وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نبيل عمرو يكتب لمعا عن صفد هنية وصفد عباس

نشر بتاريخ: 17/05/2021 ( آخر تحديث: 17/05/2021 الساعة: 14:22 )
نبيل عمرو يكتب لمعا عن صفد هنية وصفد عباس

هذه الجولة من القتال الشرس، وهذا الانتشار الواسع للحريق المنبعث منها، وهذا العناد الفلسطيني المحق، والإصرار الإسرائيلي على مواصلة حرب الراية البيضاء المستحيلة.

كل هذا يعالج فلسطينيا وإقليميا ودوليا تحت عنوان التهدئة،فهنالك من يريدها دائمة كهدف بحد ذاته وقطباها أمريكا وإسرائيل، وهنالك من يريدها وفق اجتهاد بأنها لو تحققت فسوف تخلق مناخا مواتيا لاستئناف الجهود السياسية التي سقفها المتفق عليه حل الدولتين، وهنالك من يريدها مجرد فرصة لالتقاط الانفاس استعدادا للجولة التالية.

الدرس الرئيس الذي انتجه واقع ومجريات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ بداياته وعلى مدى كل فصوله المشتعلة والهادئة، هو ان التهدئة الدائمة ستظل مستحيلة اذا لم تحمى بتسوية دائمة، وبالتالي فإن الأكثر واقعية والحالة هذه ان الرماد يخفي جمرا ولكنه لا يلغي اشتعال الحريق من جديد.

ماذا سيفعل الإقليم وماذا سيفعل العالم؟؟

ان المقدمات الملموسة تقود دائما الى نتائج ملموسة اكثر،فالاقليم والعالم يسعيان الى تهدئة مؤقتة او دائمة ذلك بفعل اليأس من إمكانية الذهاب الى تسوية نهائية، فلا إسرائيل تفكر في ذلك اذ ما يزال وهم استسلام الفلسطينيين لأمرهاالواقع يراود عقول وقرارات صناع السياسية والحرب فيها، ولا أمريكا مهتمة بذلك امام أولوياتها المستجدة التي انتجها إعصار ترمب داخليا وخارجيا، ولا أوروبا الأكثر تحمسا للتسوية الدائمة تملك قدرة ما فوق الصفر في هذا الاتجاه ، اما العرب الذين صرخت السيدة الغزية وهي تخرج من تحت الأنقاض اين انتم فهم ليسوا في وارد محاكاة المعتصم فالصارخات من تحت الأنقاض في بلدانهم اكثر بكثير من نظيراتهن في غزة.

الأفق الإقليمي والدولي مغلق باحكام امام إعادة العمل نحو تسوية دائمة مع قدرات متراجعة في انضاج تهيئة طويلة الأمد.

اذا ماذا يتعين على الفلسطينيين ان يفعلوا وهم لا يملكون قدرة لاقناع الذات بأن نافذة التسوية يمكن ان تفتح .

بعد ان يأتي الهدوء الذي يلي جولات القتال الساخن والذي سيسبق الاشتعال القادم، ينبغي التخلص من آفة التباهي وفق منطق... قتالنا رفع رأس الامة عاليا وسياساتكم احنت الرؤوس وشرعت الاستسلام، ومنطق كهذا يجر منطقا اكثر خطورة على واقع شعب مفروض عليه وبارادته كذلك ان يتحد فيالمعاناة من الاحتلال وما يفعل، اذ لا يُكتفى والحالة هذه بالانقسام السياسي والجغرافي والكياني، بل يتعمق لينتج انقساما نفسيا حول فهم الوطنية وكيفية تجسيدها.

لابد من استبدال منطق السجال هذا بمنطق اكثر واقعية وعدالة، وهو مراجعة التجربة من كل جوانبها وليس هذا هو المطلوب من جهة دون أخرى بل من اطراف السجال جميعا، ليس من اجل اظهار الاجماع على الهدف بل وعلى الوسيلة قبل ذلك .

الفلسطيني هو من اكثر شعوب الأرض عطاءا وتضحية من اجل قضيته، من اجل حريته واستقلاله وعودة لاجئيه فهو ليس بحاجة لاثبات بطولته كما انه ليس بحاجة لمجرد اسماع صوته للعالم على أهمية ذلك، انه بحاجة لان يجني إنجازات سياسية توفر له إمكانية المواصلة حتى نيل حريته واستقلاله وهذا لن يتم اذا ما تواصل السجال المقيت بين وطني وخائن ومتمسك بالحق ومفرط به .... سجال كهذا لا يمكن في الحالة الفلسطينية ان يحسم لمصلحة احد طرفيه.

كذلك فإن شعار " الضربة التي لا تميتنا تقوينا" يمكن ان يكون حقيقيا اذا ما توفرت له عناصر القوة فالضربات يمكن ان تكون قاتلة اذا لم تحسن معالجة آثارها، وهنا ينبغي في فترة الهدوء طالت ام قصرت اقتربت او ابتعدت، ان ينصرف الجهد بكل الجدية والمسؤولية لمعالجة آثار الحرب وخصوصا على الصعيد الاجتماعي، وهنا يكمن الفرق بين الاكتفاء بشهادة البطولة وشهادة الجدارة في تحقيق أهدافها الأساسية فلا جدوى من الأولى ان لم تكمّلها الثانية.

التحدي الذي الخصه بسؤال كيف نبني على البطولة الأسطورية حقائق سياسية تحقق نتيجتين مترابطتين، الأولى تأمين وحدة وانسجام وفاعلية الجبهة الداخلية، والثانية التقدم نحو الأهداف الرئيسية للشعب الفلسطيني.

ان جولات الحرب غير المتكافئة ماديا على كل جبهاتها بين الفلسطيني والإسرائيليين، برهنت أخيرا عن ان من يخلق الحقائق على ارضه يخلق الفرص، ومن ينتظر من الاخرين ان يخلقوا له فسيموت كل يوم وهو جالس على مقاعد الانتظار.

ملاحظة ليست متصلة تماما بالسياق... لفت نظري تكرار صديقي إسماعيل هنية لعبارة صفد لنا عدة مرات فهل هذا تذكير لمحمود عباس بمسقط رأسه ولزوم دخولها فاتحا ام ان وراء الاكمة ما ورائها ... سنرى في قادم الأيام.