وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المجتمع الفلسطيني والواقع الأخلاقي

نشر بتاريخ: 14/12/2020 ( آخر تحديث: 14/12/2020 الساعة: 16:44 )
المجتمع الفلسطيني والواقع الأخلاقي

الكاتب: أميرة عبادي

يشير مفهوم الأخلاق إلى شكل من أشكال الوعي الاجتماعي، إلى جانب الفلسفة والعلم والفن والسياسة والدين، وتنعكس فيه الخصال الأخلاقية (الخير، العدالة، الحق... إلخ)، والاخلاق هي جماع قواعد ومعايير حياة الناس، تحدد واجباتهم كل تجاه الآخر وتجاه المجتمع، كما أنه مفهوم نسبي بمعنى أن ما يعتبره شعب من الشعوب أخلاقياً قد لا يعتبره شعب آخر، إذا كان يعيش ظروفاً وأوضاعاً متخلفة بائسة ومعقدة ومنقسمة كما هو حال شعبنا، كما أنه تطور حسب المراحل التاريخية، والأوضاع الداخلية الطبقية لمجتمع معين في كل مرحلة من المراحل.

فالتطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي الذي أحدثه الانتقال من نمط اجتماعي اقتصادي إلى آخر، أدى إلى تحولات في البنية الأخلاقية، كما أنّ الأخلاق ظاهرة اجتماعية يتم صياغتها بصورة واعية وهادفة، بما يتوافق مع المتطلبات التاريخية في كل مرحلة من مراحل تطور المجتمعات البشرية، وهي أيضاً شكل من أشكال الوعي الاجتماعي، يقوم بمهمة ضبط وتنظيم سلوك الناس في كافة مجالات الحياة الاجتماعية بدون استثناء، في السياسة وفي العلم، وفي العمل وفي البيت والأمكنة العامة.

ويمكن تحديد الاخلاق بناءا على الواقع الاجتماعي والطبقي، وفي كل مرحلة تمر يتم بناء الخصوصية الحضارية للبشر، ويصعب الحديث عن الأخلاق بالمعنى المجرد لان الموقف من الاخلاق يعكس موقف اجتماعي طبقي، فالأخلاق عبارة عن مفاهيم وسلوكيات نَضَجَت وتبلورت في التجارب الاجتماعية، فالقيم الأخلاقية ليست قاعدة حديدية مطلقة، بل هي نسبية مرتبطة بعملية التغير المستمر والتطور الذي يؤثر في الدوافع الاجتماعية والبيولوجية والفيزيولوجية وغيرها.

كان وما زال يسعى الشعب العربي الفلسطيني لانشاء قيم ومبادئه الخاصة به، ويقوم بتقديم اقصى قواه لضمان استمرارها والقيام بالتعديل والاضافة عليها بما يلائم المستجدات والشعب، ويتم تلقينها وتدريسها وتعليمها ويمنع تجاوزها عرفيا وقانونيا.

ترتبط النزعة الاخلاقية بالنزعة الدينية في المجتمع الفلسطيني، حيث أنه لا يوجد اخلاق بدون دين او دين بدون اخلاق، والعلاقة بين الدين والاخلاق هي علاقة تكاملية.

بالرغم من ازدياد الحالات الشاذة التي تخالف الأخلاق الا أن الاخلاق بالنسبة للمجتمع الفلسطيني هي أساس بناء المجتمع بالشكل السليم، ويعتبرها الفلسطيني قواعد بالفطرة وراسخة في الانسان ولا تتغير بتغير الزمان والمكان، فمثلا القتل محرم في أي زمان وأي مكان وعقوبته ثابتة لا تتغير، وهذا هو موقف الدين من كثير من القضايا مثل السرقة والكذب،فالأساس الاخلاقي التي يخطو نحوه الشعب الفلسطيني ويحاول تطبيقه هو الذي يرتقي بشعبنا وهي الحجر الأساس الذي يبني شعبنا وعظمته، فالأخلاق شيء أساسي يجب أن يسمو في الشعوب والامم والمجتمعات، لأنه يعكس مدى رقي المجتمع.

وبرأيي فإن المجتمعات دائما تحتاج الى قيم وأخلاق تحافظ عليها، لأن ذلك ينظم حياة البشر، ويعكس الصورة الايجابية للشعوب، ويحافظ على الرفعة والسمو بين المجتمعات، فالشعب الذي يتحلى بالانسانية، والمحبة، وعدم اقتراف الاخطاء والوقوف ضد القانون والأخلاق، سيحب وطنه وسيدافع عنه،لأنه يعكس صورة شعب، لذلك يجب كل مجتمع أن يحافظ على ما رسخ من أخلاق، للارتقاء بين المجتمعات، والحفاظ على المنظومة الاجتماعية، والحفاظ على أساس متين لبقية الأجيال في هذا المجتمع.