|
كورونا وموسم الشتاء معاناة مضاعفة للأسر الفقيرة
نشر بتاريخ: 30/11/2020 ( آخر تحديث: 30/11/2020 الساعة: 21:49 )
لم يبدأ موسم الشتاء بعد ، وما زلنا في منتصف فصل الخريف ، وصرخات الاستغاثة بدأت تنطلق من أسر عانت صيفا وستعاني شتاء ، أمطار الخير بدأت تقتحم منازل بعض الأسر الفقيرة والتي ما أن يبدأ فصل الخريف الا وتبدأ بتحضير منزلها ومحاولة تحصينه ، وعبثا تحاول كل عام نفس المحاولة ، فتبدأ بتجهيز أكياس النايلون وقطع القماش وبعض أجزاء السجاد المهترىء لتستعملها في حماية منزلها ومنع المطر من الدخول للمنزل فيغرق بمن فيه ، وتحاول بطرق عديدة أن تحصن المنزل وتسد كل الفتحات التي قد تسمح بدخول الماء والهواء والبرد، فالفقراء بشكل عام تزداد معاناتهم في فصل الشتاء ، فأسطح المنازل قد تحتمل الصيف وحرارته ولكنها لن تصمد أمام الشتاء وبرده القارس وغزارة أمطاره وصوت الرياح وشدتها وهي تكاد تقتلع المنزل . لم نقف مكتوفي الأيدي في ظل جائحة كورونا منذ أن اقتحمت عالمنا وغيرت حياتنا وقلبت ربيعنا وصيفنا لعزلة وتباعد اجتماعي وحبس منزلي، ولم نقف مكتوفي الأيدي ونحن نحتفل بالأعياد لوحدنا في منازلنا ، فمر العيد تلو العيد ونحن في تباعد ، وجاء رمضان فاختلفت طقوسنا وعشنا للمرة الأولى بطقوس لم نعتد عليها ، ولكنا رغم كل ما مر علينا صمدنا وتحالفنا لنجمع كل ما يقع بين أيدينا ونوزعه على كل من هم بحاجة له ، فبدأنا بحملات لاعانة من هم بحاجة للاعانة ، وقمنا بمبادرات عديدة ، وانطلق شبابنا ليتطوعوا في المؤسسات ويساهموا في المبادرات ، فجمعنا الطرود الغذائية ووزعنا ما يزيد عن 3000 طرد لأسر متعففة ، وجمعنا الخضار والفاكهة واشترينا جزءا منها وتبرع بعض المزارعين ليساهموا معنا في تقديم الدعم ، وتواصلنا مع الأسر التي تحتاج للدواء ووفرنا احتياجاتهم لعدة أشهر ، وعشنا مراحل عز أحيت ما أحيت فينا من ذكرات الانتفاضة الاولى وذكريات التكافل الاجتماعي والأسري ، وانطلقنا في بناء لجان لتتحرك وتنتشر في كل الاتجاهات ، نجحنا أحيانا وأخفقنا أحيانا ولكنا تعلمنا الكثير في هذا المشوار الحافل بالعطاء والتحديات . واليوم ونحن على عتبات فصل الشتاء وصرخات الفقراء والمهمشين ومن هم بحاجة لنا تزداد ، ولن نصم أذاننا عنها ، بل علينا أن نبدأ بتجهيز كل ما نستطيع لنساهم في تخفيف معاناة من تعبوا من تحمل برد الشتاء وأصبح القلق والخوف من البرد والمطر يلازمهم . مرعي ، شاب كفيف من احدى قرى محافظة سلفيت ، ناشد أهل الخير أن يقفوا الى جانبه وأسرته ، فكل عام ومع بدء سقوط المطر ، تعيش الأسرة خوفا وبردا وقلقا لا ينقطع ، فالمنزل غير مهيء لاستقبال الشتاء ، والبرد ينخر بأجسادهم والمطر يدخل للمنزل من كل زاوية ، يقول مرعي : كل عام وقبل موسم الشتاء ينتابني القلق والخوف ، فأنا أعلم تماما أن منزلي لا يصلح للشتاء وأن بناتي يمضين ليلهن وهن يتفقدن غرفتهن ، وينشفن فراشهن ، فعادة يدخل المطر من كل الغرف فالسطح عندي في البيت متشقق ويدخل المطر بشكل رئيسي منه . يضيف مرعي : يحتفل الناس عادة بموسم الشتاء الذي يجلب الخير أو هكذا تعلمنا ، ولكن ظروف منزلي ووضعي الاقتصادي الصعب الذي يمنعني من اجراء عمليات الصيانة للسطح يتعبني ، فأنا ناشدت أهل الخير أن يقفوا الى جانبي وجانب اسرتي قبل موسم الشتاء ليصلحوا المنزل ويحموني وأطفالي. مرعي محظوظ جدا ، فما أن أطلق مناشدته الا ووجد من حملها من أهل محافظته ومن القطاع الخاص الذي قدم مبلغا محترما ليتم ترميم المنزل واصلاحه ، وتقدم شباب الأمن الوطني وواصلوا الليل بالنهار ليتم اصلاح المنزل في عدة أيام وتسليمه لمرعي واسرته لينعموا بالدفء والأمان ، فأهل الخير كثر من داخل وخارج محافظة سلفيت وتعاطفوا معه ومع اسرته ، وقاموا بعملية صيانة المنزل بالكامل وأحضروا ما تيسر لهم من أغطية وفرش ومدافىء واحتياجات اخرى للأسرة. وخلال الأسابيع الأخيرة مناشدات عديدة انطلقت من معظم المحافظات الفلسطينية ، أصحابها يعيشون ظروفا اقتصادية غاية في الصعوبة ، وموسم الشتاء يشكل لهم قلقا باستمرار ، فما بين الحاجة لصيانة منازلهم والحاجة للحصول على مدافىء وأغطية لتقيهم برد الشتاء القارس وتساعدهم على توفير الدفء لأطفالهم ، وما بين الحاجة للحصول على عمل أو وظيفة أو راتب أو مساعدة مالية أو طرد غذائي يوفر احتياجات الأسرة . ان كورونا مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة والأوضاع السياسية الأصعب، وما بين ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل والبطالة المتفشية في صفوف الشبان بالاضافة الى الشتاء والبرد يشكل حافزا لنا لنتحرك من جديد ، ونبدأ مبادرات شتوية تهدف لدعم الأسر التي تحتاج للأغطية والمدافىء والطعام وتحتاج لشحن الكهرباء وتوفير حليب الأطفال واحتياجات المنازل وعمليات الصيانة والترميم وتجهيز المنازل ، فنحن قبل كورونا تحركنا وانتشرنا لنجمع كل ما نستطيع ونوزعه على أصحابه ونحاول أن نخفف من صعوبة الحياة وقساوتها على من قست عليهم الحياة وتركتهم وحدهم يتصدون لمصائبها . أيها الشباب ،جاء دوركم لتتحركوا ودور المؤسسات لتقدم ما تستطيع ، ودور الناس ليتبرعوا ويساهموا ويقدموا لمن هم بحاجة ، فالعطاء ثم العطاء هو أجمل شعور على وجه الأرض وهو لا يحيي من نقدم له المساعدة فحسب بل يحيينا جميعا ويشعرنا أننا معا سنصمد ومعا سنتحدى ومعا سننتصر . ان المسؤولية الاجتماعية لكل منا تفرض علينا أن نقدم كل ما نستطيع لمساعدة من هم بحاجة لنا ، وتفرض علينا أن نتحرك بسرعة ونسابق الزمن ولا ندخر جهدا لوقف معاناة اسر كاملة ، ويفرض علينا أن ندق أبواب المؤسسات التي بدأت تطلق المناشدات للتطوع وتطلب من الشباب الانضمام اليها ، فلجان التكافل في كل محافظات الوطن ، والمؤسسات النسوية والشبابية بدأت في اطلاق المبادرات لجمع ما يمكن جمعه ليوزع بالتساوي على الأسر المحتاجة والفقيرة ، فتخيلوا أطفالهم أطفالكم وأجدادهم أجدادكم ، وتخيلوهم دون طعام أو غطاء أو مدافىء ، فهل ستصمدوا أم ستتحركوا ، سؤال علينا الاجابة عليه فورا ، لننطلق !؟ الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني . |