|
خُطة النقل العام لمنطقة رام الله والبيرة الحضرية تُهدء طوفان المركبات وتقلل الأزمة
نشر بتاريخ: 24/03/2021 ( آخر تحديث: 24/03/2021 الساعة: 15:04 )
رام الله- معا- في كل صباح، تدور عقارب الساعة بحثاً عن شادي في أغنية لفيروز، وأنت تنشغل في ذات الوقت في البحث عن ملاذ آمن لتفر من خلاله إلى عملك دون أن تعلق في أزمة مرورية خانقة وتنال قسطاً من اللوم إن تأخرت نصف ساعة !.. هي حكاية واقعية يقضيها المواطن أثناء تنقله داخل المنطقة المترابطة المكونة من مدن ( رام الله البيرة بيتونيا) والتجمعات المحيطة، إذ يعيش معاناة يومية بفعل تزاحم المركبات وازديادها، وضيق الشوارع، وتراجع البنى التحتية فيها. حيث بات المواطن المقيم في مدينة رام الله على سبيل المثال يقضي نصف ساعة في مركبته حتى يصل إلى وسط المدينة، وهو ما ينطبق أيضا على معظم المدن الكبرى على وجه التحديد. لذا كان لا بد من إيجاد حلول واقعية للأزمة المرورية التي تشهدها المدن الثلاث، فعمدت هذه المدن من خلال وحدة التعاون المشترك لبلديات رام الله والبيرة بيتونيا على إعداد خطة مرورية شاملة للمنطقة أطلقتها العام 2017 لمعالجة الاشكاليات الرئيسية القائمة المتعلقة بالازدحام المروري والوصول إلى المناطق والامان بحيث وضعت حلولاً على مدار 16 عاماً قادمة، ومن بينها ضرورة تطوير نظام مواصلات عامة يحاكي في أهدافه نظم مواصلات عالمية. لذا عمدت البلديات الثلاث بالإضافة إلى بلدية سردا ابو قش في العام 2019 وضمن مهمات مشروع المدن المتكاملة والتنمية الحضرية الذي ينفذ باشراف من وزارة الحكم المحلي وبتمويل من البنك الدولي عبر صندوق تطويروأقراض الهيئات المحلية و بالتعاون مع وزارة النقل والمواصلات و المجلس الأعلى للمرور على اعداد بنود مرجعية لمهمة إعداد المخطط الشمولي للنقل العام للمنطقة الحضرية رام الله والبيرة، حيث تم التعاقد نهاية 2019 مع تألف شركات عالمة ومحلية لتنفيذ اعداد هذه الخطة . إذ يتم في المرحلة الحالية مناقشة سيناريوهات النقل العام. ويهدف المشروع بحسب ما أوضحت منسقة وحدة التعاون المشترك م. خولة عابد، إلى تقديم مستوى عالٍ ونوعي من الخدمات المستدامة في مجال المواصلات العامة، وتقليل الازدحام، وتحسين الآمان والوصول إلى المناطق الحضرية بسهولة، بجانب توضيح الخطوط الرئيسية للمواصلات ودراسة الجدوى الأولية لوسائل النقل ( الباص السريع، القطار الخفيف)، وتبيان الاستثمارات الرئيسية التي يجب أن تتم في مجال البنى التحتية كـ تحسين خطوط المواصلات وإنشاء المحطات المركزية للمواصلات العامة. وقالت عابد:"عملنا على جمع البيانات وتحليلها وتضمينها في الخطة التي شملت عدة مشاريع تهدف للوصول إلى مستوى مروري مقبول لدى المواطن، وتحسين المواصلات العامة والبنى التحتية" وأضافت:"الموارد محدودة، ونحن نسعى ضمن نطاق زمني معين على تقديم خدمات يمكن أن يلمسها المواطن على أرض الواقع". البديري : النقل العام اولوية لنا .. ونسعى معا لتجنيد التمويل" أكد وكيل وزارة الحكم المحلي د. توفيق البديري على أهمية تنفيذ خطة النقل العام على أرض الواقع لاعتبارها أداة مهمة للحد من الأزمة المرورية والاعتماد على المركبات الخاصة. مشيراً بقوله إلى الدور الذي تلعبه الوزارة من خلال رسم السياسات العامة للخطة باعتبارها من أهم أولوياتها. وقال البديري: " نحن شركاء في انجاح الخطة، والمساعدة في رسم السياسات العامة، وتجنيد التمويل والبرامج المطلوبة ، إذ يشكل النقل العام أولوية لنا للحد من الأزمة المرورية واتباع وسائل نقل جديدة غير موجودة". وأوضح بأن وزارة الحكم المحلي كشريك في المشروع، تعتبر خطة النقل العام أحد الوثائق الرئيسية المهمة لبناء المخططات الهيكلية للمناطق الحضرية، والوصول الى تحقيق تنمية مستدامة. وفي ذات السياق، أشار البديري خلال حديثه إلى الدور التشاركي المثمر الذي تلعبه كافة الأطراف الشريكة في المشروع، حيث تسعى وزارتي الحكم المحلي والنقل والمواصلات بجانب البلديات وهي لاعب رئيسي في الخطة في التنسيق معاً من أجل تجنيد التمويل اللازم لتنفيذ الخطة. مشيرا بأن توفير وسائل النقل المطلوبة يحتاج إلى تكاليف عالية. وقال: " على الهيئات المحلية والمؤسسات الوزارت كافة تبني الخطة، وتنفيذ التدخلات ضمن خطة زمنية واضحة، حيث يفترض البدء بتنفيذ أي تدخل على المدى القصير كخطوة أولى" حمدان :" وزارة المواصلات شريك وداعم ..و الاستثمار في النقل مكلف" أكد الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للمرور/ وزارة النقل والمواصلات، محمد حمدان، على أهمية تنفيذ خطة النقل العام على أرض الواقع إذ تساهم في تخفيف الأزمة المرورية والتحول من عملية النقل الإشعاعي ( قدوم المواطن إلى مركز المدينة لينطلق منها إلى الأحياء)إلى النقل الدائري، حيث لا يلزم المواطن المرور بمركز المدينة كي يصل مقصده. كما تساهم على حد قوله في تفريغ مركز المدينة من المركبات العمومية ونقلها إلى أطراف المدن، حيث يتوقع توفير 3 محطات مركزية للمركبات في الثلاث مدن ( رام الله البيرة، بيتونيا ، سردا/ ابو قش) وربطها في بعضها البعض بما يخدم التنقل داخل الأحياء والمجمعات الثلاث. قال حمدان:"المشروع يشجع المواطنين على استخدام وسائل النقل العام للتنقل وبتكلفة أقل مما هو متوفر في النقل الحالي، ومرافقة حافلات صديقة للبيئة". وبما يخص المركبات العامة (سرفيس)، قال حمدان :"الخطة أخذت بعين الاعتبار هذا الامر، سنجد حلاً تكاملي لأصحاب السيرفيس، من خلال العمل على الخط الرئيسي للحافلة ( كوريدور رئيسي) حيث يصبح السيرفيس مغذي للخط، وعليه لن يتأثر مستوى الدخل الذي يحققه كلا من خط النقل العام والسرفيس". وعن الدور الذي تلعبه وزارة النقل والمواصلات كشريك لتنفيذ المشروع، قال حمدان :" نحن نسير خطوة بخطوة مع الشركاء في عملية تكاملية من أجل تنفيذ المشروع، والدراسات قد تعثرت بفعل جائحة كورونا ولكن نحن مستمرون ، وسنقدم الدعم الكامل". وعن مرحلة التنفيذ قال: " الدراسات لم تنتهي بعد، والاستثمار في النقل استثمار مكلف والعائد المادي غير مشجع للاستثمار من قبل القطاع الخاص". البلديات الشريكة : " الخطة ستوقف النزيف وتنقذ البلاد من أزمة خانقة" " الحلم الاكبر العمل بمنظومة النقل العام ( الجماعي)" وعن أهمية الخطة، أوضح رئيس بلدية رام الله، م. موسى حديد، بأنها تهدف إلى وضع حلول جذرية وفعالة لمعالجة الواقع المروري الحالي والأزمة المرورية. مؤكداً بقوله على أهمية وضع رؤية مستقبلية في ظل التوسع الذي تشهده مناطق جذب السكان ( رام الله، البيرة، بيتونيا، سردا/ أبو قش)، خاصة وأن واقع المدن غير مؤهل ومنذ سنوات طويلة لاستيعاب تزايد عدد السكان والمركبات. وقال حديد:"على مدار الأشهر ماضية، بذل الفريق الفني للمشروع جهداً واضحا لدراسة الواقع المروري في المدن، إلا أن الدراسة قد تعثرت بفعل جائحة كورونا وتوقف الحركة الاعتيادية، ولكننا استطعنا رغم هذا رسم نموذج هو اقرب للواقع" . وأوضح خلال حديثه بأن الحلول التي ستجدها الخطة مستقبلاً ووفق الامكانيات المتوفرة حاليا يمكنها أن تحدث بعض التغيرات على الواقع المروري أن تم تنفيذها بالشكل الصحيح. وقال:" نأمل من خلال المشروع وقف النزيف الحالي حيث الازمة في ازدياد، والحلم الأكبر لدينا هو أن تنهض البلاد بمنظومة النقل العام (الجماعي)، حيث لا يمكن الاعتماد على النقل الخاص، وهذا يتطلب تأهيل البنى التحتية وتنظيم العمل بما يشمل مجمعات للمركبات ومنع دخول السيارات العمومية (الفوردات) الى مراكز المدن، وتغيير مسالك الشوارع، بجانب تعزيز ثقافة المواطنين تجاه أهمية النقل العام". أضاف حديد:"نريد إغراء المواطن وإقناعه بأهمية منظومة النقل العام التي تتسمبـ المصداقية والامان، لذا يجب العمل على إطلاق حملة توعوية تشمل كافة محافظات الوطن لتعميم فكرة المشروع". وبدوره أكد رئيس قسم الطرق والمواصلات في البلدية،م أنس حسن، على أهمية خلق نظام جديد منافس ومتكامل مع حركة المرور في المدن الثلاث، مشيرا إلى اتسام نظام النقل العام بالمصداقية والمواءمة والشمولية. وقال حسن :" نحن نسعى الى تحقيق منظومة مرور متكاملة على أرض الواقع، حيث تعتبر خطة النقل العام للمركز الحضري رام الله البيرة من أهم مخرجات الخطة المرورية التي عملت عليها البلديات الثلاث ( رام الله، البيرة، بيتونيا) في الفترة الزمنية ما بين (2016-2032)،بجانب المشاريع الأخرى كالنقل التجاري ومسار سير الشاحنات بهدف تقليل الأزمة". وبدوره، أوضح رئيس بلدية البيرة، عزام إسماعيل، الدور الذي تلعبه وحدة التعاون المشترك لبلديات رام الله البيرة بيتونيا من أجل النهوض بالخطة لاعتبارها أحد أهم أولوياتها. وقال إسماعيل : "تم وضع المقترحات والسيناريوهات الأولية لمعالجة الأزمة وما يتعلق بالمواصلات العامة ومنها استعمال باص خاص داخل المدن، إغلاق بعض المناطق أمام حركة السيارات الخاصة، إيجاد مواقف للسيارات على أطراف المدن الثلاث". مشيراً إلى أهمية إعادة دراسة المقترحات التي ستشكل فيما بعد قاعدة لحل الأزمة. وقال رئيس بلدية بيتونيا، ربحي دولة، مشيراً الى الأزمة المرورية في منطقة بيتونيا : " نحن نواجه أزمة مرورية من جهة و أزمة قيم من جهة أخرى وتتمثل بعدم الالتزام بالمواقف الخاصة بجانب ما يمارسه سائقو المركبات العامة من أخطاء مرورية والاصطفاف على جانبي الطريق مما يتسبب هذا بأزمة سير". وعن دور البلدية، قال دولة :"نحن كشركاء في المشروع نضع الحلول بتوفير مساحات من الأراضي كي تستغل كمواقف لاستقبال المركبات، وتوفير محطات لنقل المواطنين حيث تم اقتراح 3 محطات للنقل العام وتتمركز على مدخل البيرة الشمالي والجنوبي امتداداً إلى قلنديا، ومحطة أخرى في بيتونيا". حمدان : يعيقنا التمويل .. والاحتلال هو معيق دائم لمشاريع التنمية بلدية رام الله : " على الحكومة أن تذلل العقبات .. لا المشروع فقط" " الاحتلال، التمويل". كلاهما يساهمان في إعاقة عمل تنفيذ المشاريع على حد قول رؤساء البلديات الشريكة في المشروع ، والرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للمرور، حيث أكدا على أهمية السعي لإيجاد بدائل للتمويل في ظل تراجع الدعم الخارجي، و قيام الحكومة بتذليل العقبات من أجل تنفيذ المشروع. قال الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للمرور/ وزارة النقل والمواصلات، محمد حمدان:" لدينا عائق في التمويل وآخر في ظهور الأثر الاجتماعي والبيئي تجاه تغير أنماط النقل المتبعة حاليا، وثالث مرتبط بوجود الاحتلال الإسرائيلي". وعن خلق بدائل للتمويل في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، قال حمدان :" بعد انتهاء الدراسة، قد نحتاج للبحث عن بدائل اخرى للتمويل، وقد تتمثل بإيجاد شراكة ما بين قطاعي العام والخاص، أو استثمار من قبل البلديات، أو البحث عن جهة مانحة تقدم دعماً أولياً للمشروع للتأكد من استمراريته.." مشيرا بقوله إلى ما شهدته السلطة الفلسطينية من إرهاق في موازنتها، وتخفيض في الدعم الخارجي مما تسبب هذا في قلة التمويل وتقديم الدعم. وبدوره أوضح رئيس بلدية رام الله ،موسى حديد، خلال حديثه، بأن واقعاً قد فرض منذ سنوات طويلة يتعلق بخطوط النقل العام وما تملكه بعض الشركات من امتيازات تتحكم في عمل المواصلات. مشيراً بقوله إلى أهمية تنفيذ المشروع في مختلف المحافظات وليس في المدن ( رام الله، البيرة، بيتونيا، سردا ابو قش) التي يستهدفها المشروع. وعن الدور الحكومي، قال:"على الحكومة أن تذلل بعض العقبات وأن تكون شريكاً أساسياً في تنفيذ مخرجات المشروع، وإلا سيكون حبراً على ورق". وفي ذات السياق شدد رئيس بلدية البيرة، عزام اسماعيل، على ما ذكر سابقا، بأن ما قد يقف عائقا بجانب العامل المادي هو توفر الإرادة واتخاذ القرار، خاصة وأن بعض القرارات كتحسين البنى التحتية و استملاك الأراضي بشكل مؤقت وتوفير مواقف للسيارات تحتاج إلى تضافر وتعاون الجهود ما بين البلديات والحكومة. وقال :" نحن نريد إرادة سياسية واقتصادية". فيما شدد بلدية سردا / أبو قش، فرح أبو زيد، على أهمية الدور الذي تلعبه البلديات معاً وبشكل متكامل من أجل تنفيذ مشروع النقل العام باعتباره أحد أهم ركائز التطوير والاستدامة في المدن المستهدفة. إذا فقد يشكل مشروع إعداد المخطط الشمولي للمنطقة الحضرية رام الله والبيرة جسراً للنهوض بالواقع المروري في المناطق الحضرية في ظل ازدياد عدد السكان والمركبات، حيث أصبح الأمر ملحاً بتنفيذ المشروع على أرض الواقع وتقديم الدعم له ورفده بما يلزم من أجل تحقيق التنمية المستدامة والنمو الحضري.
|