نجمة شاردة إلي
السفير منجد صالح
سهرت أراقب طلائع النجوم
نجمة وراء نجمة
نسمة وراء نسمة
أنتظر رؤية النجمة الأولى
النجمة البكر
أوّل الليل وأوّل النسمات
تُطالعني النجمة البكر شاردة
من مخدعها من وراء الأفق
يتناغم نورها مع خيوط حُمرة الشفق
من سمائها الرحبة الفسيحة
المشوبة بخفيف السحب
أخالها تهبط عليّ مباشرة
أمدّ لها يدي
ألتقطها بأصابعي
وأحتضنها بذراعيّ
أدثّرها بشوق جفوني
ودفئ مُقلتيّ
أيّتها النجمة الشاردة
الساكنة الوادعة في راحتيّ
يا أميرة السماء
يا أميرة الجوّ
يا أميرة الأرض
يا مُلهمتي،
نورك الساطع
يُلهمني شعرا
يُلهمني نثرا
يُلهمني قصصا وروايات
نسيم بحر وموجات
حُلما ورديّا وحكايات
يأتيني طيفك، إلهامك
مُجدّدا
وأنت في راحة يديّ
ساكنة وادعة حالمة
بين ذراعيّ
ما بعد وقت السحر،
ما بعد بعد السمر
فيجمح حصاني
تبتلّ من صهيله الزهرات
وتتفتّح من عنفوانه الثمرات
ويموج البحر موجات وموجات
وتهمس الموجة آهات وآهات
ويتردد الصدى خطوات وخطوات
تنعكس إشعاعاته على سطح القمر
على النسيم الهاب من رحيق الزهر
على ظلال زرقة مياه شاطئ البحر،
مُفعم بخرير أمواجه المتلاحقة
موجة وراء موجات
تتبعها بغضب وتُعانقها بصخب،
يسيل من عراكها عناقهما
فقاعات وفقّاعات
من المطر والزبد والرذاذ،
يطير الرذاذ
ويهطل المطر
ويزبد البحر
وتصرخ النجوم
وتهتزّ الغيوم
وتتلاشى السحب
وتتأوّه الموجة
وتنطلق من السماء الشُهب
تتلألأ غاطسة وراء الجبال
فتحدث وميضا على قمم التلال
وصوت صدى
يرنّ يتردد على طول المدى
يتردّد الصدى
على طول المدى
على مدار الليل الطويل
يتردد صوت الصهيل
حصاني الجامح يفيض طميا
كمياه النيل
حصاني الجامح يفيض عشقا
لياسمينة الليل
يرنُّ صدى صهيله
بين ضفّتي النهر
المُنساب وسط الحديقة
يُطلق رذاذا من مائه الزلال
فترتجف الياسمينة برعشة النشوة
وتنفخ لوعة حفيف صرختها المبحوحة
المُتلوّية الصاعدة النازلة
على جيدها ترتسم خلجات الشبق
وآثار ألوان خطوط الشفق
وسحر المجون والفنون
تغوص في بحر الجنون
وتُغلق برموشها الطويلة سابلة
فوق هديل زينة العيون
صرختها نشوتها مكتومة مبحوحة
حشرجة مواء هرّة في شهر كانون.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني