|
نتنياهو وتحقيق الدولة الفلسطينيّة بالمقلوب
نشر بتاريخ: 27/03/2021 ( آخر تحديث: 27/03/2021 الساعة: 01:24 )
أنا شخصيّا، ودون مواربة ولا "تزويق"، لا أصدّق كلمة واحدة يقولها نتنياهو بخصوص الدولة الفلسطينيّة أو بخصوص أيّ أمر آخر، مهما كان بسيطا، يخصّنا نحن الفلسطينيين. نتنياهو "مُعلّم" و"بروفيسور" في المُراوغة والكذب، ليس علينا كفلسطينيين تحت الإحتلال، تتحكّم الدولة المُحتلّة التي يقودها نتنياهو، في كل صغيرة وكبيرة من مناحي حياتنا، وإنما أيضا على الإسرائيليين أنفسهم. آخر ما تفتّقت به عقليّة نتنياهو و"نظريّته" السوسيولوجية "الخلاقة" لتحقيق "الدولة الفلسطينيّة"، هي أنّ هذه "الدولة العتيدة" ستتحقق من خلال "السلام مع العرب وليس مع الفلسطينيين"!!! هل يعني ذلك أننا نحن الفلسطينيون "شاهد ما شافش حاجة"، وأننا ببركات "العم نتنياهو" سننام بأمان الله، و"يا غافل إلك الله"، ونستفيق في اليوم التالي وإذا بدولة فلسطينيّة "مُصفّطة" مُرتّبة ملفوفة بورق السوليفان أنجزها نتنياهو "مشكورا" من وراء ظهورنا مع الأشقاء والإخوة العرب، ولم يُكلّفونا "مشقة" المشاركة في بلورة هذه الدولة؟؟؟!!! نتنياهو أصلا ومنذ البداية كان "معاديا" لإتفاقات أوسلو ومخرجاتها وتفرّعاتها وسيرها ونتائجها، فإذا كان رافضا بصورة جليّة لأوسلو فكيف به والحالة هذه أن يقبل أو يعمل مع العرب من أجل دولة فلسطينية؟؟!! تلد بعمليّة قيصريّة بعد مخاض سنوات أخرى قادمه، الله وحده يعلم عددها، وذلك حتى ينتهي السيّد نتنياهو من نصب خيام السلام مع العرب لتتبلور في النهاية، بقدرة قادر وتحصيل حاصل، دولة فلسطينية حسب نظرية نتنياهو "الثوريّة". نتنياهو بكل بساطة يا سادة يا كرام يضحك علينا ويستهبلنا، فهو يُطبّق لبّ الخط الصهيوني العقائدي منذ مؤتمر بازل الصهيوني الأول عام 1897، الذي نصّ على أن فلسطين "ارض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فهل حقا وبعد أكثر من 120 عاما على هذا المؤتمر يرانا نتنياهو كشعب أم أنّه ما زال يُناور في ذلك؟؟!! نتنياهو غارق حتى أذنيه في ملفات الفساد المُضطردة، ولكنه من جهة أخرى ما زال الشخصيّة السياسيّة الأولى على الساحة السياسيّة والحزبية الإسرائيلية، ويتصادف كتابتي لمقالي هذا يوم الإنتخابات في إسرائيل وكل الدلائل والإستطلاعات تُشير إلى أنّ حزب نتنياهو الليكود سيكون في الصدارة. هذا يعني أن أفكار نتنياهو تجد آذانا صاغية لدى شريحة كبيرة من المجتمع الإسرائيلي، وأن إسرائيل بالنهاية ما هي إلا مجموعة من "النتنياهات" بتفاوت ضيل بين مكوّناتها ولكن دائما ما "تتبارى وتتنابز" في يمينيّتها وحتى فاشيّتها تجاه الشعب الفلسطيني الرازح بقسوة تحت حراب الإحتلال. لا فائدة تُرجى من نتنياهو، توأم ترامب الذي دمّر القضية الفلسطينية إلى الحد الذي صرّح به مؤخّرا ذلك الأمرد كوشنير بأن القضية الفسطينية ما هي إلا "صفقة عقارية" سهلة الحلّ. وهذا ما يعتقده نتنياهو ويُريدة بأن جلّ ما يجري منذ أكثر من سبعين عاما من الدماء والمعاناة والإحتلال لا يعدو أن يكون "تقاسم" شقة في عمارة جديدة. تأخذ إسرائيل بقوّتها العسكرية الغاشمة غرف النوم والصالون والبلكونة والحمّامات والمطبخ والممرات، ويُبقون للشعب الفلسطيني غرفة واحدة مُحاصرة لا يستطيع الفلسطيني من التحرّك داخلا أو خارجا أو حتى "لقضاء حاجته" إلا بأمر إسرائيل وجنودها المُدجّجين المُتحفّزين لاطلاق النار إذا ما زلّت رجل الفلسطيني بالخطأ أو بالمصادفة ودعست على سجاد الكوريدور المُسيطر عليه إسرائيليّا. حتى ينتهي نتنياهو من السلام مع العرب الذي سيفضي بصورة أتوماتيكية لسلام مع الفلسطينيين حسب نظرته ونظريّته، يُخشى من أن يبقى فقط، أمام غول الإستيطان الإستعماري الإحلالي وتغوّله، بعض "الجزر" الصغيرة المعزولة من الأرض للفسطينيين بكثافتهم السكّانيّة، تجمّعات سكّانية معزولة وغير مترابطة فيما بينها إلا ببعض الأنفاق وربما الجسور ومربوطة ببعض ب"المشابك ونكاشات الأسنان" و"نكاّشات رأس بابور الكاز نبحث عنها في المتاحف". كاتب ودبلوماسي فلسطيني |