|
الأسير العجوز في قبضة المرض وفايروس كورونا
نشر بتاريخ: 24/01/2021 ( آخر تحديث: 24/01/2021 الساعة: 11:09 )
أبا حازم: في الثاني عشر من آذار/مارس عام 1940 كان مولده، وفي ذات الشهر من عام 2006 كان موعده مع الاعتقال، فسُجن وعٌذب وسُلبت حريته، وقُيدت حركته داخل سجن إسرائيلي محاط بجدران شاهقة وأسلاك شائكة وحراس مدججين بالسلاح، وعانى الألم والوجع جراء التعذيب والحرمان، واليوم وبعد أن قضى خمسة عشر عاما في السجن، وتجاوز عمره الثمانين عاما، يتكالب عليه ثالوث مرعب أضلاعه السجان والمرض وفايروس "كورونا". الجنرال العجوز أو "شيخ الأسرى" كما يحلو للأسرى مناداته، لم ألتقيه يوما، ولم أجالسه ولو لمرة واحدة قبل اعتقاله، لكنني أعرفه جيدا منذ أن كان جارا لنا، حيث نشأت وتربيت في حي بني عامر بمحلة الدرج وكان "ابا حازم" يسكن على أطراف حي التفاح وعلى بُعد أمتار من بيتنا، وصدح اسمه في أذناي مراراً وتكراراً، وصورته المعلقة هنا وهناك لا تكاد تغيب عن عيناي، وحديث الأسرى عنه ومن قبلهم ضباط وجنود السلطة الفلسطينية يدفعني دوما نحو البحث عن وسيلة للتواصل معه وسماع صوته. انه الجنرال العجوز فؤاد حجازي الشوبكي وكنيته "أبو حازم"، أحد قادة حركة التحرير الفلسطيني "فتح" وواحد من مؤسسي الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، ومسؤول الإدارة المالية العسكرية سابقا وواحد ممن وقفوا طويلا على راس هرم السلطة.
أبا حازم: أسير فلسطيني يقبع حاليا في سجن النقب الصحراوي ومعتقل منذ خمس عشرة سنة، بعدما اقتحمت قوات الاحتلال المدججة بالسلاح سجن أريحا الفلسطيني بقوة البندقية وعنجهية الاحتلال واختطفته في الرابع عشر من آذار/مارس عام 2006 مع مجموعة من رفاق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ونقلتهم جميعا الى سجونها سيئة الصيت والسمعة، ومن ثم حكمت عليه احدى المحاكم العسكرية بالسجن الفعلي لمدة (20) سنة بتهمة تهريب باخرة "كارين ايه" المحملة بالسلاح والعتاد للمقاومة الفلسطينية، ومن ثم قررت محكمة الاستئناف في سجن عوفر تخفيض 3 سنوات من مدة الحكم لتصبح (17) سنة.. ومرت الأيام والسنون فكبر أبا حازم وشاب شعر رأسه واكتساه اللون الأبيض، وهرم قبل أن يرى اللحظة التاريخية التي لطالما حلم بأن يشهدها، وهموم الدهر أثقلت حركته داخل سجنه، والأمراض المزمنة استوطنت جسده، فزادت من ألمه ووجعه وفاقمت معاناته، في ظل استمرار الاهمال الطبي وعدم توفير الرعاية الطبية له. "أبا حازم".. شيخ الأسرى كما يحلو لرفاق الأسر أن يطلقوا عليه، فهو أكبرهم سناً، إذ بلغ مرحلة متقدمة من العمر وتجاوز الثمانين عاما، وما زال يحلم بالانعتاق وقضاء ما تبقى من العمر في رحاب الحرية، ان كان في العمر بقية. لقد تعرض "الجنرال العجوز" منذ لحظة اعتقاله الى انتهاكات جسيمة ومعاملة لا إنسانية، وأُخضع لتحقيق قاسي، وصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، وأودع في زنازين ضيقة ومعتمة لشهور طويلة، وتنقل معصوب العينين ومكبل اليدين ما بين سجون عدة أبرزها المسكوبية وعسقلان وهداريم إلى أن استقر به الحال مؤخرا في معتقل النقب الصحراوي. ومع مرور الوقت يتسع الجرح ويتفاقم الوجع ويُنهك الجسد، مع تدهور حالته الصحية، جراء الاهمال الطبي، ودون توفير احتياجاته الأساسية والرعاية الطبية اللازمة منذ انتشار جائحة "كورونا"، أو اتخاذ تدابير السلامة والوقاية لحمايته من العدوى حتى أصيب بالفعل بفايروس كورونا حسبما أعلن مؤخرا، مما يزيد من قلقنا عليه وخشيتنا على حياته. فؤاد الشوبكي "أبا حازم"، رجل تعرفه فلسطين، وقائد تشهد له الساحات المختلفة وعلم من أعلام الثورة الفلسطينية، واسم لمع في سماء فلسطين فحفظته الأجيال المتعاقبة، وجنرال عجوز يستصرخ ضمائر الضباط والجنود بأن يقفوا لجانبه. واسير كهل انهكته السنين واثقلته الأمراض وأبكته المأساة، وهو بحاجة الى من يسانده ويضغط لإنقاذ حياته وضمان إطلاق سراحه.
|