|
مأزق اليسار في الانتخابات العامة ...
نشر بتاريخ: 10/02/2021 ( آخر تحديث: 10/02/2021 الساعة: 11:05 )
لا شك ان ثمة صراع دائر بالمفاهيم وماهية المدركات الظرفية حول حقائق واقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، هذا الصراع لاشك انه يحتدم في تفسير الكثير من النصوص بالأدبيات السياسية الفلسطينية وعلى هذا الأساس اعتقد اننا بحاجة لإعادة صياغة المفهوم الوطني من جديد او بالأحرى لإعادة تجذيره من جديد ليتناسب وواقع المرحلة وحقائق مدركاتها الآنية حتى لا نضيع وسط زحمة التنظير الإيدلوجي والفكري ومنطلقات توجهات الكثير من الرؤى والأطروحات السياسية الهادفة الى برمجة الوعي الوطني والعربي للمرحلة بما يتساوق واجندة الكثير من القوى العاملة على كافة الساحات المحلية والإقليمية وبالتالي الدولية والتي ترى في هذه المنطقة بوابة من بوابات العبور نحو السيطرة على سدة الفعل السلطوي على المستوى العالمي والأممي، واولى هذه المفاهيم التي اعتقد انه من الضروري اعادة صياغتها بما يتوافق والرؤية الإستراتيجية للقضية الوطنية برمتها هي توصيف المرحلة الراهنة وماهيتها ، ليُصار الى تحديد حقيقة البرنامج السياسي المتوافق عليه وانبثاق الأدوات الرافعة للفعل السياسي بكافة اشكاله سواء أكانت الدبلوماسية او الجماهيرية وصولا الى طبيعة فعل المقاومة ان كان لها دور او هامش في الفعل الفلسطيني هذه الأيام بشكلها العام….
اولا لا بد من ان نتفق على ان كافة القوى والفصائل السياسية باستثناء ( حركة الجهاد الاسلامي ) اصبحت مكون اساسي من مكونات السلطة الفلسطينية ومن نظامها السياسي حيث كانت هذه القوى قاطبة ممثلة بالمجلس التشريعي السابق ، وبالتالي قد صارت مكون من مكونات النظام السياسي من خلال كتلها وتحالفاتها بالمجلس النيابي (برلمان السلطة الفلسطينية) بصرف النظر عن مشاركة هذه القوى في الحكومة وبصرف النظر عن مواقفها من قرارات الحكومة ومراسيم الرئاسة الفلسطينية واطروحاتها.. وحيث ان المجلس التشريعي بحد ذاته انما يعتبر احدى اهم مؤسسات السلطة الوطنية فبلا شك ان هذه الفصائل جزء من النظام السياسي القائم بالأراضي الفلسطينية المحتلة وبالتالي قد صارت شريكة بما يصدر عن هذا المجلس سواء اكانت في صفوف الموالاة او في صف المعارضة وبالنهاية فهكذا هي اصول اللعبة الديمقراطية مع ملاحظاتي العديدة والنقدية حول ما يسمى بالديمقراطية في ظل حراب الاحتلال وممارسته وعدم استواء الفعل الديمقراطي في ظل مرحلة التحرر الوطني وليس بالضرورة ان تكون الديمقراطية على الطريقة الإنتخابية هي الأمثل للجماهير الرابضة في ظل الاحتلال العسكري والاستيطاني التفريغي.
بالتالي لابد من تحديد مفاهيم المرحلة وان يكون ثمة انسجام واضح المعالم لما يصدر من مواقف لتلك القوى والجبهات والفصائل من الرفض او القبول بالمشاركة بصيغة النظام السياسي الحاكم للواقع الراهن في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، هنا لابد من اعادة التذكير ان السلطة الفلسطينية وبموجب اتفاق اوسلو واخواته يحدد وبشكل دقيق ان هذه السلطة وبالتالي النظام انما هو بالأساس مجلس اداري ذاتي لإدارة شؤون السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة وهو التوصيف الذي ما زال قائم بصرف النظر عن انتهاكه من قبل حكومات دولة الاحتلال المتعاقبة ، والمجلس التشريعي جزء من طبيعة هذا النظام والحكومة المنبثقة عن هذا النظام مكون من مكونات نظام ادارة شؤون السكان ذاتيا مما يعني ان لا سيادة فعلية على اي جزء من اجزاء الاراضي الفلسطينية المحتلة عموما، وهنا لا بد من الادراك انه وبمجرد دخول معترك المجلس التشريعي والاحجام عن المشاركة في الحكومة المنبثقة عنه انما يعتبر فهما متناقضا وابجديات تحديد المفاهيم والمدركات لطبيعة الإستراتيجية السياسية لهذا الفصيل او ذاك. والسؤال الأبرز الذي لابد من الاجابة عليه في هذه المرحلة في ظل الدعوات العامة والكثيرة التي تشهدها الساحة والمتمثل بضرورة اجراء الانتخابات العامة ومن ضمنها التشريعي فهل في هذه الحالة ستعود جبهات الرفض النظري للمشاركة مرة اخرى بالانتخابات العامة ..؟؟ احد اهم اركان ومكونات السلطة الفلسطينية بمعنى انه اذا ما أُجريت الانتخابات العامة هل ستشارك حينها وعلى ضوء الانتخابات الجبهة الشعبية والديمقراطية وغيرها من القوى في حكومات السلطة الائتلافية ..؟؟ اذا كانت الاجابة نعم بالتالي لا يحق لأيا من هذه الجبهات رفض اوسلو ومكوناتها على قاعدة ان نصوص اوسلو ما زالت الحاكمة للمجلس التشريعي .. وحيث ذلك تكون عملية الرفض للمشاركة في الحكومة الفصائلية الراهنة من قبل كافة القوى والفصائل الموصوفة باليسارية انما يجي في اطار سياسي لا استراتيجي مبدئي برفض اوسلو وتكويناته وقوانينه. ان عبور قوى اليسار الرفضوية الى ساحة اللعبة السياسية بالملعب السلطوي ومن خلال المجلس التشريعي هو بحد ذاته اقرار واعتراف بمحددات واساسيات السلطة الفلسطينية (الإتفاقات الموقعة) ومن قال ان من يعارض اتفاق ما او برنامج يتم التصويت عليه ضمن ما يسمى بنظام الفعل الديمقراطي لا يكون شريكا بالقرار المُتخذ حسب نظام الأقلية والأكثرية… بل لا شك انه نظام الأكثرية والأقلية ووفقا لما يسمى بالنظم الديمقراطية بات مطلوبا… وقد اتفهم الموقف بعدم المشاركة بحكومة الوحدة الوطنية كونها تأتي كإستمرار للحالة الانقسامية المتطورة الى حالة انفصالية والإستقطابية الحادة ما بين فتح وحماس لكن لا يمكنني ان اتفهم ارجاع عدم المشاركة الى ما يسمى الإعتراف بالإتفاقات الموقعة كون كل القوى والفصائل قد تجاوزت هذه النقطة بلحظة قبولها بقوانين اللعبة الديمقراطية السلطوية الفلسطينية المستندة للإتفاقات مع الجانب الإسرائيلي وممارستها للعملية الإنتخابية وبالتالي عبورها الى التشريعي…. |