|
ثورة 1965 ومناورات 2020 والإنتقال من الهجوم إلى الدفاع
نشر بتاريخ: 31/12/2020 ( آخر تحديث: 31/12/2020 الساعة: 19:02 )
تزامناً مع ذكرى إنطلاقة حركة فتح و الثورة الفلسطينية السادسة والخمسين، أطلقت حركة حماس بإسم فصائل المقاومة في قطاع غزة مناورة عسكرية تُظهر قدرة المقاومة على مواجهةٍ باتت تفتقر لأهداف الثورة، ومغزى المقاومة، بالتحرير ودحر الإحتلال. وما بين الهجوم والدفاع، تاريخ ثورة، وحاضر هزيل، ومستقبل مظلم. صفحات مشرقة سطرتها الثورة والمقاومة الفلسطينية على طريق "تحرير الأرض والانسان" بطولات وتضحيات وانتصارات، أسرى وجرحى وقوافل من الشهداء، خسائر عدة، وكثير من الإنقسامات و الانتكاسات.. ولا يزال الحق مجرد حلم وشعار، ولا يزال طريق التحرير معبد بالحواجز والاستيطان وسطوةالمحتل، كما لا تزال الفرقة مطبقة على النسيج الفلسطيني، الوطني منه والاجتماعي والجغرافي، والساحة الفلسطينية تفتقر لاستراتيجية وطنية، نضالية، ثورية، شعبية.. تلملم الحالة الفلسطينية وتراكم على إنجازات الثورة بالأمس، وقوة المقامة اليوم، وتعيد الاعتبار لأساس الفكرة ونقاء الهدف، حيث ساحة المناوارات الحقيقية. أما عن "مناورات" المقاومة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل، والمثقل بآثار العدوان والحصار وسطوة الحزب المسيطر على الحكم، وليس تقليلاً من دور وفعل وحضور وعتاد وقدرات.. المقاومة، وإنما لتوصيف دور وغايات ومفارقات الفعل الثوري الفلسطيني من إنطلاقة الثورة إلى رسالة "المناورات" وجدوى ما بايدينا متفرقين او مجتمعين (التنظيمات) لتحقيق إنجازات حقيقة تتعلق بتقليل عمر الإحتلال وتحقيق الحرية الشاملة(الأرض والإنسان) هجوم أم دفاع: تربعت على ابجديات وسلوك الثورة الفلسطينية بعد تفجير نفق عيلبون وإشعال فتيل الثورة منهجية "لنستمر في الهجوم" وتتالت هجمات مجموعات المقاومة إنطلاقاً من مخيمات اللجوء الفلسطيني وقواعد الثوار صوب فلسطين المحتلة وصولاً إلى مربعات العدو لتحقيق ضربات متتالية بغية التحرير المنشود، وكانت إما أن تعود إلى قواعدها سالمة، وإما أن يستشهد الفدائيون أو يسقط أحدهم في الأسر. لكنه تكتيك الهجوم بغية الوصول إلى الهدف المرحلي وكذلك الإستراتيجي، بدل الركون إلى لغة الدفاع عن حق أغتصب وأقتلع أصحابه من وطنهم، دون قوة هجوم تجسده على الأرض. أما شعار وهدف مناورة المقاومة في محافظات فلسطين الجنوبية، فكانت الدفاع عن المكان ومن هم في المكان، ومواجهة أي عدوان محتمل كما مثيلاته السابقة على القطاع. وهو بكل تأكيد حق وأمر مطلوب، فلموازين القوى، وقوة الردع فعلها في ساحات المواجهة. لكن فارقا في الأولى التي أنطلق المقاتلون فيها صوب العدو على أمل تحرير ما سلبُ. عن الثانية، التي يراد منها الحفاظ على ما هو موجود، وكأنه حدود دولة، وإن كانت قطاع صغير من وطن محتل يعيش تحت وطأة الحصار؛ فجاءت مناورات المقاومة لتقول بقصد أو دون قصد أن هذا المكان هو عبارة عن قطاع مستقل، لطالما أراده المحتل حدوداً لدولة فلسطينية مسلوخة عن باقي جغرافيتها التاريخية، لشطب الحق الفلسطيني فيما سواه. وإلا فما حاجة مقاومة سرية يحشد العدو لرصدها كل امكانياته العسكرية والاستخباراتية المهولة بغية استهدافها، أن تظهر على العلن وهي أسلحة مقاومة سرية لا عتاد دولة؟ إعتدنا على المناورة سلوكا للدول لا لفصائل المقاومة، فالمناورة الحربية أو مشروع الحرب أو (بالإنجليزية: Maneuver or War Game) كما بينت ويكيديا انه تعبير عسكري يستخدم لوصف التحركات الميدانية للقوات العسكرية على أرض المعركة. ففي الحرب: هو تعبير يستعمله العسكريون للإشارة إلى استراتيجية عسكرية تقوم على بدء الحرب بهجوم متحرك وسريع ومباغث يربك العدو ويوقع به خسائر هامة دون علم العدو مسبقا بهذا الهجوم. أما في السلم: فهي تدريبات عسكرية تقوم بها عدة دول حليفة أو دول منفردة بين أفرع قواتها العسكرية المختلفة لتطوير أدائها وتعزيز مهاراتها الميدانية وتقوية الروابط العسكرية بين الدول المشتركة. إذن، الهجوم هو الأساس في المناورة لا الدفاع. فأين نتجه بخططنا واستراتيجياتنا الفلسطينية منذ إنطفاء لهيب الثورة، وحتى اندلاع صواريخ المناورة؟! يشير واقعنا الفلسطيني وفي ظل الانقسام الفلسطيني وغياب حالة الفعل المقاوم بكل أشكاله الثورية العنيفة، والشعبية السلمية من جهة، وعنجهية المحتل وحليفه الامريكي من جهة أخرى، إلى أننا في حالة تراجع وإنحدار وطني، وضبابية وتخبط سياسي، وتغليب لمصالح وأجندات الحزب على المصلحة الوطنية، وخسرنا المزيد والمزيد من الأرض الفلسطينية والمقدسية منها لصالح الاستيطان وجدار الفصل العنصري والتهويد، وصار الهدف الذي انطلقت من أجله الثورة، والمفترض أن نُفذت من أجله المناورة أكثر بعداً عما كنا نحلم. بعد ستة وخمسون عاما على انطلاق أعظم ثورات التحرر في العالم، ما الذي أخذناه فلسطينيا من عبرها اليوم، غير أن ارتدى "القسامي" بزة الثوري العسكرية وتقنع بكوفية الثائر الأول، وتوسط علمي فلسطين دون سواهما من أعلام الفصائل مزركشة الألوان؟! و لماذا أرادت "حماس" أن تظهر بشكل المقاتل الفتحاوي في ذكرى إنطلاقته المسلحة التي انتهت، لتعرض مناوراتها العسكرية لدفاع محتمل؟ الثورة انتهت، والمقاومة باتت شعارا وأغنية وعرضاً عسكرياً، وما من نوايا حقيقية لتذليل عقبات الوحدة ومشروع الانعتاق من الإحتلال. ما من مراجعات حقيقية لمراحل ما بعد الثورة وما قبل وبعد الكثير من المحطات المختلفة في أدواتها واستراتيجياتها والتي جاءت ما بعد الثورة أيضاً. فقدنا الكثير من أدوات القوة والمواجهة، وخسرنا الكثير منها، وتخلينا عن كثير منها، فوصلنا إلى حالة ضعف لن ينشلنا منها لا أرث الثورة، ولا العروض العسكرية، وإنما إعادة الاعتبار إلى الحالة الوطنية، وإعادة ضبط البوصلة، وبناء استراتيجية وطنية توظف كل عوامل القوة، وتجمع الكل الفلسطيني في بوتقة الفعل الحقيقي الذي من شأنه إعادة الروح لمشروعنا الوطني التحرري، ودون ذلك لا قيمة له.
|