|
بانتظار توضيحكم!
نشر بتاريخ: 07/04/2021 ( آخر تحديث: 07/04/2021 الساعة: 21:13 )
بقلم: د. صبري صيدم
ما زلت أنا وغيري من عائلات الشهداء، الذين ارتقوا، على مدار عقود من العمل النضالي الفلسطيني، ممن قضوا ودفنوا في مقبرة الشهداء الفلسطينيين في مخيم اليرموك، يبحثون عن إجابات تخص مصير رفات أحبابهم، بعد أن أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية وعربية عن قيام البعض بالبحث عن رفات جنود إسرائيليين في تلك المقبرة، وهو ما تم نفيه في عدة مناسبات.
لكن وقوع المقبرة تحت سيطرة قوى مختلفة، قاد إلى ضياع الحقيقة، فتارة يقال إن المليشيات المسلحة التي سيطرت على المقبرة، قامت بتسليم رفات هؤلاء الجنود لإسرائيل، وتارة أخرى يقال إن قواتٍ تتبع لدولة غربية، قامت بالبحث عن رفات أحد الجنود وتقديمه «هدية» لإسرائيل.
وما يؤلم الصدر أكثر فأكثر هو أن عملية البحث، أضافت دماراً على دمار، وحزناً على حزن ليس لكون المقبرة قد دمرت بفعل القصف والدمار الذي لحق بالمقبرة، بل لأن المشاهد والصور التي وصلت من هناك، تشير إلى تمشيط كامل للمقبرة، أدى إلى انكشاف رفات الشهداء ودمار قبورهم واختلاط عظامهم وإهانتهم بصورة غاية في الإيلام.
وعلى الرغم من محاولة قطع الشك باليقين فإن البعض تعامل مع الموضوع في إطار التجاهل والتسويف، بينما اعتمد البعض الآخر أسلوب الكذب والتضليل، في محاولة شرح ملابسات الأمر، وقد يضطرني صمت البعض وتغاضيهم، إلى فضح ما توفر لديّ من حقائق دامغة ذات يوم.
ولعل ما زاد التعقيد الذي يكتنف هذا الأمر، هو نشر إحدى وسائل الإعلام العبرية لوثيقة قيل إنها كتبت ورسم بعض أجزائها بيد الشهيد الراحل أبو عمار، تشير إلى خريطة توضح موقع وجود رفات مزعومة لجنود إسرائيليين، قتلوا في لبنان إبان الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 ودفنوا في تلك المقبرة في دمشق.
أياً كانت التفاصيل فإنني أقول للجميع إننا في انتظار التوضيح المنطقي والمقبول لما جرى ويجري، كما ننتظر بحرقة إعطاء الضوء الأخضر لإعادة إصلاح وترميم المقبرة بما يحفظ كرامة الشهداء وذويهم.
لقد تجنبت وغيري كثيرين الخروج إلى الإعلام، كما أنني تجنبت ولسنوات طالت الحديث في الأمر، لكن تضارب الروايات و «تطنيش» البعض، قد خلق في داخلي وداخل الكثيرين من أبناء شهداء سجوا في تلك المقبرة، حالة من الجرح المعنوي.
لقد تجنبت أيضاً وطيلة أعوام مضت وعلى طول سنوات عديدة، ساهمت فيها بكتابة مقالات مختلفة، مناقشة قضايا شخصية، ولربما قناعتي بأن الأمر إنما هو شأن عام، لا يمس كرامة مئات عائلات الشهداء الراقدين في تلك المقبرة فحسب، بل كرامة الشهيد العربي الفلسطيني، إينما كان، وكرامة شعب بأكمله، هو ما دفعني صراحة للكتابة اليوم.
وقبل أن أغوص في الأمر وأخرج عن دبلوماسية الطرح، أدعو الأطراف ذات العلاقة إلى توضيح الأمر، كما أدعو السلطات السورية إلى السماح بإعادة تأهيل المقبرة.
إن رفات وجثامين شهدائنا في دمشق، أو المحتجزين حتى اللحظة في مقابر الشهداء الإسرائيلية، هي أثمن من كل ما يخص المحتل، وهي كانت وستبقى مثار اهتمامنا ومتابعتنا ما حيينا.
أتوقف هنا على أمل أن نكسر جميعاً صمت القبور!
|