|
الشباب... بين الإقرار بأهميتهم والمتاجرة باسمهم!
نشر بتاريخ: 06/02/2021 ( آخر تحديث: 06/02/2021 الساعة: 20:04 )
القوى السياسية... رئاسة.. حكومة.. فصائل.. موالاة.. معارضة، يملأها خوف جدي من مفاجآت الانتخابات العامة، ولهذا الخوف ما يبرره ذلك ان صندوق الاقتراع هذه المرة صار اكثر صعوبة في امر السيطرة على مدخلاته ومخرجاته، وكذلك تغيير النظام الانتخابي الذي سيجعل كل قائمة متنافسة شديدة الحرص على ان لا يُعبث بالصناديق من خلال رقابتها على العملية المصيرية بالنسبة لها من أولها الى آخرها. وكذلك كثافة الإشراف والرقابة الدولية التي يتوقع حضورها بفاعلية اكثر هذه المرة. غير ان التأثير على النتائج يكون غالبا عبر التأثير على ما قبلها فكثر الحديث عن تضافر القديم ليقيم سدا امام الجديد، والحديث عن قيود على اعمار ومواصفات المرشحين، بقسمة الشعب الى قسمين ... الشباب وخيول الحكومة. وأشياء أخرى ذات طابع شعبوي وليس من أهدافها تجديد شباب المؤسسة التشريعية بل تثبيت سيطرة الراهن على ما يفترض ان يكون جديدا. لو كانت هناك نية صادقة لتجديد شباب النظام والمؤسسات فلماذا لا يتم ذلك الا على صعيد المؤسسة التشريعية المنتخبة، اما باقي المؤسسات فلا يتم الاقتراب منها مع انها جميعا تجاوزت سن الشباب والكهولة وحتى الشيخوخة المعقولة لتقف جميعا على حواف الاضرحة؟ مع امنياتي بالعمر المديد لهم جميعا. المؤسسة التشريعية هي خيار الناس، اما باقي المؤسسات فهي خيار الحاكم الذي يعين ويقيل، وفي هذه المعادلة خلل كبير من الجهتين. المؤسسة التشريعية هي مؤسسة قرار وخيار الناخبين الذين يفترض ان لا يُغرقوا بالاشتراطات والقيود وكأن الملايين التي ستتوجه الى صناديق الاقتراع بحاجة الى وصاية وممن ؟ من الذين تخلدوا في مواقع الحكم وكان منهم ما كان. المؤسسة التشريعية هي المكان الأكثر جدارة لتكامل الخبرة المستفادة مع الخبرة الشبابية، فللأولى ميزة ثراء التجربة وللثانية ثراء الحداثة والحيوية. وهنا لنتوقف قليلا عند حكاية الشباب الذين لا يكف صائدو الأصوات عن اعلامنا بأنهم يشكلون النسبة الأعلى من شرائح المجتمع واخال الشباب يتسائلون... هل هذا التذكر والتذكير لا يتداول الا في موسم الانتخابات، اما ما قبله وما بعده فالشباب من حيث الاعداد وفتح الفرص الحقيقية هم نسيا منسيا. نعم نريد تجديد شباب كل المؤسسات ولكن عبر تنافس صحي يتقدم فيه الشاب والشابة الى احتلال المواقع بالمؤهل وليس بشهادة الميلاد او الكوتا وحتى وفق هذ المقياس فللشباب حصة اكبر واهم من الحصة التي تخصص بالكوتا والتي تنتج الكسل والتواكل وتضعف التنافس الحقيقي الذي هو المؤهل الأساس لاظهار الكفاءة والقدرة على أداء المهام. الشباب ذكورا وأناثا ليسوا قطاعا منعزلا عن المجتمع حتى يجري التفكير في كيفية ضمه، فهم الأبناء والاحفاد، الا ان اغترابهم عن الحياة السياسية والقيادية كان بفعل تشبث القديم بالمواقع وكأنها ميراث مستحق، وكذلك بفعل قلة او انعدام الرعاية والتأهيل من السنوات الأولى للولادة الى الحد العمري الذي يقال فيه انتهت مرحلة الشباب وبدأت المرحلة التي تليها. الشباب ... ولنفترض انهم من سن الثامنة عشرة حتى ما حول الخمسين ينبغي ان لا ينتظروا ممن اهملوهم ان يعيدوا الاعتبار لهم بقرارات مفاجئة، ولأنهم أي الشباب الأكثر اندماجا وتفاعلا مع الحداثة التي تجتاح العالم بسرعة ضوئية فعليهم وهم مؤهلون لذلك ان يميزوا بين الإقرار الحقيقي للدور والاستخدام الانتهازي لتحسين الصورة واصطياد الأصوات، هم وحدهم من يستطيع فعل ذلك والتصرف على أساسه، ومثلما برع الشباب في استخدام اليات القرن الحادي والعشرين، يُنتظر منهم ان يبرعوا بذات القدر في دخول الحياة السياسية والتشريعية والتنفيذية والقضائية والزمر بيدهم لا بيد غيرهم من مدعي الوصاية. |