|
مشاركة الشتات في انتخابات المجلس الوطني
نشر بتاريخ: 05/02/2021 ( آخر تحديث: 05/02/2021 الساعة: 22:27 )
هبه بيضون
إن المرسوم الرئاسي الذي صدر بخصوص الانتخابات ينص على أن الانتخابات التشريعية ستجرى بتاريخ 22 أيار 2021، والرئاسية بتاريخ 31 تموز 2021، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، على أساس أن كل عضو في المجلس التشريعي هو عضو في المجلس الوطني ، وبالتالي يكون قد شكل جزءاً من المجلس الوطني على أن يستكمل تشكيله كما ذكر في المرسوم الرئاسي في 31 آب 2021 وفق التفاهمات الوطنية والنظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية ، بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن. وصلني مؤخراً مذكرة تحت عنوان " نحو انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني في أماكن اللجوء والشتات، موجهة إلى الأخ رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون ، ومستندة إلى المادة رقم (5) من الميثاق الوطني الفلسطيني التي تعرف من هو الفلسطيني وإلى المادة رقم (4) من النظام الأساسي لمنظمة التحرير التي تنص على أن الفلسطينيين جميعاً هم أعضاء في المنظمة وإلى المادة رقم (5) من ذات النظام التي تنص على أنه يتم انتخاب أعضاء المجلس الوطني من خلال الاقتراع المباشر من قبل الشعب الفلسطيني بموجب نظام تضعه اللجنة التنفيذية لهذه الغاية. هذه المذكرة الموقعة من عدد من اللاجئين والنازحين والمشردين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء وفي الشتات بشكل عام، تدعو إلى البدء بتنظيم انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني وفقاً لبنود الميثاق الوطني لعام 1968 والنظام الأساسي للمنظمة لعام 1991 ونظام انتخاب المجلس الوطني لعام 1965 بحيث –كما جاء في المذكرة- يشارك فيها جميع الفلسطينيين بترشيح وانتخاب ممثليهم في المجلس الوطني. أعجبني ما جاء في المذكرة كما أعجب ويعجب عدد كبير من أبناء شعبنا الذي يتوق للمشاركة في الحياة السياسية وترسيخ أسس الديمقراطية، ولقد وقعت عليها بإضافة إسمي لأنني وجدت أن ما جاء فيها يلبي طموحات شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، ولكن علينا أن نعرف الأمور على أرض الواقع وما هو الممكن . أود الإشارة إلى أن نص المذكرة قديم ومكرر ومأخوذ عن حملة قام بها أحدهم تحت العنوان ذاته، ولا بأس في ذلك، ولكن هذه المذكرة غير محدثة حيث أنه لا إشارة فيها إلى أن هناك مرسوم رئاسي بإجراء الانتخابات العامة بما فيها انتخابات المجلس الوطني، كما أنها مستندة – كما سبق ذكره- إلى أكثر من نظام منها نظام انتخاب أعضاء المجلس الوطني لعام 1965 الذي جرى تعديله عام 2015 بمشاركة وموافقة وطنية شاملة بما فيها حركة حماس، ليس الهدف من ذكر هذه المذكرة هو تفصيل ما جاء فيها وتقييمه، وإنما الفكرة هي أن أعطي مثالاً على أن هناك مطالبات منظمة، واضحة، وصريحة وملحة من قبل شعبنا في الشتات للمشاركة في انتخابات المجلس الوطني القادمة والمزمع عقدها بتاريخ 31 آب 2021 . إذن، وفق ما جاء بالمرسوم الرئاسي المتعلق بالانتخابات تجرى انتخابات أعضاء المجلس الوطني إذا جرت انتخابات المجلس التشريعي والتي تعتبر جزء منها، لأن أعضاء المجلس التشريعي المنتخبون في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس هم أعضاء طبيعيون في المجلس الوطني، وقد يكون عدد الأعضاء التكميليين للمجلس من الشتات مماثل أو قد يزيد حسبما يتم تقريره في مباحثات القاهرة القادمة في 8 شباط، وبعد ذلك سيتم اعتماد النص القائل أن تجرى حيثما يمكن، أي أنها مرتبطة بالظروف في كل دولة وإن كان بالإمكان إجراؤها أم لا. بشكل عام، وعلى الرغم من أن كل ساحة لها خصوصيتها، إلا أنه لا يمكن إجراء الانتخابات في أي من الدول العربية، وذلك برضا جميع الأطراف كما علمت خلال بحثي في الموضوع، وذلك يتعلق بعدة عوامل منها ما هو سياسي ومنها ما هو قانوني ومنها ما هو إجرائي يتعلق باللوجستيات. على سبيل المثال لا الحصر، معظم الفلسطينيين في الأردن هم مواطنون أردنيون يحملون الرقم الوطني، وهؤلاء لن تسمح لهم الدولة الأردنية بالمشاركة في انتخابات المجلس الوطني لأن ذلك يعتبر مشاركة بانتخابات دولة غير الدولة الأردنية، وهذا غير جائز قانونياً، صحيح أن هناك فئات أخرى من الفلسطينيين مثل أهلنا الغزيين الذين يتمتعون بوضع خاص ولا يحملون الجنسية الأردنية أو أهلنا من لاجئي المخيمات المسجلين في الأنروا، ولكن خلاصة القول بأن الأردن لن يسمح بأن تجرى الانتخابات على أرضه، حيث أن إجراء الانتخابات يحتاج إمكانيات وترتيبات خاصة وهذا غير متوفر وغير ممكن، بالإضافة إلى أن هناك اعتبارات سياسية أخرى حسب تصوري تجعل الأمر معقداً، أما عن تلك الاعتبارات فقد حاولت معرفتها من خلال الاستفسار من بعض الشخصيات الاعتبارية الأردنية، ولكن لم أتلق أي إجابة. علينا ألا ننسى أن المجلس الوطني الفلسطيني له ظروف خاصة جداً، ولا ينطبق عليه ما ينطبق على البرلمانات التي تكون موجودة على أرض دولتها ذات السيادة، كما أنه لا يناقش أمور حياتية عادية تخص المواطن، لأن اللاجئين في سوريا ولبنان ومصر والعراق والخليج وأوروبا والأمريكيتين وغيرها من الدول التي يتواجد فيها شعبنا هي عبارة عن دول ذات نظم وسياسات مختلفة، كما أنه من الصعب إجراء حصر لقوائم الذين لهم حق الاقتراع، وهذا ينطبق على جميع الدول، لذلك وضع نظام التوافق كان هو الأنسب في ظل المعطيات، علماً أنه لا يوجد أي شيء واضح حتى اللحظة حول كيف سيكون الترشيح وعلى أي أسس سيبنى التوافق وكيف سيحسم الموضوع، على أمل أن تتضح الأمور والتفاصيل بعد اجتماعات القاهرة بعد عدة أيام. كما أن المجلس الوطني الفلسطيني هو أقرب إلى مجلس حركة تحرر منه إلى برلمان دولة مستقلة ذات سيادة، وبالتالي هذا يجعل موضوع الانتخابات مقيد من قبل بعض الدول المضيفة، ربما لو كان المجلس الوطني برلمان دولة مستقلة كاملة السيادة لكان الوضع مختلف ولتعاملت معه الدول العربية بصورة أخرى. للعلم، لم تجرى هناك أي انتخابات سابقاً إلا في أمريكا اللاتينية، في تشيلي على ما أعتقد، ومرة واحدة في الكويت، وفي الأراضي المحتلة في إطار أوسلو، كما كانت تجري انتخابات في غزة أثناء الإدارة المصرية. أما بالنسبة للساحة اللبنانية، فكما علمت أنه عندما كان ميشيل سليمان رئيساً للجمهورية اللبنانية تمت استشارته من قبل القيادة الفلسطينية على الساحة اللبنانية حول إمكانية إجراء الانتخابات في لبنان, وإن كانت الدولة اللبنانية تسمح لنا بإجرائها، حيث أن القضية كانت مطروحة في ذلك الوقت، فكان جواب الرئيس في ذلك الوقت بأنه لا مانع لديهم، وكان ذلك أيضاً جواب اللواء عباس إبراهيم مدير عام الأمن العام، بل أن لبنان أبدى استعداده لتسهيل الموضوع، أما في الوقت الحاضر، فالوضع المستجد في لبنان في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية والجائحة، لن يكون الوضع يسمح بإجراء أي انتخابات خاصة أنها ستعقد بعد أشهر معدودة ، بالإضافة إلى ما سبق وذكرت حول اتفاق جميع الأطراف على ألا يكون هناك انتخابات في الدول العربية، وحسب تخميني فإن ذلك لم يكن بطلب فلسطيني، بل كان بطلب من الدول العربية وتفهم فلسطيني لظروف تلك الدول . بناء على ما سبق ، فإن الأرجح أن يكون هناك توافق على الأسماء في كل من سوريا ولبنان والأردن نتيجة الأوضاع العامة. وبما أن الواقع يقول أنه حيثما يمكن، أتوقع أن يكون هناك إمكانية لأن تجرى الانتخابات للمجلس الوطني في بعض الدول الغربية والأوروبية على وجه الخصوص بعد موافقتها، والتي قد تأخذ شكل مؤتمرات لبعض الجاليات والتجمعات في المنظمات الشعبية المتواجدة في الدولة والتي تكون قياداتها بالأساس منتخبة أو تحت بند الكفاءات المشهود لها، وبحيث تنتخب من يمثلها كما جرى عشية الدورة 20 والدورة 21 ، وحيث يتعذر ذلك سيجرى تعيين بالتوافق كما جرت العادة، حيث يتم التوافق بين فصائل العمل الوطني. الأرجح أن ننتظر ما ينتج عن حوارات القاهرة حول الآلية وما سيتم الاتفاق عليه بين الفصائل حول الموضوع، يمكن القول إنه بما أن الانتخابات مطلب شعبي ورسمي، إذن يجب البحث عن آليات لتجاوز صعوبات وعقبات إجرائها حيثما أمكن، ولكن وبنظرة أشمل لا أجد أن الأمور سهلة على أرض الواقع ، لبعض الأسباب سابقة الذكر، وغيرها من الأسباب مثل أنه أصبح من الصعب الآن تعريف من هو الفلسطيني في دول العالم ومن ثم من هو الفلسطيني الذي يحق له المشاركة في الانتخابات، حيث أنه من الصعب حصر الأجيال الجديدة كالجيل الرابع والخامس الذين ولدوا في الدول المختلفة ويحملون جنسياتها، ولو أردنا اعتبار الفلسطيني الذي يحق له المشاركة بأنه المسجل لدى وكالة الغوث (الأنروا)، فهناك العديد من أبناء شعبنا اللاجئين غير مسجلين لدى الأنروا، وبالتالي أصبح هناك صعوبة كبيرة في حصر أعداد الفلسطينيين الذين لهم حق المشاركة، حيث أن عملية الإحصاء لن تكون سهلة في دول الشتات ، وتتطلب إمكانات غير متوفرة . إذن مشاركة شعبنا في الشتات في الانتخابات القادمة لن يكون عملية سهلة، والموضوع أعقد من أن يكون بقرار فلسطيني، حيث أن هناك العديد من العوامل والمحددات التي تشكل عائقاً في أن يكون هناك انتخابات شاملة، ولذلك كان المخرج هو التوافق، أي هو الممكن في ظل المعطيات.
|