كان يا ما كان

الاسير ربيع ربيع
كان يا مكان هُنا في أَرضِ كَنعان جَنَةُ اللهِ في أَرضهِ سَكَنَ الإخوَة والأخوات ، وعاشوا في حُبٍ وَحَنان قَبلَ أَن يَصيِروا فِي ذاكِرَة النِسيَان .. فإنقسَمَت الجَنَة قِسمَان ، كُنتَ إِدا نَظَرتَ عَن يَميِنِكَ رأَيتَ جَنَةَ الجَنوب ، قلعتاً حَصينَةً في القُلوب سَكَنَت البَحرَ لِأنها لا تغشَى الغَرَقَ ولا تخشَى البِحَار ولا تَهَابُ قُبطَان
هُنَا غَزَةَ هاشِم هُنَا رَفَح هُنَا البَيتُ والخَان وَهُنَا بَسالَةُ الفُرسَان . وإذَا نَظَرتَ عن شِمَالِكَ رأَيتَ جنَةً فِيهَا جَبَلُ نَارٍ وَمهدُ المَسِيح وَقُدسُ أَقداس وكَرمُ زَيتُونٍ وَخَليِلُ رُحمَن ونعمهُ رِباطٍ وَرِزقً كَريِم وَمغفِرَةُ ديانِ ، إنَهَا بَلدةً طَيبَة وَمَطمعٌ لِكُلِ شيطَان .. فتَسَللَ إليهَا آهلُ شَرٍ وأَصحَابُ فَسَادٍ وطُغيِان ، فَبَثُوا كُلَ دَسِيسةٍ وَفُرقةً وَنَشَروا كُلَ رَذِيلةٍ وَقبِيحةٍ ، وَعاثُوا خَراباً وَدَماراً وَتَشرِيداً وإستِيطَان .
فَصَمدَ مَن صَمد ونَزَحَ مَن نَزَح ، وَصعَدَ مَن صَعَد وَقَعدَ مَن قَعَد وَتَغيَرَ السُكان . وَفِي غَفلةِ الصَمت القاتِل قَامَ مَن آرادَ القِيَام يراعٍ وَحُسام فأطلَقُوا النِيران وَرمُوا الحِجَارة وَفَجَرُوا الرُمَان ، تَارَةً عَواصِفاً وَتارةً بُركَان فَكثُرَت زِيارةُ القُبُورِ وإشتَدَ على الجِلدِ سِياطُ السَجَان وفي ثَورَةِ النُهوضِ مِنَ الرُكام بدأَت ثَورةُ الإِنقِسَام فإنقَسَمت الجنَةُ جَنتَان وأصبَحَ لِكُلِ جَنةٍ مَجانِينُهَا فَرمُوا حَجَراً فِي بِئرِنا فَلا حَكِيمٌ إستطَاعَ إخراجُه ولا عَاقِلٌ آخرَجَ لَنَا مَاءً نَشرُبه .. والى الآن آصحَابُ الحَجرِ مُعرِضون فظَلوا سَعيهُم وهُم يَحسِبون آنهم يُحسِنون صُنعً فعاقَبهُم الله بِما كَسِبَت أياديهم وأيدي اعدائهُم لِيعتَبِروا آولو الأَبصَار فَجنوباً كَثُرَ الحِصار وآشتَدَ الدَمَار وحَلَ الطُوفان .. وَشَمالاً آشتَدت القَطِيعَة وَسُعِرت الوَقِيعة وكَثُرَ الإستِيطان وَبَدلَ الله بِمَا صَنعُوا جَنَتَهُم بِجَنتَينِ ذَوَاتَىْ أُكُلٍ خَمْطٍۢ وَأَثْلٍۢ وَشَىْءٍۢ مِّن سِدْرٍۢ قَلِيلٍۢ
وَجزَا الله كُلَ كَفُورٍ خَوَان وَمَرت بَعَدَ ذَلِكَ سَنَواتٍ عِجَاب وَسنَواتٍ خِداع وَسَنواتٍ يابِسَات وَسنَواتٍ مُنكَرات وَسنَواتٍ سَيئِات مِن المُفاوضَات حَتَى صَارَت حَياتُنَا مُفاوَضات .
خَمسٌ وَعِشرُونَ عَامَاً مِن المُفَاوَضاتِ مَعَ الأعداء وخَمسةَ عَشَرَ عَامَاً مُفَاوضَات مَعَ الآشِقَاء وَهَذِهِ كَتِلكَ المُفَاوضَات وَحِوارتٍ وَمُحَادثَات مَعَ الإخوَة والأخَوات.
فَهَل يُصلِحُوا كُلَ هَذا العَوَضِ فِي صَندُوقِ الإنتِخَابَات !!! وَبَشِر المُفَاوِضِيينَ عِندَ النَصرِ فاللَذِينَ إذَا إِنتَكَسُوا فِي المُفَاوضَاتِ بَعدَ العَصرِ ، ذَهَبُوا إلى الإنتِخَاباتِ فِي مَطلَعِ الفَجر وَقَالُوا هَل يُصلِح العَطارُ مَا آفسَدهُ الدَهر ؟؟!!