|
جدعون ساعر.. يميني متطرف يزاحم نتنياهو على قيادة إسرائيل
نشر بتاريخ: 26/12/2020 ( آخر تحديث: 26/12/2020 الساعة: 01:02 )
بيت لحم- معا- تمكن الوزير الإسرائيلي السابق جدعون ساعر، من خلال عودته للمشهد السياسي الإسرائيلي عام 2019، ترسيخ معسكر اليمين بالحكم، وذلك رغم فشله بالإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من زعامة حزب الليكود الحاكم. وبات ساعر، ومع توجه إسرائيل لانتخابات رابعة في مارس/آذار 2021، أول قيادي من معسكر اليمين يتمرد على نتنياهو لينافسه على قيادة إسرائيل المرحلة المقبلة. وقد عبر عن موقفه المبدئي الداعم إلى "أرض إسرائيل الكبرى" من النيل إلى الفرات عام 1979، حين انشق عن شبيبة الليكود وانخرط في حزب "هتحياه" (النهضة) رفضا للانسحاب الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء المصرية، بموجب اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها في حينه الراحلان رئيس الوزراء مناحيم بيغين والرئيس المصري أنور السادات. وبسبب تمسكه بالثوابت الصهيونية ومعارضته للتنازلات التي أبدت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة استعدادها لتقديمها لتسوية الصراع مع الفلسطينيين، كان ساعر ينسحب ويعلق نشاطه السياسي كثيرا لينأى بنفسه عن أي اتفاقيات من شأنها أن تتعارض وفكره الصهيونية والمشروع الاستيطاني بكل فلسطين التاريخية. خرج ساعر عام 2009 -عندما كان وزيرا للتربية والتعليم- عن الإجماع الحكومي الداعم لخطاب رئيس الحكومة الحالي، المعروف بخاطب "بار إيلان" والذي قبل فيه نتنياهو بحل الدولتين لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين، وإحلال السلام مع الدول العربية والإسلامية. وأبدى معارضته الشديدة لحل الدولتين واصفا إياه بـ "الوهم" مشددا على أنه يعارض إقامة دولة أخرى إلى جانب إسرائيل بين البحر والنهر. وأشار ساعر إلى أن الحل يكمن بمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا يكون مرتبطا بالمملكة الأردنية الهاشمية، وإقامة جسر اقتصادي بين إسرائيل والأردن والفلسطينيين، وهو الموقف الذي كرره حين نافس نتنياهو على رئاسة حزب الليكود عام 2019.
صفقة وحل وفي حال تمكن ساعر من تشكيل الحكومة المقبلة، فقد يصطدم بالإدارة الجديدة في البيت الأبيض بقيادة الرئيس جو بايدن، والتي ترحب بدورها بعودة العلاقات مع السلطة الفلسطينية وتعيد طرح حل الدولتين. هذه المواقف، التي عبر عنها ساعر بهدوء دون إثارة حفيظة الاتحاد الأوروبي والإدارات الأميركية، جعلته غير معروف على الساحة الدولية، لكنه بات مع الوقت شخصية معروفة ومقبولة بالمجتمع الإسرائيلي لدرجة أنه تدرج بمعسكر اليمين ورسخ قواعده، حتى بات ينظر إليه على أنه رئيس الوزراء المقبل ما بعد حقبة نتنياهو.
إطاحة وحكم وعلى خطى ساعر -الذي تمنحه استطلاعات الرأي تقليص الفوارق بعدد المقاعد عن حزب الليكود، في مؤشر لتعزيز احتمالات تشكيله الحكومة المقبلة- انشق عن الليكود واصطف معه الوزير زئيف إيليكن، لينضم لعضوات الكنيست شيران هسكل، ميخال شير، يفعات بيطون، اللاتي انشققن عن الليكود وتمردن على نتنياهو. وتتعلق الإطاحة برئيس الحكومة بمدى نجاح ساعر في تحويل المزيد من المقاعد من الليكود إلى حزبه، إذ بات واضحا أن نتنياهو على قناعة أنه ليس بإمكانه تشكيل حكومة يمين بدون تحالف أحزاب اليمين "يمينا" برئاسة نفتالي بينيت و"تيكفا حدشا" برئاسة ساعر الذي أعلن أنه لن ينضم لحكومة برئاسة نتنياهو. رفض وتمرد ورافقت ساعر ميزة التمرد الصامت ورفضه المساواة على معتقداته والأيديولوجية الصهيونية التي يؤمن بها، وذلك حين انشق عام 2005 كفصيل من الليكود عن كتلة شارون، بسبب معارضته الشديدة لخطة الانفصال الإسرائيلية عن قطاع غزة، ورفضه القاطع لإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح بالضفة الغربية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967. وبقي إلى جانب نتنياهو في حزب الليكود الذي مني في انتخابات عام 2006 بهزيمة قاسية بحصوله على 12 مقعدا بعد أن كان أكبر كتلة بالكنيست، وأعيد انتخابه ضمن الصف الأول لقيادة الليكود مع نتنياهو ليعيد إلى معسكر اليمين قوته وهيبته من خلال أروقة المعارضة.
خلافات وانشقاقات مع تأصل أزمة الحكم بإسرائيل والتحديات الداخلية التي باتت تواجه نتنياهو عقب التحقيق معه بملفات فساد وخيانة الأمانة وتلقي الرشوة، والتوصية من قبل المدعي العام بتقديمه للمحاكمة، عاد ساعر في أبريل/نيسان 2019، وتمرد على الزعيم نتنياهو ونافسه على رئاسة الليكود، وأثبت دوره الريادي ومكانته القيادية بالحزب حتى بعد غياب دام 6 سنوات. مني ساعر بخسارة قاسية بالانتخابات التمهيدية الداخلية بحصوله على 28% من أعضاء الليكود، لكن هذه النسبة شكلت البراعم الأولى للانشقاق التي دفعته في ديسمبر/كانون الأول 2020 للانسحاب من الليكود وتأسيس حزبه الجديد لخوض الانتخابات الرابعة، ومنافسة نتنياهو داخل معسكر اليمين على تولي رئاسة الحكومة المقبلة.
سيرة ومسيرة حصل على اللقب الأول بالعلوم السياسية، وكذلك بالحقوق والمحاماة من جامعة تل أبيب، وبعد استقالته من الكنيست كان زميل أبحاث رفيع المستوى في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، وكان محاضرا بموضوع إدارة الحكم والإصلاحات في الكلية الأكاديمية "أونو". عمل ساعر، ولعقد من الزمن، في الصحافة والإعلام بالعديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، وشغل قبل دخوله المعترك السياسي منصب مساعد المدعية العامة للدولة، ما بين يونيو/حزيران 1997 ويوليو/تموز 1998، ومساعد المستشار القانوني للحكومة، ما بين ديسمبر/كانون الأول 1995 وفبراير/شباط 1997. المصدر : الجزيرة |