|
رمضان في ظل كورونا أعباء اضافية وطقوس مختلفة
نشر بتاريخ: 18/04/2021 ( آخر تحديث: 18/04/2021 الساعة: 17:12 )
طلّ علينا منذ أيام شهر رمضان المبارك، وكنا ننتظره بفارغ الصبر، فاشتقنا لأجوائه وطقوسه، اشتقنا للأحبة والسهر وموائد الطعام مزينة بالأهل والأصدقاء والجيران، واشتقنا لنستمتع بصلاة التراويح وزيارة المساجد وإحياء ليلة القدر، اشتقنا للدعاء، فالدعاء في رمضان له نكهة مميزه وطقوس روحانية مختلفة. ها نحن نستقبله هذا العام بأجواء أفضل بقليل من العام الماضي، فجائحة كورونا قد أفسدت علينا وعلى العالم أجمع طقوس حياتنا، جمعاتنا، وطلعاتنا، ورحلاتنا، سفرنا واستمتاعنا بزيارة مدن العالم والترفيه عن أنفسنا وأسرنا، فقد استطاع الناس تقريبا أن يتأقلموا بأجواء التباعد، ولبس الكمامات، واستخدام المعقمات، وبدأوا يتقبلون أخذ التطعيمات، وبدأوا يشاهدون العالم وقد بدأ يعود للحياة الطبيعية تدريجيا، ويا ليتنا نعود مثلهم. ونحن في فلسطين، وخلال شهر رمضان المبارك، لدينا طقوسنا الخاصة، وعاداتنا التي ورثناها أبا عن جد، ونطمح أن يرثها أبناؤنا ليورثوها لأبنائهم وأحفادهم، فهنا تعلمنا منذ نعومة أظفارنا، أننا نكبر بكبيرنا، ونهتم بصغيرنا، نرحم الناس ونتفقدهم، ونفكر بهم وندعمهم، تربينا منذ أيامنا الاولى أن نقف احتراما للكبير، ونعطف على الصغير، تعلمنا أن الحياة مدرسة، وأن ما نقدمه من خير سنجده. وهنا قد نقف قليلا ونستذكر طقوسا عشناها لسنوات، كنا وخلال شهر رمضان المبارك، نقدم التبرعات للمستحقين من الاهل والأصدقاء والجيران، كنا ندعوهم للافطار، ونزورهم ونتواصل معهم، كنا وأثناء زياراتنا نشاهد بام أعيننا الاوضاع التي تعيشها الاسر، فندعمهم ونخفف عنهم، ونوفر لهم الطعام والاحتياجات الاخرى من نقود وحلويات وكسوة العيد للأطفال ليفرحوا كباقي الاطفال، كنا نعيش لحظات لا يمكن وصفها ونحن نعطي ونقدم لمن يحتاج ويستحق، فلا يعرف قيمة العطاء الا من أعطى. أما هذا العام، فالأوضاع الاقتصادية غاية بالسوء، فالكساد التجاري كبير، والبطالة في ازدياد، وجزء كبير من عمال المياومة فقدوا أعمالهم، وبعض المصالح التجارية اغلقت بعد عام يعد الأسوء اقتصاديا وصحيا واجتماعيا، وجاء رمضان هذا العام ليضيف عبأ اخر على الاعباء الموجوده في معظم البيوت، فمصاريفه كبيرة وكثيرة، والصائم دوما يشتهي كل ما لذ وطاب. ان معظم الاسر الفلسطينية وتحديدا في قطاع غزة الحبيب، تعيش ظروفا استثنائية غاية في التعقيد، فالحصار مستمر، والفقر في تزايد، والتمويل محدود، والمشاريع قليلة مقارنة مع الاكتظاظ السكاني والبطالة المتفشية، وانعدام الأمن الغذائي، وتلوث مياه الشرب، وانقطاع التيار الكهربائي معظم ساعات اليوم، ناهيك عن كورونا وتفشي الوباء، وقلة الدعم المتوفر للأسر المصابة، كل هذا يزيد من مسؤولياتنا تجاه أهلنا هناك، فهم بحاجة لكل أشكال الدعم والمساندة على مدار العام وخصوصا خلال شهر رمضان المبارك. وهنا لا بد من كلمة نلخصها لمن يفكر بتقديم المساعدات خلال هذا الشهر المبارك، فعديد المؤسسات تعاني أوضاعا اقتصادية غاية في الصعوبة، وقد شاهدنا أثناء زيارتنا للعديد من المؤسسات الازمه المالية وتداعياتها، فمراكز الايواء ودور رعاية المسنين، والمؤسسات التي تعنى بالايتام والمعاقين، جميعها تعاني من أزمة مالية خانقة للعام الثاني على التوالي منذ جائحة كورونا. وعلينا أن لا ننسى كذلك مستشفى الدكتور كمال للطب النفسي والمعروف باسم مستشفى بيت لحم للأمراض العقلية والنفسية، وأيضا الملجأ الخيري الارثوذكسي في العيزرية، وجمعية اكرام المسنين في حلحول بمحافظة الخليل، وأيضا بعض الجمعيات والمؤسسات المنتشرة في ربوع الوطن والتي تقدم خدماتها النفسية والاجتماعية والارشادية والتعليمية للفئات المختلفة، فهذه المؤسسات والجمعيات تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة ومن ضائقة مالية كبيرة بسبب جائحة كورونا ونقص التمويل ووقف بعض المشاريع، وكذلك بسبب الضغوط السياسية المفروضة على فلسطين والتي أثرت على كل مناحي الحياة هنا. فمعظم الجمعيات والمؤسسات وكذلك الأفراد، ينتطرون شهر رمضان ليأتي ومعه الخير الوفير، يتمنون أن يستمر رمضان لأكثر من شهر في العام، فالخير مربوط بهذا الشهر الفضيل ، والتبرعات والمساعدات مربوطة كذلك بهذا الشهر، والكل ينتظر من يدفع التبرعات، وأموال الزكاة، ويتذكر المحرومين والفقراء ويمد لهم يد الخير. اننا مطالبون كأفراد وكقطاع خاص أن نكثف من الدعم والمساندة خلال شهر رمضان المبارك، وأن نقلل من مصاريفنا اليومية لصالح الاسر المعدومة والمحرومة، فهذا الشهر هو الشهر الذي يطيب فيه الخير والتبرع والعطاء، فلا تتركوهم وحدهم يقاسون مرارة الفقر والحرمان . الكاتبه: الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا. والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني . |