وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

شراء وبيع الوهم

نشر بتاريخ: 07/12/2020 ( آخر تحديث: 07/12/2020 الساعة: 20:36 )
شراء وبيع الوهم

اكرم عطاالله العيسة

بات في حكم المؤكد ان الرئيس القادم للولايات المتحدة الامريكية للاربع سنوات قادمة هو الديمقراطي جوزيف بايدن وللتذكير فقط فان جوزيف بايدن كان نائبا للرئيس الامريكي السابق اوباما وعلى مدار ثماني سنوات. لم يكن سواءا اوباما او نائبه قادرين وربما غير راغبين بانصاف الفلسطينيين واحداث الضغط الكافي لاجبار حكومة دولة الاحتلال بزعامة الاكثر يمينية نتنياهو على وقف الاستيطان والقبول بحل الدولتين.

وبدون اي تزويقات او مبالغات كان الموقف الامريكي للاداره الامريكية في زمن اوباما والذي كان جوزيف بايدن مكون اساسي فيها يتسم ببعض التقبل وبعضا من التعاطف العام مع الفلسطينيين وقادرا على استخدام ذلك كوسيلة ضاغطه على السلطة الفلسطينية ويبقيها اسيرة لامل غير موجود وربما وهمي بان يجري تحولا جوهريا في الموقف الامريكي، وربما حجة في عدم التصادم الحاد مع دولة الاحتلال كما حدث قبل سبعة اشهر بالاعلان عن وقف العمل بالاتفاقيات مع دولة الاحتلال ووقف التنسيق الامني مضافا الى ذلك وقف استلام اموال المقاصة " اموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها دولة الاحتلال" بسبب اقتطاع دولة الاحتلال لما يقارب من 300 مليون شيكل شهريا وهي قيمة مخصصات الاسرى والمحررين الفلسطينيين.

اما ان يعود الفلسطينيين الى مربع العلاقة السابقة مع دولة الاحتلال بمجرد الاعلان الاولي ان بايدن هو الفائز بالانتخابات وانه سيكون الرئيس القادم للولايات المنحدة الامريكية، فهو ليس فقط شراء للوهم وتعبير عن عدم استعداد للمواجهة مع دولة الاحتلال وانما ايهاما للشعب الفلسطيني بان بايدن سيجلب اختراقا وينعم على الفلسطينيين بنعمه، خاصة ان الموقف الفلسطيني من اعادة العلاقات مع دولة الاحتلال لما كانت عليه قبل 7 اشهر قد اتخذ وتم تخريجه عبر رساله من قبل منسق الاداره المدنية الاسرائيلية في الضفة الغربية موجه للسلطة الوطنية الفلسطينية، ولم تنتظر السلطة الفلسطينيه حتى يجلس بايدن على العرش – بل بادرت بالاعلان عن اعادة العلاقات مع دولة الاحتلال وانها قد احدثت اختراقا في الموقف الاسرائيلي ؟

بايدن ليس سانتا كلوز ولن يقدم الهدايا للفلسطينين مجانا ولن يقرأ الموقف الفلسطيني الاخير واعادة العلاقات مع دولة الاحتلال من باب حسن النية انما سيقرأه مثلما فعل اوباما الذي عبر في مذكراته عن ضعف الفلسطينيين وقيادتهم بل وصل الى حد التجريح الشخصي للرئيس الفلسطيني، واما القضية الاكثر وضوحا وجوهرية فهي المتعلقة بموقف بايدن من دولة الاحتلال. انه بايدن الذي كان مدافعا اساسيا عن تزويد اسرائيل بمنظومة القبة الحديدية ومنظومات الدفاع الصاروخ، وهو الذي وصف نفسه بانه صهيوني مدافع عن قيم الدوله اليهوديه. وهو ايضا القائل بانه لو لم تكن اسرائيل موجودة فان مصالحنا " اي مصالح امريكا" تقتضي ايجادها.

ان ما يضيف العديد من التعقيدات على الموقف الامريكي والاداره الامريكية القادمه هو حجم الملفات التي تنتظر ادارة الرئيس بايدن وحجم تعقيدها والتي ستتقدم باولويتها عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية، فالارث الذي تركه ترامب وساهم بالكثير من التصدع الداخلي في الولايات المتحدة سيشغل حيزا كبيرا من اهتمام بايدن واما وباء كورونا وآثاره وطرق مواجهته فستكون اكثر اهمية بكثير لبايدن وادارته من الفلسطينيين وقضيتهم، فالاداره الامريكية القادمه ستدرك ان الفلسطينيين الذين اسرعوا وقدموا تنازلا دون اية مفاوضات لديهم الاستعداد للانتظار، بل يمكن ان يتم الضغط عليهم وتقديم مزيدا من التنازلات.

لا اعتقد ان المستوى الفلسطيني السياسي الرسمي لا يعرف بالحقائق التي ذكرت اعلاه، ولكنهم قد يلجئون الى تبرير قراراتهم بالقول انهم استندوا على وعودات من مستشارين ومقربين من جو بايدن اضافة الى بعض التصريحات السياسية العامه هنا وهنا والتي تردد تمسك بايدن بحل الدولتين " مع العلم ان اوباما ومن قبله بيل كلينتون كانا متمسكان ايضا بحل الدولتين" اما ماهية هذه الدولة وشكلها فأمر اخر وهو بعيد عن الحد الادني الذي يلبي الحقوق الفلسطينيه، وما يزيد الامور تعقيدا هو ان ترامب وخلال سنوات ولايته الاربعه قد اعطى دولة الاحتلال الحرية الكامله في البناء والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية بل ان السفير الامريكي في اسرائيل ديفد فريدمان بدا مهندسا متقدما لهذا التوسع الاستيطاني يضاف الى ذلك الاعتراف الامريكي بمدينة القدس على انها عاصمة دولة الاحتلال، وبالتالي فان ترامب قد نفذ جوانب اساسية من خطته المعروفة بصفقة القرن ولن يكون بامكان ادارة جو بايدن التراجع عن هذه الاجزاء واعادة العربة الى الخلف.

ستقوم ادارة بايدن باعادة العلاقات مع الفلسطينيين وستجدد الدعم للسلطة الفلسطينية وستفتح القنصلية الامريكية في القدس الشرقية" هذا ما اعلنة وزير خارجية بايدن مؤخرا ولكن ايضا قال بان ذلك سيكون مشروطا بتوقف الفلسطينيين عن العنف والتحريض" والتحريض وفق المفهوم الامريكي واسع وهو يشمل الكثير من جوانب الرواية الوطنية الفلسطينية – يشمل الاسرى والشهداء ومخصصاتهم – يشمل تاريخ النكبة والتهجير والمجازر التي قامت بها العصابات الصهيونية قبل العام 1948، المطلوب من الفلسطينيين ان ينسوا كل ذلك وان لا تتناقله الاجيال لانه وفق المفهوم الاسرائيلي والامريكي تحريضا على دولة الاحتلال.