|
كفانا استهتارا فأرواحنا ليست رخيصة
نشر بتاريخ: 13/12/2020 ( آخر تحديث: 13/12/2020 الساعة: 12:10 )
لم تكن حادثة مخيم طولكرم هي الأولى ولن تكون الأخيرة في سجل القتل بسبب اطلاق الأعيرة النارية أثناء استقبال الأسرى أو حتى خلال الأعراس والمناسبات المختلفة ، وكم من احتفال باستقبال أسير محرر قضى سنوات شبابه في السجون الاسرائيلية وأفرج عنه ليتنفس الحرية ويلتقي الأهل والأحبة وليعيش معهم ذكريات الفرح والبهجة والسرور ، وما هي الا دقائق قليلة حتى يتحول هذا الاحتفال لجبهة حرب ، تطلق الأعيرة النارية في كل مكان ، ونسمع صوتها وصوت زخات الرصاص فوق الرؤوس ، لتنقلب الفرحة الى حزن وتتحول الزغاريد والأغاني لبكاء وصراخ وكم من طفل وشاب وشابة قتلوا بعيار ناري اطلق احتفالا بمناسبة ليخترق جسد ضحية بريئة كتب لها أن تكون في نفس اللحظة في المكان الخطأ وتقتل بعيار خاطىء وتدفع ثمن الاستهتار وغياب القوانين الرادعة والعقاب لمن أساء التصرف. هي قصص كثيرة بدأت تتكرر في الأونة الأخيرة ، وغضب شعبي كبير من الاستهتار وانعدام الأمن والأمان وتحويل الاحتفالات والمهرجانات والأفراح لمأتم ، لجان شعبية داخل المخيمات وقيادات من أحزاب مختلفة في محافظات الوطن أعلنت مرات عديدة رفع الغطاء الكامل عن مطلقي النار في الهواء خلال المناسبات ، وطالبت الجهات المختصة من قيادات حزبية وشيوخ وعشائر اضافة للأجهزة الأمنية المختلفة لوقف هذه الظاهرة ومحاسبة مرتكبيها ومن يقف معهم ويساندهم ، فلا نريد مزيدا من العنف والقتل ويكفينا ما نراه ونسمع عنه يوما في الداخل المحتل من عمليات قتل للنساء والشباب وتصفية الحسابات واستخدام مفرط للسلاح والعنف . كثيرة هي المأسي التي سمعناها وأخرى شاهدناها وروايات كثيرة تتحدث معظمها عن تفاصيل ما حدث ، وأخرها مقتل الشاب من مخيم طولكرم اثناء حفل استقبال أسير من المخيم قضى ما يزيد عن 16 عاما ، وقبل وصول الأسير لمدخل مخيم طولكرم ، بدأ الشبان باطلاق وابل من الأعيرة النارية ،ليتحول حفل الاستقبال لميتم ويتحول هذا العرس الوطني الكبير لكارثة حلت على من شارك بالاحتفال ، ليبدأ الجميع بالهرب والتدافع ، فاقصة كما رواها أحد شهود العيان وهم يستعدون لاستقبال الأسير المحرر وقبل أن يصل للمكان بدأ الشبان باطلاق الأعيرة النارية احتفالا بقرب وصوله ، فاخترقت الرصاصات أسلاك كهرباء الضغط العالي ،وانقطعت بعض الأسلاك لتقع مباشرة على ثلاثة من الشباب ، أحدهم وقع أولا واثنين خلفه ، فتوفي الأول وتمكن أحد الشبان الأبطال ممن لم يندفع هربا بل اندفع متجها للشباب وتمكن بقدمه من ابعاد سلك الكهرباء لتنحرق قدمه وليتمكن من انقاذ الشبان الاثنين ، ولولا حماية الله ورعايته أولا وبطولة هذا الشاب المنقذ لتوفي على الفور ثلاثة شبان في حفل الاحتفال ، فتخيلوا الكارثة ؟! الى متى هذا الاستهتار وعدم المبالاة بأرواح البشر ، الى متى سندفع ثمنا للفرح وثمنا للحزن وثمنا للاهمال وثمنا أكبر لخرق القانون ، والى متى سنبقى نعيش في خوف دائم من المشاركة بالاحتفالات ، هي ليست مسؤولية الأسير وأهله فكثيرا ما سمعنا من أسراتا وأبطالنا مناشدتهم للأهل والأحبة بعدم اطلاق الأعيرة النارية في حفل استقبالهم وكم من أسير ناشد قبل اطلاق سراحه وأثناء اطلاق سراحه أهله ومحبيه بعدم استخدام الأعيرة النارية والاكتفاء بالاحتفال به بلمتهم وجمعتهم حوله، وهي ليست مسؤولية من شارك أو يشارك بالاحتفال ، هي مسؤولية أجهزتنا الأمنية أولا وأخيرا خاصة في غياب الشعور بالمسوؤلية التي يتحلى بها بعض الناس وجهل البعض الأخر بمخاطر ما يقومون به ،والمبالغة في الاحتفال والتي يعتقدون أنها دليل على الحب الكبير والفرحة الكبيرة بالأسير أو الخريج أو العريس وغيره . ابراهيم ، شاب ممن شارك في الاحتفال في استقبال أسير مخيم طولكرم ، وكان الشاهد على ما حصل ، وهو أسير محرر ويعرف تماما هذا الشعور الذي ينتاب الأسير عند الافراج عنه وعند استقبال الأهل والأحبة له فيقول : كنت هناك بين الحضور ونستعد للحظة الفرح الحقيقية لنرى أسيرنا البطل بين أهله وأصدقائه ، صدمت أثناء البدء باطلاق الأعيرة النارية وأنا منذ فترة وأنا أناشد الجميع بعدم استخدام السلاح في مثل هذه المناسبات لخطورته ، ويضيف ابراهيم قائلا : الحمدلله أن أحد الشباب تمكن من انقاذ الشابان واحترقت قدمه ولكنهم جميعا بخير نشكر الله ، ونترحم على شهيدنا الشاب الذي كان يحترمه الجميع في المخيم ، لقد فقد حياته نتيجة استهتار البعض وعدم احترامهم للقوانين " . ابراهيم وهو متزوج وله طفل يقول أنه لن يذهب مستقبلا لأي احتفال ، فالعيارات النارية قد تصيبه أو تصيب أحدا من أهله أو أصدقائه ، فهو سيكتفي بالذهاب لمنزل الأسير ليهنأه بالسلامة . هي دعوة للأجهزة الأمنية جميعها وهي نداء استغاثة لكل المسؤولين قفوا بحزم لوقف هذه المظاهر التي تهدد السلم الأهلي والتي تفقد المواطن الأمن والأمان ، شدوا بحزم على من يخترق القانون ومن يهدد الناس وحياتهم ، لا تتأخروا بالتصرف والرد ولا تتركوا المجال للجهلة لأخذ القانون بأيديهم ، يكفينا ما خسرناه ويكفينا من أزهقت حياتهم ويكفينا معاناتنا اليومية من الاحتلال والظلم فلا تكونوا عونا وسندا لهم وكونوا حماة لأمننا وأماننا ، وهي دعوة أيضا لكل فرد منا ولكل من يفكر بالاحتفال بأن يبتعد عن استخدام السلاح مطلقا حماية لنا ولأحبتنا وحتى لا ينقلب الاحتفال لمأساة ونفقد من نحب ، فحفلات التخرج والزفاف والخطوبة واستقبال الأسرى أجمل بكثير بدون سلاح . الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني . |