|
هنا باقون ...ما بقي الزيت والزعتر
نشر بتاريخ: 18/02/2021 ( آخر تحديث: 18/02/2021 الساعة: 14:17 )
نحن مختلفون بكل شيء ، لم نعتد كغيرنا أن نصحو على زقزقة العصافير على الأشجار التي تحيط بالمنزل فقد اقتلعوا كل الأشجار وبعد الاشجار هدموا المنزل واستولوا على الارض والمكان ، لم نعد نصحوعلى صوت المؤذن ينادي لصلاة الفجر ويصدح صوته ويقتحم هدوء ساعات الفجر الأولى ، فالاذان منع وبعض الجوامع هدمت وفي حالات كثيرة اعتقل المؤذن وتفرق المصلون . بالامس القريب هدموا خربة حمصا الفوقا في منطقة الأغوارالمستهدفه باستمرار من الاحتلال الاسرائيلي وشردوا أهلها وناموا ليلتهم في العراء مع أطفالهم ، وهذه لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها هدم مبان في الخربة فقد سبقها وبالتحديد في تشرين ثاني من العام الماضي 2020 عملية هدم كبيرة شردت السكان ودمرت المباني التي كانوا يقطنونها والتي كانت قد مولت من قبل دول الاتحاد الاوروبي والذي أعرب عن أسفه على ما جرى وطالب اسرائيل بوقف الهدم والتوسع الاستيطاني و أعرب عن معارضته الحازمة لسياسة الاستيطان والهدم والاستيلاء على المنازل ، وتناقلت وسائل الاعلام المختلفة صورة طفله في أشهرها الاولى مع والدتها والتي تقوم بتغسيلها في البرد القارس تحت قبة خيمة صغيرة لن تفارق مخليتي ونحن في شهر شباط شديد البرودة ، فكيف لهذه الصغيرة واخوانها أن ينسوا من هجرهم من بيتهم وتركهم يلتحفون السماء ليال طويله ، ولسنوات طويله نتابع ما يحصل في مسافر يطا جنوب الخليل حيث حول الجيش الاسرائيلي المنطقة الى ساحة حرب بسبب التدريبات العسكرية التي يجريها باستمرار في تلك المنطقة ، فهجروا سكانها ، ودمروا الاراضي الزراعية والمحاصيل التي يعتاش منها السكان وقبلها ما حدث في الخان الأحمر من ترهيب وضرب للسكان وتدمير للخيام ومحاولة يائسة بائت بالفشل لتهجير البدو سكان تلك المنطقة من خيمهم . وبالأمس أيضا وما أكثر مأسي الامس ، صدر قرار جائر بحق عدة أسر من حي الشيخ جراح ، فقضيتهم والتي يعرفها الصغير والكبير هنا في مدينة القدس ، قضية شائكة فكيف بنا أن نتوقع الخير من محكمة تمثل الاحتلال وتقف الى جاب المحتل ومستوطنيه ، وترفض حتى أن تناقش معهم قضية الارض وملكيتها ، فماذا سيحصل مع هذه الاسر والتي ستجد نفسها في الشارع بعد أيام وتطرد من منزلها الذي بني قبل دولة الاحتلال ، عاشت فيه لاجيال ، فالجد والجدة انتقلوا لمنزلهم في هذا الحي بعد أن هجروا في العام 1948 ، وأنجبوا الابناء وزوجوهم ، وجاء الاحفاد وكبروا وتزوجوا ، فكل هذه الاجيال لن تنسى ، فقد حفظت عن ظهر قلب قصص التهجير واللجوء والحرب والاحتلال والمعاناة والقتل والدمار ، فلن ترحل . ان المشاهد المتداخله من المعاناة بشتى أنواعها وأشكالها في فلسطين ، فحصار غزة وعزلها عن توأمها الضفة الغربية والقدس الشريف ، وفرض جدار عازل كئيب قبيح حول مدينة القدس وسجن أهلها لابعادهم عن أهلهم وذويهم في الضفة الغربية ليتمكنوا من تنفيذ مخططهم الهادف الى التخلص منهم وتشريدهم وسحب هوياتهم وتقليص عددهم والاستيلاء على ممتلكاتهم وسن قوانين جائرة تسمح لليهودي بالمطالبة بأملاكه التي يزعم بملكيتها قبل العام 1948 بينما ترفض أن تمنح الحق نفسه للفلسطيني وتمنعه من المطالبة بحقه في أملاكه قبل العام 1948 ، كل هذا يعزز من صمود الفلسطيني على أرضه ، ويمنحه جرعات يومية من المقاومة والتحدي والصمود ، فقد تعلم الصغير قبل الكبير أن علينا واجب مقدس وأن مهمتنا شامله وكبيرة وأن في الاتحاد قوة وأن علينا واجب وطني بمساندتهم ودعمهم والوقوف معهم لنحميهم . لن نعيش اليأس ، فقد رضعنا مع حليب امهاتنا أن لا يأس مع الحياة ، تنتابنا ساعات أو أيام نعيش فيها واقعنا المرير دون زخرفة ودون ألوان ، ولكنا على قناعة مطلقة أن الحياة جنة اذا أردناها كذلك ، واذا فكرنا وعددنا جمالها وسبب حبنا لها ، فسنبدأ بسرد الاسباب ولن ننتهي ، فنحن لم نولد على هذه الارض فحسب ، بل ولدنا وهي فينا ، وحبها يسري مع دمنا في عروقنا ، ونحن باقون ما بقي الزيت والزعتر . الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني . |