وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المرأة ما بين الطموح ... والكوتا.

نشر بتاريخ: 14/02/2021 ( آخر تحديث: 14/02/2021 الساعة: 19:43 )
المرأة ما بين الطموح ... والكوتا.

مهند أبو شمة

بها أبدأ مقالتي، مزجيا لها التحية، ولها؛ للمرأة الفلسطينية، أقول: كوني المربية، القائدة، الفاعلة، الريادية، الواثقة، الطامحة، وكوني كما أنت ..المرأة القوية ، لتبقين في المكان والمكانة التي تستحقين، غير آبهة بنسبة تفرضها الأنظمة والقوانين، فأنا ممن تستفزهم عبارة الكوتة النسائية، وكأن دور المرأة وحضورها مجتمعياً ووطنياً أصبح مقترنا فقط بنسبة تفرضها الأنظمة والقوانين، ليغدو طموح المرأة محدودا بسقف الكوتا التي تفرضها سياسة الترشح والترشيح.

هنا؛ يستوجب الأمر وقفة ومراجعة معمقة كي لا يكون هناك تمييز في العمل الوطني والسياسي والمجتمعي بين المرأة والرجل، فالمرأة نصف المجتمع، وأعباؤها اليومية تتجاوز الثلثين إن أردنا الاحتكام لنوعية العمل وأهميته، فهي الموظفة، والعالمة، والمرشدة، ومدبرة المنزل، ومربية الأبناء، والمعتنية بالزوج والراعية للأهل، ولا أظن أن هناك قائداً سياسياً كان أو وطنياً أو في أي ميادين الحياة لم يتربّ على يدي امرأة, ولا أظن أن نجاحاً حالف إنساناً منا، لم يكن للمرأة نصيب فيه، أكانت أمّا أو زوجة أو أختاً، أومعلمة أو حتى زميلة !! .

فالتاريخ يشهد وفي مراحله المختلفة كم كان للمرأة حظوظ وحضور دون أن يكون هناك كوتة، أو أنظمة أو قوانين تحدد عملها وكينونتها في مجالات الحياة المختلفة، فاليوم ودون تحيز ينبغي إعطاؤها حقها الطبيعي، ما يستوجب التفكير بكيفية التخلص من الكوتا النسائية بمنح المرأة حقها ومكانها ومكانتها التي تستحق، ولتنافس المرأة الرجل في الميادين المختلفة طالما هي أهل لذلك، فالكوتا النسائية -كما أراها- تحد من تقدم المرأة وطموحها، فلنطبق المعايير بالتساوي ودون محاباة بين الرجل والمرأة، ولتكن العدالة والمساواة الشعار السائد في الترشيح والترشح لكافة المناصب والمواقع في الوطن، ودعوني هنا أطرح سؤالاً : ماذا لو كانت هناك قائمة نسوية موحدة في الانتخابات التشريعية القادمة؟ وتشكلت من مجموعة نساء قياديات مشهود لهن في المجتمع، فما النسبة التي سيحصلن عليها ؟ الجواب طبعاً وبالتأكيد ، سيحصلن على نسبة تمثيل تفوق نسبة أي فصيل فلسطيني، فهل يتم أخذ ذلك بعين الاعتبار عند طرح سيناريوهات تشكيل القوائم؟ وما هي حظوظها؟ وهل سنقبل أن تقوم بتشكيل الحكومة امرأة فيما لو حصدت قائمة المرأة أعلى الأصوات؟ من أجل ذلك فعلى المجتمع والساسة منح المرأة حقها وفرصتها في القوائم الانتخابية بعيداً عن الكوتا، وبعيداً عن فرضية أن الحد الأدنى حسب الكوتة هو الطموح الأعلى لدور المرأة في معترك السياسة وإدارة شؤون الدولة .

بناء على ما سبق، وباستقراء موضوعي للقضية برمتّها لا يمكن تجاهل حقيقة أهميّة المرأة تماما كأهمية الرجل، ولا نفشي سرّا حين نقول إن هناك ظلما مجتمعيا وثقافيا كامن في الحد من تطور طموح المرأة للمواقع التي ترغب فيها، وفي ذلك عدم اعتراف وتقليل بأهمية دورها مجتمعياً وسياسياً.

حتى نكون موضوعيين، ومن باب وضع الأمور في نصابها لا يمكن إغفال ما يلحق بالمرأة أحيانا من ظلم سببه المرأة نفسها، فالكثير من النساء يمتلكن قدرات وإمكانيات ومؤهلات وصفات قيادية، لكننا نجدهن وقد تقوقعن على ذاتهن مستسلمات لثقافة موروثة أو ظلمٍ مجتمعي؛ عنوانه الأبرز أن للمرأة مجالات محدودة للمشاركة أو العمل فيها، فالماجدات الفلسطينيات سجلن –ولا زلن يسجلنّ- قصصاً عظيمة في النضال الوطني والسياسي، فمنهن شهيدات وأسيرات، وجريحات، وأمهات شهداء وأسرى وجرحى، وخنساوات فلسطين، ومربيات أجيال ، ودلال المغربي وأخواتها، وحارسات الأرض، ومنهن من كان لهن حضور لافت في قيادة المؤسسات النسوية والحكومية والعامة.

حبا الله المرأة بصفات تربوية دون تحصيلٍ علمي ، فكيف إذا تكاملت هذه الصفات مع مؤهلات وخبرات؟ تساؤل هدفه التأكيد لا الحصول على إجابة، فبعض الأسئلة وتحديدا من هذا النوع إجابتها واحدة، تماما كالوطن، فهمومه واحدة، والشراكة في تغيير الواقع يقودها الحريصون من رجال ونساء، فلنعطِ المساحة لمستحقيها، وليتقدم الصفوف أهل الهمة والعزيمة من نساءٍ ورجال، ولنكرم المرأة ونفاخر ونباهي بها ،" فما أكرمهن إلا كريم " وفلسطين مفعمة بكرم أهلها ورجالها .

هي رسائل، وسواء أحققت ردّة فعل أو مجرّد تأمل، ففي كلتا الحالتين يتحقق الهدف، المهم ألا يبقى التعامل مع بعض القضايا وكأنها" عابرة في كلام عابر".