|
نتنياهو العنوان.. انتخابات إسرائيلية رابعة في ظل التلقيح والتطبيع
نشر بتاريخ: 28/12/2020 ( آخر تحديث: 28/12/2020 الساعة: 19:50 )
نتنياهو(الحاكم أو المحكوم ) هو العنوان الأبرز ليس للانتخابات الإسرائيلية القادمة , بل للسياسة الإسرائيلية في العقد الأخير , كيف لا وهو رئيس الوزراء الأطول الذي تفوق على "مؤسس إسرائيل " بن غوريون نفسه. و نتساءل هنا عن سر طول بقائه في وسط ساحة إسرائيلية لم تعرف الاستقرار و لا الاستمرار على الصعيد السياسي الداخلي في السنوات الثلاثين الأخيرة على أقل تقدير , بدءاً برابين مروراً ببيريز و باراك و اولمرت وصولاً إلى شارون . إن الإعلان عن انتخابات رابعة في أقل من سنتين , يكاد أن يكون عنوانها الوحيد نتنياهو . لقد غابت الأفكار و المشاريع و التسويات السياسية عن الدعايات الانتخابية , واستبدلت بشعار واحد فقط , ألا و هو نتنياهو: إما الحاكم أو المحكوم . أحكم نتنياهو قبضته على الوضع الداخلي في حزب الليكود - بطريقة لم يستطع حتى شارون نفسه أن يقوم بذلك - من حيث استبعاد وإقصاء البعض, و إغراء و تقديم الوعود و الإغراءات السياسية للبعض الآخر لأعضاء قيادة حزبه . لقد شكلت الانتخابات بشكل عام هوايته المفضلة, سواء أكانت داخلية في حزب الليكود, أو على مستوى "إسرائيل" , لكي يحافظ على رئاسته للحزب وبالتالي لرئاسة الوزراء أطول فترة زمنية ممكنة . لم يترك نتنياهو في حزب الليكود شخصية كارزماتية تنافسه و تهدد زعامته بشكل جدي طوال السنوات الماضية , باستثناء الفترة الحالية , والتي تمخض عنها بروز "جدعون ساعر" , والذي يبدو انه تتلمذ بشكل جيد على يد نتنياهو, و يسير على خطاه , فقد اختار التوقيت المناسب للانشقاق عن حزب الليكود, و تشكيل حزب جديد ( أمل جديد) . لم تقتصر هيمنة نتنياهو من خلال المراوغة و الدهاء على حزب الليكود فقط , فقد امتد بتأثيره إلى باقي الأحزاب والقوائم من خلال تفتيتها و خلق استقطابات وتجاذبات داخلها, والتخلص منها في الوقت المناسب . وهذا ما جرى مع القائمة العربية المشتركة, حيث نجح نتنياهو في ضرب مكوناتها من خلال استدراج "الحركة الإسلامية" بزعامة منصور عباس , مما أدى إلى ضعفها , و ربما هي في طريقها للتفكك . ومن ناحية أخرى, فقد نجح نتنياهو في استدراج حزب "أزرق أبيض" و زعيمه " بيني غانتس" وإغرائه باتفاقية جذابة لتشكيل حكومة "الوحدة و الطوارئ" , و بمنصب مستحدث ( رئيس وزراء بديل ) , و بوعود وهمية على التناوب, و في الوقت ذاته , كان يبيت له النية للتخلص منه , من خلال إظهاره للشارع الإسرائيلي بمظهر الضعيف المنقاد - وهذا ما نجح به نتنياهو , مما سهل عليه تطويعه و ضمان تبعيته , بعد أن أشارت جميع استطلاعات الرأي و بوضوح إلى تدهور حزب أزرق أبيض و شعبيته, حيث لم يبد "غانتس " , و على مدار الأشهر الماضية , أية دلائل تشير على قدرته على مجاراة نتنياهو, أو حتى الاقتراب من مكانته, بل على العكس تماماً, كان أقرب ما يكون للتابع له , والمنجر خلف سياساته . الانتخابات الرابعة في أقل من سنتين , كانت إحدى الأوراق القوية التي استخدمها نتنياهو للضغط و المساومة على الحلفاء قبل الخصوم , لاسيما و أن جميع استطلاعات الرأي تعطيه الأفضلية في جميع الحالات . هناك فقط ثغرة تتعلق بعامل وقت وتوقيت الانتخابات . هو ما حاول نتنياهو التحكم به و السيطرة عليه , في محاولة منه للتخلص من الآثار المترتبة على جائحة كورونا صحياً و اقتصادياً , والتي قد تؤثر بشكل أو بآخر على هيمنته على الساحة السياسية , ومن هنا كان حرصه على تأمين اللقاح بأقصى سرعة . بمجرد وصول اللقاح و بلوغ التطبيع العربي ذروته, وجد نتنياهو في الانتخابات ضالته للتخلص من غانتس "حليفه اللدود " واتفاقية التناوب التي أبرمت معه . نعم لقد كان رهان نتنياهو ولا يزال على قضيتي (التلقيح والتطبيع ) للعودة مرة أخرى الى رئاسة الوزراء . و سيكون رهانه على الاستمرار في ممارسة سياسته المفضلة, في تفتيت خصومه في معسكر اليمين , وإثارة المخاوف و الشكوك فيما بينهم ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف , أمام خيار واحد ووحيد هو نتنياهو . ومن ناحية أخرى , سيبذل قصارى جهده لتوسيع دائرة التطبيع العربي و الإسلامي , و القيام بزيارة بعض الدول المطبعة , و دعوة البعض الآخر لزيارة "إسرائيل ". إن نتنياهو يشعر الآن بان التطبيع و التلقيح هما الورقتان الرابحتان بيده ,والتي من خلالهما يستطيع هزيمة الخصوم . من غير الواضح لمن ستؤول الزعامة بعد الانتخابات , لكن من المؤكد أنها لن تخرج عن إطار اليمين بشقيه الديني و القومي . إن الأشهر الثلاثة القادمة هي فترة زمنية طويلة في منطقة تعج بالأحداث و المفاجآت و التقلبات . و لا يجب أن لا يغيب عن بالنا أننا أمام شخص لا يتورع عن استخدام أو استحداث أية وسائل للبقاء في الحكم , أولاً : بسبب شغفه بالسلطة وإدمانه عليها , و ثانياً :لمحاولة كسب الوقت من أجل إقرار قوانين و تشريعات تبعده عن المحاكمة و السجن . * أستاذ العلوم السياسية/ جامعة الخليل - فلسطين |