العلاقات مع دولنا العربية للتخلص من التزاماتها اتجاه القضية الفلسطينية لتفرض حلولاً على مقاسها ولتخلي مسؤوليتها عن احتلال أرضنا وشعبنا وكي تمعن في سياسة الضم لأراضينا دون أدنى مسؤولية عن شعبنا - أي أنها تُريد السيطرة على معظم أراضينا خالية من سكانها - وبالتالي تُريد عزل شعبنا في كانتونات على غرار ما كان موجود زمن الدولة العنصرية في جنوب أفريقيا. أرى أن ما حدث في الجامعة العربية ورفضها إدراج بند للنقاش من شأنه إدانة تفرد الامارات بعقد اتفاق مع دولة الاحتلال ـ كما أشيع بعد الاجتماع - يضعف موقف شعبنا وقيادته في مواجهته المخططات الاستعمارية، فيما لم يجروء الأمين العام ولا الدول العربية إضافة هذا البند خوفاً من قطع المعونات التي تتلقاها هذه الدول وهذه الجامعة من دولة الامارات وبالتالي نجح المال بالتغلب على كرامة الأمة وسقطت "الجامعة" سقطة مدوية اذ أنها لم تعد تحترم قرارتها التي اتخذتها في موضوع الصراع العربي الاسرائيلي، فكيف لأي دول أخرى أن تحترم هذه القرارات وإن الجامعة العربية التي تشكلت بارادة عربية من أجل تكوين جسم عربي جامع لمتابعة أمور تلك الدول ومعالجة كل القضايا الخلافية التي قد تنشأ بين أعضائها، إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً كان أول فشل لها في التعامل مع قضية احتلال العراق للكويت وكيف أنها وقفت مع التحالف الغربي ضد دولة عربية، هذه القضية التي هي من اولى أولويات هذه الجامعة للعمل على حلها داخل البيت العربي لا أن نستعين بالغرب لكي نستقوي على دولة عربية وفتح الأبواب كلها أمام الاستعمار الحديث كي يسيطر على مقدرات أمتنا وبطلب منا ! . آن الأوان كي نُعيد النظر في وجودنا ضمن هذه المنظومة الهشة والتي لا يوجد لها دور سوى الاجتماع والشجب والاستنكار . لنبدأ بالتوجه نحو شعوبنا العربية التي لم ولن ترضى الخنوع لأمريكا ولا لدولة الاحتلال مهما كان الثمن وإن سمعنا بعض "الناعقين" هُنا أو هُناك من بعض "المُنبطحين" العرب إلا أن شعوبنا العربية مازلت تحتفظ بعزتها وكرامتها ولن تستسلم وأن تقبل بالمهانة وستبقى القضية الفلسطينية على سلم أولوياته. وسيبقى شعبنا وقيادته على الجاهزية التامة وسنبقى نخوض هذه المعركة الأخيرة مع الاحتلال ولن توقف المسيرة إلا داخل أسوار القدس محررة، وسنعيد لشعبنا ولأمتنا أمجادها وستنهزم كل أنظمة الخنوع والرضوخ وستنتصر شعوبنا على الظُلم والقهر والاستبداد وستختفي كل تلك القيادات التي قبلت لنفسها أن تكون إلعوبةً بيد أمريكا ودولة الاحتلال. • كاتب وسياسي |