وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المسيحية من الداخل الوجه الآخر للدكتور جبرا الشوملي

نشر بتاريخ: 24/09/2020 ( آخر تحديث: 24/09/2020 الساعة: 20:57 )
المسيحية من الداخل الوجه الآخر للدكتور جبرا الشوملي

الكاتب: محمد قاروط ابو رحمه

يتكون هذا الكتاب من 240 صفحة من القطع الكبير، اصدرا دار الرعاة وجسور 2020.

جاء هذا الكتاب في ستة فصول، ومقدمة واستخلاصات عامة، قراءة تمهيدية في العهد القديم كان عنوان الفصل الأول، أما الفصل الثاني فعنوانه، يسوع المسيح: الفضاء الأول، والفصل الثالث بعنوان العهد الجديد: الأناجيل الأربعة بين القطع والوصل مع العهد القديم، والفصل الرابع من شاؤول اليهودي إلى بولس المسيحي، والفصل الخامس، سفر أعمال الرسل: الرعيل المسيحي الأول، أما الفصل السادس فعنوانه، يوحنا البشير: فيلسوف اللاهوت والناسوت.

هذا الكتاب يحتوي أيضا على 473 هامشا تتوزع ما بين كتب دينية وتاريخية وأثرية، ودراسات وأبحاث وشروحات وموضوعات أخرى في 48 صفحة .

الكتاب سيشكل مرجعا للدارسين في مجال مقارنة الأديان وعلم اللاهوت والتاريخ، وهو في الوقت ذاته مرافعة تاريخية عن نسب المسيح عليه السلام وعن أصله الفلسطيني الجليلي الناصري المولود في بيت لحم.

بهذا الكتاب وفي الفصل الثاني ، يرد جبرا على ما أورده كمال الصليب في كتابه: البحث عن يسوع الناصري : قراءة في الأناجيل، دار الشروق 2000، عن نسب السيد المسيح ومكان ولادته وجنسيته. ويرد أيضا على فاضل الربيعي الذي يذهب إلى أن السيد المسيح ليس فلسطينيا، نسبا وجنسية.

بهذا الرد المستند إلى كتاب علمانيين والى علم الآثار، من حقنا ان نسال الصليبي والربيعي عن سبب سلوكهم مسلكا يجرد المسيح عليه السلام من جنسيته، ومكان مولده، وبداية دعوته.

في هذا الكتاب كعادته جبرا ليس حياديا، وقد قدم نفسه كصاحب هوية فلسطينية - عربية انطلاقا من إيمانه العميق (والذي نتشارك معه هذا الإيمان) ان المسيحية الشرقية كما في منشأها التاريخي ورسالتها الأولى لم تكن إلا ندا رساليا وحضاريا للكهنوت اليهودي المحافظ وندا سياسيا وإنسانيا للاحتلال الروماني لأرض فلسطين. (ص8)، ومن وجهة نظري لا تزال كذلك.

يفكك جبرا في الفصل الأول أسفار اليهود، ويقدم الأدلة على أنها من تأليف أحبارهم ص15، وان اعتبار العهد القديم والمتناقض مع ذاته هو البنية التحتية للمسيحية قد أضعف الحمولة الانسانية والاخلاقية للرسالة المسيحية التي نقضت الطبقية الاجتماعية والدينية اليهودية ، وأخرجت المرأة من قفص الدونية اليهودية .

ركز جبرا في الفصل الثاني على ان السيد المسيح ورسالته حقيقتان بالأدلة على كافة الأوجه، وانه فلسطيني النسب والمولد، كما فكك مفهوم ومصطلح النصرانية ورده الى فرقة يهودية جمعت بين المسيحية واليهودية دون أن تتخلي عن الناموس اليهودي .

في الفصل الثالث الأناجيل الأربعة بين القطع والوصل مع العهد القديم، يضع جبرا مصطلح الانجيل في بند تعريفي مختلف عن السائد، فيكتب ص113 : الإنجيل ليس كتابا جاهزا نزل من السماء مباشرة. بهذا التعريف يقول جيرا : هذا التعريف يساعد البحث العلمي على التحرر من سلطة اللغة المقدسة ويتيح التحرك بحرية داخل النصوص.

الأناجيل الأربعة، متى ويوحنا ولوقا ومرقص، والأناجيل تحمل أسماء اثنين من تلاميذ المسيح هما متى ويوحنا، واثنين من تلاميذ بولس وبطرس. لوقا تلميذ بولس، ومرقص تلميذ بطرس.

في هذا الفصل يقدم جبرا الأدلة الكثيرة والمتنوعة عن خطورة الوصل بين اليهودية والمسيحية والذي عمل عليه متى في إنجيله ، حيث سمح هذا الوصل لاحقا بظهور جماعات مسيحية تقرأ المسيحية حرفيا بعيون العهد القديم ، وما ترتب عن هذه القراءة من انتشار خيالات دينية وسياسية متطرفة مضادة لجوهر الرسالة المسيحة ، ولكن جبرا عمل من جانب أخر على وضع فرضية تبرئة متى بإحالة الخلل الى خيانات الترجمة.

في الفصل الرابع من شاؤول اليهودي إلى بولس المسيحي، هذا الفصل يبين تحول شاؤول اسما إلى بولس وكيف تحول من اليهودي الى المسيحية، ومولده وبيئته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتأثير رسائله على المسيحية، وإسهاماته في مفهوم الخطيئة ومعالجتها.

كما اظهر جبرا أن بولس عالج موضوع الوصل بين العهد القديم والعهد الجديد على انه وصل نقدي وليس إستنساخي.

اعتبر بولس الناموس اليهودي بأنه ناموس عبودية، ووضع أساسا للعقيدة المسيحية القائمة على (التبرير بالإيمان)، وجوهرها أن جميع البشر متساوون أمام الله ص187-188.

الفصل الخامس: سفر أعمال الرسل. يمثل سفر أعمال الرسل مع الأناجيل الأربعة ورسائل بولس البيان الكتابي المسيحي الرسمي وتعتمده جميع الطوائف المسيحية كما تعتمد الأناجيل الأربعة ورسائل بولس.

الأناجيل الأربعة هي رواية مسيرة حياة يسوع المسيح وتعاليمه، بينما سفر أعمال الرسل هو رواية مسيرة حياة الجماعة المسيحية الأولى ورموزها الأوائل بلغة تجمع بين التاريخ واللاهوت.

أما الفصل السادس يوحنا البشير فيلسوف اللاهوت والناموس ، فقد عمل جبرا على تحليل شخصية يوحنا البشير تحليلا شاملا ، وقدم يوحنا الجليلي الفلسطيني الذي عاني وأسرته من إضطهاد الرومان واليهود كمرآة نقية لتعاليم المسيح ، فيوحنا هو صاحب الفصل بين اليهودية والمسيحية وهو عمود الكلمة المسيحية الأولى.

كانت هذه إطلالة وانطباعات، وتشكل الاستخلاصات العامة ص235 مادة مهمة، وان هذه الانطباعات والإطلالات هدفها تقديم حافز لاطلاع المثقفين والمهتمين على ما احتواه هذا الكتاب من كنوز تاريخية ودينية عالجها جبرا بروح منفتحة وعقل واسع المعرفة، يستند أحيانا إلى المنطق والتفكير الإبداعي والنقدي، يستنطق النص ويحاكمه بالنص، وينتقد النص بالنص ويعزز قيمة النص بالنص.

القيمة الأدبية لهذا الإصدار تحسب للكاتب، كما يحسب له أيضا المنهج الفلسفي الذي استخدمه في صياغة جمله او محاكمة النصوص.

هذا الكتاب كنز من كنوز المكتبة الفلسطينية والعربية ،بينما ترجمته إلى الانجليزية والفرنسية سيساعد على تبديد الكثير من التشوشات حول أصول المسيحية الشرقية وتاريخها ونشأتها في المجتمع الفلسطيني القديم وطرق انتشارها عالميا ، وسيكون عونا لفهم أفضل لتاريخنا الفلسطيني العربي .