وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كورونا والحكومة ... من سينتصر ؟!

نشر بتاريخ: 07/12/2020 ( آخر تحديث: 07/12/2020 الساعة: 12:24 )
كورونا والحكومة ... من سينتصر ؟!

محزن جدا ما نراه ونحن نطوف محافظات الوطن من اهمال ولامبالاة باستخدام وسائل الوقاية والحماية من فيروس كورونا ، فنادرا ونادرا جدا ما نجد من يتقيد باجراءات السلامة ، وأحيانا كثيرة يشعرنا من حولنا أننا ونحن نضع الكمامة على الأنف والفم بأننا نحن المرضى فنظرات الاستغراب والاستهجان أراها ترسم على وجوههم ، فوجودنا بين هذا الجمع المستهتر باجراءات السلامة يزيد من توترنا وقلقنا وخوفنا من الأيام المقبلة .

فرحنا جدا وشعرنا بالفخر في بداية الجائحة عندما سابقنا الزمن وفرضنا الاغلاق الشامل والحجر على محافظة بيت لحم ، كنا نفكر بهم ليل نهار ، وكنا نشعر بمسؤولية عاليه اتجاههم وشعرنا أننا ورغم امكانياتنا البسيطة الا أننا أصبحنا بمصاف الدول الكبرى باجراءات السلامة والحجر التي استخدمناها ، رفعنا الرأس عاليا بحكومتنا وقيادتنا وتباهينا بما أنجزنا ، وكما المثل القائل " يا فرحة ما تمت " فعلا هي فرحة افتقدناها .

تعليمات على الورق فقط ، ونسمعها باستمرار في جلسات الحكومة ، وعلى لسان الوزراء والمسؤولين ، الالتزام بلبس الكمامات والتباعد الاجتماعي ، واستمرار اغلاق قاعات الأفراح ومنع التجمعات المصاحبة للأفراح والأتراح ، ولكنها على أرض الواقع ليست موجوده ، وللأمانة أقول ، قد نجدها في شريحة بسيطة لا تتعدى 10% من أبناء شعبنا ، فأنا أتجول باستمرار بين المحافظات ، أراقب أوضاع الناس وأتلمس احتياجاتهم وأشاهد بنفسي تصرفاتهم وانعدام التزامهم باجراءات السلامة ، وبناء على كل مشاهداتي أقول أننا نعيش اياما صعبة في ظل كورونا ولكنها ليست الأصعب ، فالأصعب قادم للأسف ، فقد كان وضعنا أفضل بكثير قبل عدة أشهر وكان التزام الناس أحسن وكان خوفهم من الفيروس وتبعاته أشد ، وكانت اجراءات الحكومة أفضل وكنا نشاهد ونتابع الأجهزة الأمنية وهي تتحدث للناس وترشدهم وتزودهم في بعض الأحيان بالكمامات ، كنا نشاهد اسر كاملة تتجول وهي تلبس الكمامة وتشعر بالمسؤولية وتلتزم باجراءات الحكومة ، وحتى في كثير من الأحيان نشعر بالمسؤولية ونحاول اقناع من حولنا من الأصدقاء والمعارف بأهمية الوقاية وأهمية اتباع اجراءات السلامة والحماية والتباعد ، كنا أكثر وعيا وأكثر خوفا وأكثر التزاما ، ومنا من كان يخاف من دفع الغرامات فيلتزم بالقوانين والاجراءات .

كان أطفالنا قصص نجاح ، كانوا يراقبون تحركاتنا والتزامنا واهتمامنا بموضوع الكمامات فيقلدوننا ، كنا نراهم يتجولون مع ذويهم بكماماتهم ، كنا سنغير كثيرا من ثقافتنا وثقافتهم ، كنا سنبدأ بمرحلة التغيير التي نحتاج لها في فلسطين ، ليس بموضوع الكمامة فحسب بل هي مجرد قضية ستزول بعد حين وسيبقى موضوع الالتزام بالقوانين هو الباقي ، وعندها سنتمكن من زرع القيم التي غابت عنا وعنهم ، سنتمكن من جعلهم يتكيفون مع الواقع الجديد ، واقع كورونا وواقع التباعد الاجتماعي عند الضرورة ، وواقع النظافة والاهتمام بها ، واقع رمي القمامة بمكانها الصحيح وليس نشرها في كل مكان ، واقع الالتزام بما يفرض وواقع التعليم الألكتروني بفوائده ومضاره وواقع التكافل الاجتماعي والأسري وغيره الكثير مما تعلمناه ومما أضعناه .

كنا لا ندخل البنك أو الوزارة أو المؤسسة الا بلبس الكمامة ، وفي غالب الأحيان نجد المعقم على مداخل المؤسسات والمباني ، وكان وجود الشخص بدون كمامه في أي مكان مستهجن وشاذ ، وكان الجميع ينظر اليه فيضطر اما خجلا أو خوفا أن يلبسها كغيره ، كان رجال الأمن يتابعون التزام المواطنين باجراءات السلامه ، كنا نشاهد منظرا حضاريا يدعو للراحة والفخر معا .

ماذا جرى يا حكومة وأين هي الاجراءات التي تحدثتم عنها بفرض الغرامات ، ولماذا تقاعستم عن تنفيذها ، ولماذا تركتم الناس يفرضون رأيهم ويوصلوننا لما وصلنا له ، فما رأيكم بالدراسة التي أجراها مركز البحوث واستطلاع الرأي في الجامعة العربية الأمريكية والذي خلص الى أن 74% من المشاركين في الاستطلاع رأوا أن فرض المخالفات المالية ستلزم الناس على ارتداء الكمامة والقفازات خلال تواجدهم بالأماكن العامة بالاضافة لالتزامهم بقواعد التباعد الاجتماعي ، كما أن 63% من الفلسطينيين يؤيدون تطبيق القانون وفرض العقوبة والمخالفات على المواطنين .

في كلمة السيد الرئيس قبل أيام معدودة قال : " أعطيت تعليماتي للحكومة لكسر المنحنى العالي للاصابات بفيروس كورونا مهما كان الثمن ، ولن ندخر جهدا في القيام بواجبنا تجاه أبناء شعبنا لحمايتهم من خطر كورونا " فالخطر الحقيقي سيدي الرئيس في الجهل الذي أصابنا وعدم الاكتراث لما حل بنا ، والخطر أيضا في عدم تنفيذ الحكومة وبصرامة للقوانين التي فرضتها والتي ستبقى حبرا على ورق ، كان الأجدر أن تقوم الحكومة بفرض الغرامات ومضاعفتها لمن لا يلتزم قبل أن تقرر الاغلاق الشامل أو تفكر به ، فلا يعقل أن نترك الجاهل واللا مبالي يتحكم بمصير شعب يكفيه ما يعانيه يوميا من مصائب وكوارث وهموم .

اننا في مختلف وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ووسائل التواصل الاجتماعي كافة لم نقصر ووضعنا كل امكانياتنا في الترويج لمخاطر هذا الفيروس اللعين وأسبابه وأعراضه ، واستخدمنا كل امكانياتنا وخبراتنا وأقلامنا للتوعية والتثقيف ، تحدثنا عن أهمية التباعد في الفترة الحالية وأهمية لبس الكمامة واستخدام المعقمات وأهمية الابتعاد عن أماكن التجمعات لنحمي أنفسنا وأسرنا ، وسنستمر في رسالتنا ولن نتوقف وسنكتب ونناشد الحكومة أن تضرب بيد من حديد على كل من يخالف القوانين دون استثناء فلا يعقل أن ندفع ثمن الاستهتار وثمن تقاعس الحكومة عن تنفيذ قراراتها.

اننا جميعا في قارب واحد ، وعلينا مسؤوليات كبيرة وأمامنا تحديات أكبر ، فخلال هذا الاسبوع ارتفعت أعداد الوفيات وأًصبحنا نعد الوفيات بالعشرات يوميا والاصابات بالاف الألالف ما بين الضفة وغزة ، وزادت أعداد المرضى على أجهزة التنفس ، فان تركنا الأمور دون متابعة سنصل لمرحلة صعبة لن ينفع فيها الندم أبدا.

نصيحتي للحكومة قبل أن تفكروا بالاغلاق فكروا في تنفيذ قراراتكم وابدأوا بفرض الغرامات على كل من لا يلتزم ، على الأفراد والمؤسسات والمصالح التجارية ، ولا تتقاعسوا أبدا فحياة الناس هي الأهم وحماية أبناء شعبنا واجبكم أولا وأخيرا ، ونصيحتي لأبناء شعبنا أن عليكم أن تفكروا بصحتكم أولا وصحة أبنائكم وأطفالكم وكبار السن ولا تكونوا أنتم من تلقون بهم في التهلكة وتندمون بعد فوات الأوان .

الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني .