|
وجهُ القدس
نشر بتاريخ: 06/05/2021 ( آخر تحديث: 06/05/2021 الساعة: 22:32 )
المتوكل طه للقدسِ وجْهٌ آخرٌ يُعطي المآذنَ صوتَها، ويُعيدُ للجرسيّةِ البيضاءِ ما افتقدَ الحَمامُ من الهديلِ، ويحملُ امرأةً تبيعُ الخضرواتِ إلى السبيلِ.. لتفرشَ النعناعَ شالاً للطريقِ، ولا تُعدّدُ ما لديها في السلالِ.. فكلُّ ما في الأمرِ، قالت: قد أرى الفَرَسَ المُجنّحةَ السريعةَ في البُراقِ، وقد أُسلّم باليدين وبالعيونِ على النبيّ المُصطفى - صَلّوا عليهِ - وربّما ألقى المسيحَ.. فعندها سيُعيدُ لي وَلَدي، ويُبْرئُ صدْرَهُ من صَلْيةِ القنّاصِ.. أو ألقى الطَّهورةَ مريمَ العذراءَ تمشي في الطريقِ! لَسوفَ أجثو، ثم أُلقي وجهيَ الباكي على أقدامِها، وأضُمُّها، وأُعانقُ النُّورَ البَتُولَ.. وقد أقولُ: أنا وأنتِ الثاكلانِ، وذابِحُ الاثنينِ واحدْ. للقدسِ وجهُ القوسِ، ألواناً من الكَرزِ المُشِعّ، وسَرْبِ أطيارٍ من النهرِ الدّفوقِ، وجُرحِ ليلٍ يشربُ النارِنْحَ والتوتَ الصبوح، وغُرّةِ المُهْرِ الجموح، وشَهقةِ التينِ المُشَطّبِ، وانفعالِ الياسمينِ على الوسائدْ. والقدسُ قلبٌ في ضلوع شقائقِ النعمانِ، في صَدْرِ الزمانِ، ونبْضـُهُ في كلّ حَدْبٍ راكعاً لشواهدِ الصبّارِ في وَهجِ القُرى، ويعودُ يرفعُ رأسَهُ ليرى انحناءَ السنديانِ على المعابدْ. للقدس وَجهٌ قد يراهُ الناسُ، لكنَّ العيونَ بِكُحْلِها وبسِحرِها الناريِّ إنْ قَدحَتْ غيوماً أرعدتْ بَرْقاً يُضَفْضِفُ في شرايينِ السواعدْ. والقدسُ خَاتمُ عُرْسِنا الأبديِّ، منديلُ الزَّفافِ، ورقصةُ الجَمَراتِ في ذَهبِ القلائدْ.. ونشيدُنا بمسيرةِ المفتاحِ: هاجرَ ثم قاتلَ.. فهو عائدْ. والقدسُ من وجعِ القصائد. |