وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

القاهرة تغضب من حماس !

نشر بتاريخ: 27/12/2020 ( آخر تحديث: 27/12/2020 الساعة: 11:49 )
القاهرة تغضب من حماس !

"في الأصل لم تكن العلاقة بين القاهرة وغزة دافئة". بهذه العبارة، همس في أذني خبير مصري لم يحبذ التصريح بإسمه، عندما سألته عن الخطوة المصرية بإغلاق الممثلية المصرية بشكل نهائي في قطاع غزة. فوفقا لصحيفة الأهرام المصرية في عددها أمس الجمعة، أكد المتحدث بإسم الخارجية المصرية، أن وضع ممثلية بلاده في غزة لم يطرأ عليه أي تغيير منذ 14 عاما، وما حدث هو "أن وفدا ذهب للمقر لتفقد المتعلقات والأثاث الموجود منذ فترة وتم نقل جزء منه." ويفهم من تصريح وزارة الخارجية المصرية أن الخطوة المصرية هي خطوة عادية إقتتضتها الضرورة وفقا لكون مقر الممثلية المصرية مهجورا منذ الانقلاب العسكري في عام 2007. ووفقا لبعض المصادر الخاصة للعربية نت كما ذكر في تقرير أوردته وكالة "معا الاخبارية"، فإن "القاهرة ستكتفي بإعتماد سفارتها في مدينة رام الله كسفارة ومقر قنصلي لمصر في فلسطين".

وحتى هذه اللحظات، لم تعلن حركة حماس عن موقفها تجاه إغلاق القنصلية في غزة، الا أن بعض قيادات الحركة تحاول من خلال تصريحاتها عبر مواقع التواصل الإجتماعي التخفيف من أهمية هذه الخطوة، وإعتبارها خطوة إجرائية بحتة ليس لها أهمية سياسية. الا أن الواقع يبدو عكس ذلك، فالعلاقات المصرية الحمساوية ليست بأحسن أحوالها في هذه الفترة. ومما لاشك فيه أن توقيت الإعلان المصري عن إغلاق ممثليتها في غزة لم يكن عبثيا لاسيما في هذه الأثناء.

يبدو أن القاهرة غاضبة من حماس في هذه الأثناء أكثر من أي فترة سابقة. فقبل أسبوعين زار وفد أمني غزة، وبسبب تعنت حماس، لم تسفر المفاوضات بينه وبين حركة حماس عن أي تقدم في ملف تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل. وهذه الصفقة إن تمت ستعيد الإعتبار لأهمية الدور المصري في تحقيق الإستقرار والأمن في المنطقة.

من جانب ثان، فإن القاهرة مستاءة من طول فترة بقاء إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في الخارج، فقد بات واضحا لها أنه سيعيد إحياء قوة الحركة في الخارج، وهو الأمر الذي سيؤدي أولا الى تعزيز نفوذ بعض القوى الإقليمية في المنطقة مثل تركيا، كما سيؤدي الى إعادة تصدير الفكر الإخواني والاصولي في المنطقة، بالشكل الذي سيقوى جماعات المعارضة الارهابية في مصر.

ومن جانب ثالث، فإن القاهرة قلقة جدا من قيام حماس بعدة خطوات تعزز الإنفصال عن رام الله. فإلى جانب إشتراطات حماس "غير المقبولة وغير المنطقية" لأي مصالحة وطنية، فان القاهرة تعي أكثر من غيرها أن حركة حماس لا تريد مصالحة سياسية شاملة، وإنما تصر على بقاء سلطتها قائمة في غزة، مع إقتسام للسلطة في الضفة الغربية؛ وهو الأمر الذي لا تقبله القاهرة، وتعتبره يضر بمصالحها العليا، لاسيما فيما يتعلق بتأكيدها المستمر على وحدة الشعب الفلسطيني وعدم تجزئة السلطة السياسية بين القوى السياسية الفلسطينية. وبالضرورة، فان القاهرة تخشى أن يستمر الإصرار الحمساوي على تعطيل عملية المصالحة، وأن يتطور الى إعلان "دويلة فلسطينية" على حدودها الشمالية المتوترة أصلا في شبه جزيرة سيناء.

من الواضح، أن اغلاق القاهرة ممثليتها بشكل نهائي في غزة هو رسالة صارمة من القاهرة الى حركة حماس تعرب فيها عن غضبها تجاه الأخيرة. وربما على حماس أن تعيد النظر في سياستها الخارجية في الإقليم العربي، فحماس لا تستطيع تحمل الأعباء وراء إغضاب القاهرة، كما أن خطواتها الإنفصالية لن تحظى بقبول المصريين. وعليها الآن أن تعود أكثر من أي وقت مضى الى حاضنتها الفلسطينية. .